تعرّف السياسة لغةً بأنها معالجة الأمور، وتعرف اصطلاحاً بأنها رعاية شؤون الدولة الداخلية والخارجية، أو فن توزيع النفوذ والقوة ضمن حدود المجتمع، وتوصف بأنها: فن المُمكن في الزمن المُمكن، وفن المستحيل في الزمن المستحيل، وفن المُمكن في الزمن المستحيل أو فن المستحيل في الزمن المُمكن.
انقسمت المعارضة الكويتية إلى مجاميع شتى متناقضة في ما بينها، هذا ما تؤكده البيانات الصادرة عن تجمعاتها وتصريحات قادتها، فهم مختلفون بدايةً حول توقيت وأهمية عزل رئيسي البرلمان والحكومة، مروراً بانفراد بعضهم بمستوى خطاب متدنٍ منافٍ للقيم والأعراف ومدفوعين بالصراع السياسي، وانتهاء بدور البعض في تعطيل مبادرة العفو الشامل عن المهاجرين هرباً من أحكام نهائية بالسجن لجرائم سياسية.
وجود هذه الخلافات يحول دون اتخاذ قرار التهدئة أو التقارب مع خصومهم، خوفاً من انقسام مؤيديهم من العامة أو فقدان زخم الغضب الذي أشاعوه في المجتمع، معتمدين على إثارة العاطفة دون أصل لها من الحقيقة، الأمر الذي يجعل من الحكمة أن يعمل طرف الأزمة الآخر (الحكومة) في الخفاء على دعم قائد للمعارضة، لديه من القبول والمؤيدين ما يكفي، ليعلن موافقته على التهدئة إنقاذاً للمعارضة من التفكك والسقوط، لأهمية دورها في النظام الديموقراطي.
إن اشاعة الفوضى في المجتمع والدولة بحجة التعرّض للظلم والغبن من رئيسي الحكومة والبرلمان ليست بالحجة التي تليق بالسياسي المحترف، بل هي عجز عن المواجهة وذلك ليس من خصال المناضلين والمصلحين، فالعمل السياسي أساسه نزاع في الرأي حول الغايات الموحدة تتجاذبه عوامل عدة لضبطه، منها القدرة على صناعة الحلفاء ولخلق الضغط السياسي المطلوب داخل البرلمان على الخصوم، ولا يعيب الحكومة ولا الأعضاء اختيار حلفائهم والاعتماد على دعمهم طالما كان ذلك منسجماً مع الدستور واللائحة الداخلية ويهدف إلى إنجاز الغايات الوطنية، ليس بالضرورة على أكمل وجه «دفعة واحدة»، وإنما كي أنال المأمول يجب أن أقرّب في كل مرة، أو المضي في محاولة قد تنتهي بتحققه.