بوح صريح

تنازلت عن أمومتي

تصغير
تكبير

وعدت نفسي أن أجتهد لأكون أماً مثالية قدر المستطاع. خصوصاً أنني لم أعش تجربة الأمومة الكاملة مع أمي بسبب التفرقة مع باقي إخوتي، وهذا أمر مرّ وانتهيت منه، سامحت فيه لكنني لم أنسَ.

لذا حين أنجبت ابنتي الوحيدة. أردت أن أعوض كل ما كان ينقصني. وأعيش الأمومة في أكمل وأجمل صورها. وحصل فعلاً حتى قبل ست سنوات تقريباً. حين غادرت وطني بحثاً عن أفق رحب أعبر فيه عن رأيي وأنشر فيه كتبي. فلا أواجه نيابة ومنعاً وتهديداً ووعيداً. فلجأنا للحيلة أنا وهي لنختصر المسافات وساعدتنا وسائل التواصل على ذلك. وكنا حين نلتقي مرتين في السنة نعوض ما فاتنا.

ثم جاءت كورونا وأغلقت المطارات، وامتد الحظر شهوراً طويلة، ثم ضرورة شرط شهادة التطعيم... ثم عدم توافر طيران مباشر... و... وصارت الحواجز تتصاعد بيننا، أنا وهي وباتت الأمومة سراباً وحلماً بعيداً لكثرة العراقيل والعقبات. وعدت مجدداً لامتحان الاشتياق والغياب والصبر.



كيف «لا أكون أماً» بعد أن كنت أماً، كيف أمسح هوية الأمومة، من صفاتي وأعود لمجرد امرأة لكن ليست أماً. وهل هذا يجعلني ناقصة كأنني أفقد عيناً أو أذناً أو يداً... هل كنت كاملة بالأمومة واليوم صرت عمياء أو خرساء... ولماذا لا أستطيع تجاوز الأمر.

لماذا عجزت كتبي ولوحاتي وإنجازاتي ونجاحاتي في تعويض عن أمومتي وغياب ابنتي. أم أنها أكاذيب نضحك بها على أنفسنا فنقول صدر لي كتاب... أو أقمت معرضاً!

وكيف تستطيع بعض الأمهات تجاهل ونسيان أبنائهن وأنا لا استطيع. قالت لي زميلة تشكيلية معروفة... أتمنى سفر ابنتي واستقلالها بالعيش في مدينة أخرى لأحظى بوقتي وحريتي!

وكم حسدتها على ذلك. فأنا أعيش حريتي في مدينة أخرى لكنني لا أريدها. فلو خيرت... لاخترت أن أكون مع ابنتي لكنني لا أستطيع تحقيق ذلك، وهذا يفكك وجودي ويجعلني مختطفة ومستلبة من ذاتي... من عقلي وإحساسي.

يبدو أنني تنازلت عن أمومتي - مرغمة - وكأن التاريخ يعيد نفسه. فلا استطعت أن أوفي بوعدي لنفسي أو لابنتي. ولذلك أنا أعتذر. من كل قلبي أعتذر.



الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي