«الراي» استطلعت آراء الفنانين الذين تباينت آراؤهم

تكويت النصوص العربية... وأثرها على الهوية الوطنية

تصغير
تكبير

- عبدالإمام عبدالله: خطوة جيدة إذا كانت النصوص عربية ومواضيعها مؤثرة وتخدم المشاهد
- عبدالرحمن العقل: السينارست الشاطر هو البطل في عملية تحويل النص من عربي إلى كويتي
- باسم عبدالأمير: سبقنا إليها فنانون كبار... فالفنان الراحل عبدالحسين عبدالرضا قدّم أعمالاً مصرية بعدما تم تكويتها
- مناف عبدال: تكويت الأعمال العربية يؤثر على الهوية الكويتية وبشكل واضح
- حمد النوري: عندما نأخذ نصاً من مصر أو سورية... يحتاج إلى إعادة كتابة
- محمد الكندري: ما زلت أميل للفكر الخاص بالمؤلف النابع من خياله وبيئته
- عبدالله الفريح: يمكن أن نأخذ من هذه النصوص ما يخدم بلدنا وفيه أهداف سامية ومفيدة للمشاهد
- محمد النشمي: لا مانع إن كان الكاتب عربياً ولكنه يعيش في الكويت... فالبتأكيد هو يعمل بأطباعنا وعاداتنا

«مع أو ضد تكويت الأعمال العربية؟» و«هل هذه الأعمال تؤثر على الهوية الكويتية؟»... سؤالان وجهتهما «الراي» للفنانين والكتّاب والمنتجين والمخرجين، ممن اختلفت وتباينت آراؤهم حول تأثير تكويت الأعمال العربية على الهوية الكويتية...

فهناك من قال إنه معها وهناك من رفض فكرة التكويت...

والسبب أن الأعمال العربية بها مساحة كبيرة من الحرية التي لا تناسب مجتمعنا الكويتي وكذلك الخليجي، إلا أنه في المقابل هناك من استرجع ذكرياته واستشهد بأعمال قديمة عرضت على تلفزيون دولة الكويت هي بالأساس نصوص عربية.

«أميل لهذا الشيء»

البداية كانت مع الفنان عبدالإمام عبدالله الذي قال «إذا كانت النصوص عربية ومواضيعها مؤثرة وتخدم المشاهد، فأنا أعتبر تكويتها خطوة جيدة ولا أرى أن هناك فرقاً، فالمشاكل التي تحدث في البلاد العربية هي نفسها التي تحدث في جميع المجتمعات.

فالقضايا التي تطرح في الدراما معروفة مثل الحب أو القضايا الاجتماعية والاقتصادية أو مشاكل الأسرة وغيرها، ولكنها تختلف فقط بالأداء، ولو ضربنا مثال على ذلك جمهورية مصر العربية، فالمؤلفون هناك عددهم كبير والمواضيع متعددة، فما المانع من أخذ منهم نص جيد يتماشى مع حياتنا المجتمعية وتكويته، وأنا أميل لهذا الشيء بشكل كبير».

وأضاف «غير صحيح أنها تؤثر على الهوية الكويتية. فما نطرحه من مواضيع وقضايا في المسلسلات لا يعني به أننا نفتح عيون الناس عليها ونطلب منهم تطبيقها، فمثال على ذلك لو قدمنا عملاً به شخصية حرامي، فهل هذا يدل على أننا نقول للناس (بوقوا)؟... لا، بالعكس فنحن من خلال نوعية القضايا المطروحة نوجه الناس للطريق الصحيح ونقدم رسالة هادفة، القصد منها إيصال رسالة للمعنيين بالموضوع المطروح لعلهم يلتفتون له».

«سينارست شاطر»

أما الفنان عبدالرحمن العقل، فكان له رأي يقول به «نحن طول عمرنا ومن زمان نعرض أعمالاً عربية مكوّتة من أيام تلفزيون الكويت وأذكر المسلسلات التراثية الأندلسية، والتي أقصد بها الفنتازيا، مثل (السندباد)، و(الإبريق المكسور) كتبها مؤلفون مصريون فإذا كان العمل العربي جيداً وفكرته جميلة لا أرى أن هناك مشكلة في تكويته بشرط تقديمه بأسلوب آخر يناسب البيئة الخليجية والمجتمع الكويتي تحديداً».

وتابع «هنا لا بد أن أذكر نقطة مهمة وأن تكويت العمل يعتمد على وجود (سينارست شاطر) فهو البطل في عملية تحويل النص من عربي إلى كويتي علماً أن التغير ليس في الحوار فقط فهذا أمر سهل ولكن الصعوبة في تحويل النص كاملاً».

