بداية لا نشك في صدق النوايا، لدى كثير من رجالات الكويت الأوفياء، الذين يشفقون على ما وصل إليه حال الوطن والمواطن.
ولكن صدق النوايا لا يكفي لتصحيح المسار، ما لم يمارسوا دورهم في إصلاح ذات البين إن وجد، وتحديد الأدوار المنوطة على كل جهة، ثم عقد مجالس متخصصة لإدارة أزمة الكويت الراهنة على وجه الخصوص.
الكل له حق في أن يختلف ويخالف من يشاء وكيفما يشاء، لكن ليس من حق أحد أن يحوّل هذا الخلاف إلى نار.
ليس من حق أحد أن ينقلب على مقدراتنا الدستورية، ليطالب بنسف هذا الإرث التاريخي.
ألا إن الكويت لها رئتان، إن تلفت إحداها ضاق الخناق بنا واشتد النفس، أولاها المكتسبات الشعبية من خلال مجلس الأمة، وثانيها حرية التعبير والرأي الهادف البناء.
الكل يجمع على أن مشكلاتنا ليست في قدم قوانين وتشريعات الدولة مع ما فيها من قصور، وليس في دستورها ومواده وتفسيراته.
إن أزمتنا في الإنسان الكويتي. لا بد أن نعترف بهذا ولا نقدس ذواتنا أكثر من اللازم.
لقد تشكّل «الإنسان الكويتي الحديث»، بعد أزمة الغزو العراقي، وبسبب تراكمات نفسية وفكرية وثقافية تشكّلت في عقل الوطن الجمعي الباطن.
تشكّلت لديه مفاهيم باطنة مثل إلغاء الآخر والكفر بالجار، وعدم الثقة بالصديق واستغلال ما يمكن استغلاله.
لقد تشكلت لدينا بعض من القيم الانتهازية، كالأنانية وحب الذات و«أنا ومن حولي الطوفان»... لقد أثرت حرب الخليج علينا فأصبح البعض يرى الكويت «شركة نفطية»، عليه أن يأخذ حصته... «حاله حال غيره»، ولا عزاء للأجيال القادمة.
تشكلت لدى شبابنا «حب التفلت من العمل»، والرغبة في التملك لأقصى حد ممكن، والخوف من المستقبل المظلم والمهدد لكيان الوطن، والذي جعل الكثيرين يبحثون عن بدائل لمستقبل أفضل.
كل هذه التشكيلات وضعت للمواطن الكويتي هوية جديدة، لم يعهدها من قبل.
هويتنا اليوم تشكّلت في اللاشعور، وقد لا نراها أو نعلم بها... لكنها تظهر على السطح أحيانا، فتتشكل بين فينة وأخرى على هيئة أزمة مالية أو أزمة سياسية أو أزمة رياضية.
إن أزمتنا أيها السادة هي في الإنسان الكويتي - وليس غيره - فمن أراد الإصلاح فليوجه جهوده نحو الإنسان.
ولكل أجل كتاب.