اختراع جديد يحلل انبعاثات عينات الدم ويعطي نتيجة في غضون دقائق
أنف إلكتروني... «يشُم» السرطانات بدِقّة عالية!
أعلن علماء وباحثون في جامعة بنسلفانيا وكلية بيرلمان للطب في الولايات المتحدة أنهم قد نجحوا من خلال دراسة مشتركة جديدة في ابتكار «أنف إلكتروني» (e-nose) فائق الحساسية يستطيع أن «يشم» الخلايا السرطانية بدقة عالية وبسرعة غير مسبوقة من خلال قيامه بتحليل مكونات روائح الأبخرة المنبعثة من عينات الدم.
وقد تم استعراض هذا الابتكار يوم الجمعة الماضي أمام الاجتماع السنوي للجمعية الأميركية لعلم الأورام الإكلينيكي.
فإلى مزيد من التفاصيل حول هذا التطور التقني الطبي الجديد...
أوضح العلماء في سياق ورقتهم البحثية أن الأنف الإلكتروني الذي ابتكروه يعتمد على تقنيات «التعرُّف على الروائح» (olfaction) لفك تشفير مكونات المركبات العضوية المتطايرة (VOCs) التي تنبعث من الخلايا في عينات بلازما الدم، مشيرين إلى أن هذا الابتكار سيوفر طريقة فحص وتشخيص سهلة وغير تداخلية للكشف عن سرطانات يصعب تشخيصها كسرطان البنكرياس وسرطان المبايض.
وإلى حد كبير، تتشابه طريقة عمل تقنيات التعرُّف على الروائح مع طريقة عمل حاسة الشم لدى الثدييات عموماً، حيث تقوم مجسات استشعارية بالتقاط مكونات الرائحة ثم تنقلها إلى مركز ذكي لتحليلها وتحديد نوعها وطبيعتها.
ومن خلال تقنيات الذكاء الاصطناعي (AI) والتعلم الآلي (ML)، درَّب الباحثون الأنف الإلكتروني الذي ابتكروه على القيام برصد وتحديد هوية المركبات العضوية المتطايرة الأكثر ارتباطاً بالخلايا السرطانية وتلك المرتبطة بالخلايا المأخوذة من عينات الدم السليمة وإعطاء نتيجة في غضون 20 دقيقة أو أقل.
وقال البروفيسور تشارلي جونسون، الذي شارك في هذه الدراسة الرائدة وسيتولى مهمة استعراض تفاصيل الابتكار اليوم أمام الاجتماع السنوي للجمعية الأميركية لعلم الأورام الإكلينيكي: «النتائج التي تم تحقيقها تبدو واعدة للغاية.
فالبيانات الأولية لتجاربنا تُظهر أنه يمكننا من خلال هذا الأنف الإلكتروني رصد واكتشاف أنواع صعبة من الأورام السرطانية في مراحلها المبكرة والمتقدمة، وهو أمر مثير للاهتمام حقاً.
وسنطور هذا الأنف بحيث يصبح مناسباً للاستخدامات الإكلينيكية (السريرية)، وعندئذ سيكون أداة مثالية لإجراء فحوصات دم سريعة للكشف عن السرطانات، ومن الممكن أن يصبح جزءاً من الفحوصات الطبية الروتينية السنوية. وأوضح الباحثون أن جهاز «الأنف الإلكتروني» الجديد مزود بمجسَّات استشعار تعتمد على تقنية النانو، وهي مجسات تمت معايرتها بدقة متناهية لتقوم بالتقاط واكتشاف مكونات «المركبات العضوية المتطايرة» (VOCs) التي تنبعث من خلايا وبلازما الدم على شكل أبخرة ذات روائح معينة.
وكانت دراسات سابقة أجراها الباحثون أنفسهم قد أثبتت أن تلك المركبات العضوية التي تنبعث من خلايا وبلازما دم المرضى بسرطان خبيث تختلف عن تلك التي تنبعث من عينات دم المرضى المصابين بأورام حميدة.
وخضع للتجارب 93 مريضاً متطوعاً، من بينهم 20 مريضة مصابة بأورام مبايض سرطانية خبيثة، و20 مصابات بأورام مبايض حميدة و20 مريضة مصابة بأورام مبايض ناجمة عن التقدم في العمر، و13 مريضاً بسرطان بنكرياسي خبيث، و10 مرضى مصابين بأورام بنكرياسية حميدة، و10 مرضى لديهم أمراض متنوعة أخرى في البنكرياس.
ونجحت مجسَّات الأنف الإلكتروني في تمييز الأبخرة المنبعثة التي تحوي مركبات (VOCs) سرطانية خبيثة بدقة بلغت 95 في المئة لدى مريضات سرطان المبايض، وبنسبة 90 في المئة لدى مرضى سرطان البنكرياس. وبنسبة قريبة من ذلك، نجح الأنف الإلكتروني أيضاً في اكتشاف جميع المرضى المصابين بالسرطان في مراحله المبكرة، وبلغ عددهم 8 من بين جميع أفراد العينة.
وقد بدأ فريق الباحثين فعلياً في التنسيق مع شركة متخصصة في مجال التجهيزات الطبية لتتولى تصميم جهاز الأنف الإلكتروني الجديد بشكل يناسب العيادات والمستشفيات وإنتاجه بكميات تجارية استعداداً لبدء تسويقه لأغراض الفحوصات والتطبيقات السريرية.