وأكمل «النصوص التي يتم تكويتها تمر باختبار من الرقابة ورقابتنا شديدة جداً وحريصة على أن يكون العمل مناسباً لطبيعة حياتنا بداية من إجازة النص ونهاية عندما يتم تصويره فهاتان المرحلتان تكون الرقابة متابعة لها جيداً، فإذا وجدت المسلسل مناسباً لعاداتنا وتقاليدنا سمحت بعرضه وإذا كانت هناك سلبيات وملاحظات عليه أخبرتنا لإزالة هذه الملاحظة وتقديمه بشكل أفضل، وهنا أود أن أقول إن هناك فنانين كبار كتبوا لهم مؤلفون عرب، ونحن نعلم ذلك، ولكن في المقابل نحن لدينا فنانون عمالقة ولهم تجارب في التاليف ناجحة جداً. وعملية تحويل الأعمال من عربية إلى خليجية هي

ليست في الكويت فقط، بل حتى في الخليج يأخذون أعمالاً عربية وأجنبية ويقدمونها بالشكل المناسب لهم ولمجتمعهم».

«سبقونا فيها فنانون كبار»

ولفت الفنان والمنتج باسم عبدالأمير أن تكويت العمل العربي يعتمد على نوعية النص، «فإذا كان مكتوباً بطريقة ممكن تكويتها مع الحفاظ على الفكرة بحيث يكون مناسباً لعاداتنا وتقاليدنا وثقافة المجتمع، فلا أجد أي مانع من تكويت مثل هذه النصوص».

وأكمل «شخصياً، كانت لي تجربة في مسلسل (خمس بنات) من تأليف الكاتب والسيناريست المصري مصطفى محرم وكان من 50 حلقة وعرضته على شاشة الـ MBC بشكل مناسب للمجتمع الخليجي وبفنانين كويتيين وخليجيين.

وأستذكر هنا أن عملية تكويت الأعمال العربية سبقنا إليها فنانون كبار، فالفنان عبدالحسين عبدالرضا - رحمة الله عليه - قدم أعمالاً مصرية بعدما تم تكويتها».

«ضد التكويت»

في المقابل أعرب المخرج مناف عبدال، عن وقوفه ضد الطرح، بقوله «أنا ضد تكويت النصوص العربية، ولا أفضلها لأن هناك اختلافاً كلياً بين مجتمعنا والمجتمعات العربية، فالمؤلفون هناك يكتبون حسب طبيعة حياتهم والبيئة التي تناسبهم ولديهم مساحة كبيرة من الحرية. أما نحن، فتحكمنا حياة مغايرة لهم لناحية العادات والتقاليد وطبيعة المجتمع إلى جانب الرقابة، فهي تحكمنا بما نقدمه من أعمال تلفزيونية لتكون مناسبة للأسرة وللبيت الكويتي، وأنا شخصياً

أتمنى أن يكون الكاتب كويتياً لأنه ابن الوطن ويعرف متطلبات واحتياجات المجتمع الذي نعيش به».

وأشار إلى أن «تكويت الأعمال العربية تؤثر على الهوية الكويتية وبشكل واضح، فنحن مجتمع مترابط ولدينا قيم صعب أن نتجاهلها وأنا كمخرج أراعي من خلال المسلسلات التي أقدمها أن الأسرة هي التي تشاهدني وليس الشباب فقط، لذلك في أعمالي أحرص على تسليط الوضع على واقعنا لأنني أتبع في إخراجي المدرسة الواقعية الـ(Reality)».

«تكويت النصوص ليس حدث اليوم»

ويرى المخرج حمد النوري أنه يبحث عن سبب تكويت النصوص العربية، ومتى نلجأ لعملية تكويت النصوص من الخارج «فأتوقع لسببين الأول القيمة المادية للنص (منخفضة)، والثاني لا يوجد عمق في النصوص المحلية. فإذا كان الهدف هو البحث عن القيمة المنخفضة، فهذا معناه أننا نريد أن نقدم عملاً تجارياً، وفكرنا بالمادة أكثر من محتوى المسلسل وما يقدمه من مواضيع.

أما إذا كان فعلاً لا يوجد لدينا عمق في محتوى النصوص، فبرأيي أن كل دولة تختلف بطبيعة حياتها الاجتماعية وبمشاكلها وبأسلوب معالجة قضاياها عن الأخرى».

وأضاف «لهذا، عندما (نأخذ) نصاً من مصر أو سورية أو أي دولة عربية، فهو لا يحتاج إلى معالجة درامياً فقط، بل يحتاج إلى إعادة كتابة وهذه المرحلة دقيقة جداً، فهل أنا أكوّت فقط بالشكل من دون التغيير في نوعية القضية أو المشكلة التي يتطرق إليها العمل؟».

