حينما تسيطر المادة على الإنسان وتغلب على عقله ونفسه إلى درجة أنها تفسد فكره وسلوكه، يصير عابداً للمال، ولا يرى فى الدنيا إلا المال، يفكر في ممتلكاته من أول يومه إلى آخر لحظة قبل نومه، معظم حديثه وتركيزه على المال والثروة، يستمتع بحساب ما لديه من مال، ويفكر فيما يملكه بعد وفاة أحد أقاربه، وكما قال الحسن البصري: «لكل أمة وثن، وصنم هذه الأمة الدرهم والدينار».
عابد المال يفقد كل معاني الأخلاق في سلوكه، ويظهر ذلك في تصرفاته مع الآخرين، فقد يماطل في دفع أجر من يعمل لديه ولا يعطي كل ذي حق حقه، وقد يكذب من أجل المصالح المادية ويرضى بالكسب الحرام، كثير من عباد المال يقاتل ويرتكب الجرائم دفاعاً عن ماله، يؤذي الناس عامة، ويضحي بأفراد أسرته وراحتهم مقابل تجميع المال، فيعيشهم في ذل وهوان وحرمان، ويحرم نفسه من حاجاتها لأجل المال، فالشخص البخيل يمكن أن يصبح ضحية بخله، يصعب عليه أن ينفق على نفسه في حالات يجب فيها صرف المادة لأجل حياته أو صحته أو عائلته فيكون هو الضحية، فهو بخيل لدرجة أن أمواله أهم من كل ما في حياته.
تعيش هذه الفئة في حالة نفسية سيئة، يشعرون بالقلق والحذر والاضطراب، ولا يثقون في أحد وينظرون دائماً إلى الناس بنظرة الشك والريبة، ومن شدة حرصهم على المال يصيبهم الخوف والانغلاق على الذات، وعند التعامل مع تلك الشخصية، علينا أن نتعايش معها ونتقبلها ولا نتأثر بها، ولا يكون الرابط معها إلا المعاملة الطيبة، ولعلك تغير من سلوكه إلى الأفضل، فالبخيل لا يستمتع في حياته بما يملك، وقد تكون ثروته نقمة عليه إن حَرَمَ نفسه منها، وَحَرَم غيره من الذين يستحقون شيئاً منها، فعلى الإنسان أن يعلم أنه بعد الرحيل لن يأخذ معه المال، وسوف يرجع ماله لغيره.
aalsenan@hotmail.com
aaalsenan @