في مقابلة مع وزير التراث والسياحة العماني سالم بن محمد المحروقي، على قناة العربية في برنامج (مقابلة خاصة)، تم توجيه السؤال الآتي له: ألا تعتقد أن عمان متأخرة في السياحة؟ فأجاب بالنفي، وأنه كانت هناك أولويات في السنوات الماضية تسبق الاهتمام بالقطاع السياحي، مثل التعليم والصحة وتشييد البنية التحتية، وأن كل تلك الأمور تشكّل روافد رئيسية لبناء قطاع السياحة، ويعتقد أنهم يمرون بالتجربة ذاتها التي مرّت بها أوروبا، حيث إن أوروبا لم تتمكن من دخول مرحلة الانتعاش السياحي إلا بعد الحرب العالمية الثانية.
وقال في اللقاء ذاته، بأنهم في وزارة التراث والسياحة يعملون بصمت.
في الحقيقة، لا أعلم من أين أتى معالي وزير التراث والسياحة العماني بتلك المعلومة الخطأ التي ذكرها حول أن أوروبا لم تكن منتعشة سياحياً قبل الحرب العالمية الثانية! بل الحقيقة أن أوروبا كانت منتعشة سياحياً من قبل الحرب العالمية الثانية، وكان السياح يأتونها من كل أنحاء العالم من أجل الراحة والاستجمام والسياحة العلاجية وسياحة التسوّق، وغيرها.
وأما عن الأولويات التي ذكرها معالي الوزير التي لا بد أن تسبق أولويات القطاع السياحي في البلد، فأقول لمعاليه إن تاريخ تأسيس سلطنة عمان الحديثة هو في 23 يوليو 1970، مع حكم جلالة السلطان قابوس، رحمه الله تعالى، أي ما يقارب من 50 سنة، فهل يرى معاليه بأن الـ 50 سنة التي مضت لم تكن كافية للانتهاء من تشييد البنية التحتية للبلد والاهتمام بقطاعي الصحة والتعليم؟! وهل هذا هو السبب الوحيد الذي يعتقد معاليه بأنه وراء التأخر السياحي في عمان ؟!
ألا يعلم الوزير المحروقي بأن هناك دولاً عديدة حصلت على استقلالها بعد استقلال عمان عام 1970، وهي الآن تعتبر من الوجهات السياحية المميزة في العالم؟!
ثم لماذا معاليه يريد أن يعمل بصمت؟! لا يا معالي الوزير لا تعمل بصمت، بل اعمل بضجيج الجهد والعزم والتخطيط والتنفيذ، فلكل عمل دؤوب صوت ضجيج يخبر بأن قطار العمل ركب السّكة
وانطلق باتجاه نهايته.
معالي الوزير لا تعمل بصمت، فأنا كمواطن عربي وخليجي وكويتي يهمني أن أرى عمان تنافس سياحياً أوروبا وتركيا وبلاد شرق آسيا، خصوصاً أنها دولة عربية مسلمة، عادات وتقاليد أهلها بإطارها العام تشابه عادات وتقاليد بقية شعوب مجلس التعاون الخليجي وشعوب الدول العربية الأخرى، وكذلك لأن الله تعالی وهب عمان جغرافيا مميزة في معظم مناطقها، وبالذات في منطقة ظفار ذات المساحة الأكبر، حيث تمر عليها مواسم استثنائية في كل عام، تجعل الدهشة والروعة تسكنان في سهولها ووديانها وجبالها، وفي عيون الماء والشلالات وفي بهجة انتشار اللون الأخضر وتدرج ألوانه الخلابة في كل شبر فيها.
معالي الوزير لا تعمل بصمت، لأني كمواطن عربي وخليجي وكويتي أعشق عُمان في كل اتجاهاتها الأربعة، ولقد كتبت عنها في السابق مقالين، هما: (عشقي صلالة) و (أنا وصلالة وبن شماس)، ولأني أيضاً منذ سنوات طويلة أسافر لعمان في كل عام مرّة ومرّتين ويهمني أن أعرف متى ستتطور السياحة في البلاد التي أعشقها وترتاح نفسي فيها ويهدأ بالي في ربوعها.
معالي الوزير لا تعمل بصمت، بل اعمل بصوت مسموع وواضح لكل قلب يعشق سلطنة عمان، سواء كان صاحب ذلك القلب عمانياً أو أنه يحمل جنسية أخرى، لنعرف أفكاركم وجهودكم السياحية من أين ستبدأ، وإلى أين ستمتد، وإلى أين ستصل، وكيف سيكون شكلها على الخريطة العمانية، ولنفهم أيضاً ماذا ينتظرنا من مشاريع سياحية طال انتظارها جداً.
معالي الوزير لا تعمل بصمت، بل اجعل أكبر الشركات العالمية السياحية وأصحاب رؤوس الأموال يسمعون عن الاتجاه الجديد للسلطنة في نيتها الجادة، وعزمها الكبير في الالتفات للقطاع السياحي لتنميته وتطويره، وجعله من القنوات المادية المهمة التي تدُر الأرباح على البلد.
معالي الوزير لا تعمل بصمت، بل اعمل بصوت الثقة وقدم خططك السياحية والتراثية تحت ضوء المسؤولية، حتى يعرف الجميع أن هناك حقبة جديدة من التقدم والتطور والنماء سوف تعيشها سلطنة عمان في الزمن الراهن.
عاشق عمان
ومحبك
حسين الراوي.