وأردف «هناك قضايا لا تناسب المجتمع الكويتي، فان لم يتم تكويتها بشكل صحيح، سيكون العمل بعيداً عن المشاهد ولا يشعر بأن من واقعنا وربما يسيء لعاداتنا وتقاليدنا، علماً أن تكويت النصوص هو ليس حدث اليوم، بل حدث قديم جداً وهناك نصوص كثيرة تم تكويتها (من غير ذكر أسماء) ولكن تمت معالجتها بشكل صحيح والتي جعلت من العمل مناسباً لهويتنا».

وتابع «تأثيرها هو تشويه صورة المجتمع في حال عدم القدرة على تكويت النص بشكل صحيح، فعلى الرغم من أننا نعاني من شح في كتّاب النصوص الكوميدية إلا أننا نملك فنانين يملكون القدرة على إضافة الكوميديا على النص المسرحي.

لهذا، أستبعد أن نقوم بتكويت النصوص العربية الكوميدية، وبالمقابل لدينا كتاب دراما متميزين ولكنهم بحاجة إلى عناية واهتمام أكثر، فإن توافرت لهم هذه الأشياء سوف تنشط الحركة الفنية وتتألق الحركة المسرحية والدرامية ونبتعد عن جلب الأعمال العربية».

«أميل لفكر المؤلف»

وبدوره، يقول الكاتب محمد الكندري أنه «إذا كانت القضية المطروحة في العمل العربي تناسب فكر أو توجه المشاهد الكويتي بشكل خاص والخليجي بشكل عام، فلا مانع، ولكن مع التنويه بأن هذا العمل منقول.

وأنا ضد فكرة التكويت من أجل التكويت فقط لا غير، وفي الوقت ذاته ما زلت أميل للفكر الخاص بالمؤلف النابع من خياله وبيئته».

وأضاف «العمل الفني هو عمل للجميع وليس فقط موجه لهوية محددة، فالهوية الكويتية لا تتأثر بعمل درامي من وحي الخيال وأظن أن المشاهد قد تجاوز هذه المرحلة وهي مرحلة العمل الذي يؤثر على الهوية أو هذا الجانب غير موجود في مجتمعنا، مع العلم أنه يوجد لدينا في الكويت خليط من الكتاب الممييزين المخضرمين والشباب، ويملكون فكراً وثقافة، ولهم أفكارهم وتوجهاتهم الممتازة الموجودة حالياً وتثري عالم الدراما بالشيء الذي نفتخر به».

«خيارات كثيرة»

ولفت الفنان عبدالله الفريح إلى أنه مع فكرة تكويت النصوص العربية «لأنه من الممكن أن نستفيد من أفكار وتوجهات كتّاب ومؤلفين عرب، ونوسع الطابع الدرامي بشكل أكبر وندمج ثقافات عربية متنوعة في الدراما الكويتية بشكل عام ويصبح لدينا أكثر من فكرة أو توجه، حتى لا نستمر على نمط واحد وتكون عندنا الأفكار ليست محدودة ويكون لدينا خيارات كثيرة لناحية اختيار القصة وحبكها بطريقة درامية كويتية بحتة».

وتابع «تأثيرها يعتمد على الكتاب الذين يقومون بتكويت هذه النصوص. والمسؤولية تقع أيضاً على المنتجين والمخرجين وحتى الممثلين، إذ إننا يمكن أن نأخذ من هذه النصوص ما يخدم بلدنا وفيه أهداف سامية ومفيدة للمشاهد ونستخدم الأحداث التي تتماشى مع مجتمعنا الكويتي بحيث لا يؤثر أي حدث من أحداث القصة ويترك الخلل والسلبيات التي نحن في غنى عنها، وبهذا الشكل نجعل هذه النصوص بعد تكويتها لا تؤثر على الهوية الكويتية».

«فاقد لروح المجتمع الكويتي»

أما الكاتب محمد النشمي، فعاد بذاكرته عندما كان عمره 16 سنة، مستذكراً مسلسل «عزف الدموع» الذي «كتبت قصته وأسندت مهمة السيناريو والحوار للمؤلف المصري أكرم سالم، وعندما عرض العمل ظهر بشكل فاقد لروح المجتمع الكويتي وأصبح قريباً جداً من الحياة المصرية. لهذا أرفض تكويت الأعمال العربية».

وفيما استشهد بهذه التجربة التي تركت لديه انطباعاً غير جيد، أوضح «كيف يمكن أن نستقطب عملاً كتبه مؤلف لم يعش حياتنا ولا يعرف شيئاً عن طباعنا»، مستدركاً «لا مانع إن كان الكاتب عربياً ولكنه يعيش في الكويت، فبالتأكيد هو يعمل بأطباعنا وعاداتنا».

وأضاف أن «تكويت النصوص العربية له تأثير على المجتمع، فالعمل يكون فاقداً للهوية وغير صادق وينقل صورة المجتمع الكويتي بشكل غيرصحيح».

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي