الرأي اليوم

عام في عمر الكويت

تصغير
تكبير

كم كان عاماً يشبه قيادة السفن إلى بر الأمان.

رحل الكبير، زارع ورود السلام في حقول الإنسانية، وبقيت الكويت تحصد في غيابه نتائج وساطاته ومساعيه لجمع الشقيق مع شقيقه، وإعلاء الحوار لحلّ الخلافات، وحفظ الجوار، ودعم المحتاج وإغاثة الملهوف.

قبل عام، غادرنا إلى دنيا الحق الأمير الشيخ صباح الأحمد وأكمل الرسالة صاحب السمو الأمير الشيخ نواف الأحمد وولي عهده الأمين الشيخ مشعل الأحمد. رسالة الكويت المُستقرّة داخلياً، الآمنة، الحاضنة لشعبها بالخير والمحبة.

رسالة الحكم العادل المُرتكز على الرؤية والهيبة والديموقراطية والحريات، رسالة العهد والعقد مع أهل الكويت وهي الصيغة الفريدة من نوعها في العالم.

رسالة اليد الممدودة للتعاون والصداقة مع الشقيق والقريب والبعيد. رسالة الدور الإنساني العابر للحدود إلى... القلوب.

صاحب السمو الشيخ نواف الأحمد رغم حزنه العظيم على الفقيد الكبير، أعطى مثالاً في انتقال الحكم واستمراره ومتابعته، تولّى قيادة السفينة بكل اقتدار إلى موانئ الاستقرار برؤية الحكيم ودعم الوليّ الأمين والتفاف أهل الكويت حوله وهم يرون فيه الأب قبل السياسي والعادل قبل القائد والمؤمن المُستلهِم قيم الحق في كل قرار على قاعدة «رأس الحكمة مخافة الله».

لم يكن العام الأول من الحكم مفروشاً بالورود، وهو ليس كذلك في أي دولة في العالم خصوصاً مع جائحة كورونا التي شلّت البلاد وأرهقت العباد.

كبرت التحدّيات الاقتصادية وتبلورت مُعطيات سياسيّة جدّية فرضتها تغيّرات اللعبة الديموقراطية ومناخ الحريات الذي ميّز الكويت تاريخياً، ومع ذلك تعاطت القيادة مع ذلك كله من ضمن مجموعة مفاهيم أهمها: الرهان على وعي الكويتيين وخبرتهم ومتابعتهم للتجارب ونتائجها.

الرهان على خيار الكويتيين الحرّ بالالتفاف حول شرعيتهم.

الحزم في إيصال رسائل لمن يهمّه الأمر بأن الأمن والاستقرار والوحدة المجتمعية خطوط حمر لن يسمح لأحد لا في الداخل ولا في الخارج بتجاوزها.

العزم على متابعة تكريس سيادة القانون على الجميع بلا استثناء ومكافحة الفساد وسوء الإدارة والبيروقراطية والترهّل الحكومي.

المضيّ في معالجة مشاكل التنمية بواقعيّة شديدة مع مُصارحة وشفافيّة حول الواقع المالي والمعوقات المصاحبة.

فتح القلوب قبل الأبواب لحديث مباشر مع الجميع.

حديث لا يخلو أحياناً من عتاب أبويّ وتنبيه وتوضيح الصورة وإضافة مُعطيات جديدة على وقائع قد تكون غائبة، وبالتأكيد التوجيه من «كبير العائلة» والتشجيع المُستمر لمتابعة المواقف الإيجابية على كل المستويات.

متابعة نهج الراحل الشيخ صباح الأحمد في السياسة الخارجية وتكريس الوفاق حيثما حلّ التدخّل الكويتي سواء تعلّق الأمر بالبيت الخليجي أو العربي أو دول الإقليم.

لم تغب بصمات الكويت عن التقارب الخليجي العراقي ولا عن العربي التركي، ولم يكن غريباً على الإطلاق أن الاتصالات الأكثر كثافة بين المغرب والجزائر عقب قطع العلاقات في الأيام الماضية كانت كويتية.

عام مرّ منذ رحيل الشيخ صباح الأحمد. كان الانتقال السلس هويّة المرحلة، وكانت التحدّيات طبيعة الحكم.

ونحمد الله أن النوخذة الأمير الشيخ نواف الأحمد ووليّ عهده الأمين الشيخ مشعل الأحمد كانا النموذج في القيادة وأن التحديات مهما كبرت تبقى تحت سيطرة التجارب التاريخيّة التي أثبت فيها الكويتيون أنهم مع حُكّامهم في قارب واحد.

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي