رؤية ورأي

إلى محمد جوهر حيات

تصغير
تكبير

استمعت قبل أيّام إلى تسجيل صوتي لمداخلة جريئة منسوبة إلى الإعلامي محمد جوهر حيات في غرفة افتراضية مُسمّاة «نادي لمن يجرؤ».

واستجابة لدعوته المفتوحة في ختام مداخلته إلى انتقاد مضامينها، ومن المنطلق ذاته الذي دفعه إلى التعقيب على المداخلات التي سبقت مداخلته، وهو الأمانة في كشف بعض الآراء والممارسات السلبية المتداولة بين شباب «الحركة الإصلاحية»، أكتب هذا المقال الأخوي الموجه إليه أولاً، وإلى عموم الشباب ثانياً.

ضمن مسعاه للمساهمة في وقف التراشق بين أنصار فريقي كتلة الـ(31) ومنع تفكّكها، طالب بوجوهر الشباب بالكف عن النبش في السير البرلمانية لنوّاب المعارضة، ودعاهم إلى التركيز على مواقفهم الإصلاحية الحالية، بحجة أن كل إنسان خطّاء وله مواقف سيئة في عالم السياسة.

وأضاف أن المهم هو أنهم طوّروا أنفسهم ونضجوا سياسياً، فالتحقوا بالمعارضة الوطنية، ولذلك يستحقّون التصفيق.

رغم أن دعوة بوجوهر تبدو منطقية، إلا أنها خطيرة لأنها بُنيت على مغالطة مفادها أن هؤلاء النوّاب نضجوا سياسياً. فمعظم الذين ذكر بوجوهر أخطاءهم الماضية، لم يقرّوا بخطئهم ولم يتبنّوا أي مشروع يثبت نضج فكرهم السياسي.

فعلى سبيل المثال، النائب السابق صاحب المواقف السابقة المتطرّفة، الذي يعتبره بوجوهر أحد أصدق المعارضين حالياً، لم يعتذر حتى اليوم عن مواقفه المتطرّفة، ولم يتبنَ خلال فترة عضويته «بعد النضج السياسي» أي اقتراح بقانون مخالف لعقيدته السياسية المتطرّفة.

الأغرب من تلك الدعوة، هو مقاطعته أحد مديرَي الغرفة الافتراضية عندما كان ينتقد انقلاب الدكتور عبيد الوسمي على رؤيته الإصلاحية للدولة الدستورية التي كان يُنظّر لها على مدى عقد من الزمن.

هذه المقاطعة من قِبل بوجوهر أثارت لديّ تساؤلات، استوجبت عليّ معاودة الاستماع إلى كامل مداخلته قبل الخروج باستنتاجات.

بل إنها استدعت مني مشاهدة تسجيل اللقاء الذي استضاف فيه بوجوهر الدكتور حسن جوهر للحديث حول الحوار الوطني. وتبَدّى منهما أن بوجوهر يُجلّل ويُبجّل العديد من نوّاب ورموز المعارضة بدرجة أضرّت بموضوعية طرحه وتحاوره.

فعلى سبيل المثال، لوحظ أن بوجوهر في مداخلته بالغرفة الافتراضية كان يمدح ويثني على موقف الدكتور حسن في الحوار الوطني بعد كل انتقاد لاذع للحوار ذاته وللمشاركين فيه.

وبالنسبة لاستضافته الدكتور حسن جوهر، تميّز بوجوهر في إعداد الأسئلة، إلا أنه لم يُوفّق في المحاورة، لأسباب عدّة، منها السماح للدكتور بالتوسّع والتشعب في إجاباته، بحيث مدّد اللقاء إلى ما يزيد على الساعتين، في حين المعلومات التي كان وما زال الشعب ينتظرها في شأن الحوار الوطني لا تتطلّب أكثر من ساعة واحدة.

في ذلك اللقاء، اكتفى بوجوهر بطرح الأسئلة، وقصّر في دوره كمحاور. والشواهد متعدّدة، ولكنني سأكتفي بالإشارة إلى موقفه من إجابة الدكتور حول سرّية الحوار الوطني.

حيث سمح للدكتور بالتهرّب من مسؤوليته كمحاور في هذا البعد، وذلك بتسليطه الأضواء على اقتراح الدكتور نشر تسجيلات ومضابط جلسات الحوار، وتلميعه الاقتراح، رغم أنه يُدين الدكتور في المقام الأول، لأنه يتعارض مع واقع قبول الدكتور شرط السرّية منذ بداية الحوار، ومساهمته ومشاركته في فرضها على الشعب. كالمسعف الذي يُعلّمنا كيف نُضمّد جِراح مصاب هو شارك في طعنه وتقاعس عن إسعافه.

أقول للأستاذ بوجوهر وعموم الشباب المطالبين بالإصلاح، قوّموا النوّاب والرموز قبل أن تؤيّدوهم وتحصّنوهم.

فمن يتقلّب في مبادئه، كالنائب الذي لم يستجب قبل أشهر لرغبة سمو الأمير بتمكين الحكومة الحالية من القسم لمنحها فرصة للعمل، ثم في الحوار الوطني يستجيب فوراً لدعوة من وزير الديوان ويلتزم تماماً بإرشادات مستشارَي الديوان، هذا المتقلّب قد يمتلك مهارات التكسّب، ولكنه بكل تأكيد يفتقد مقوّمات الإصلاح... «اللهم أرنا الحق حقاً وارزقنا اتباعه».

abdnakhi@yahoo.com

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي