رؤية

ومعها نريد معارضة رشيدة!

تصغير
تكبير

يهمنا بعد نحو الستين عاماً من الممارسة الديموقراطية بنجاحاتها وعثراتها والاستقرار السياسي، الذي تعيشه البلاد - حتى وقت قريب - نتيجة الالتزام بها والإيمان بمبادئها في الحرية والعدل والمساواة، ورغم المصاعب والمثالب وتأخر التجربة واضطراب الفهم لدور المعارضة في رفاه المجتمع ورخائه والحفاظ على أمنه وثرواته وإقامة العدل فيه، يهمنا أن تعيد المعارضة البرلمانية تنظيم صفوفها، وترقى إلى مستوى المسؤولية السياسية والأخلاقية في طرحها، وهي مسؤوليات واضحة ومحددة بين التشريع والرقابة والتطوير، أما إشاعة النبذ الطبقي الذي قد يُفرض على بعض النواب والسياسيين - فليست حقاً لأحد ولا هي من المهام الوطنية، بل تمثّل مخالفة للدستور ولنظام البلاد الديموقراطي وللتوافق بين الأمة ومؤسسة الحكم القائم منذ نشأة البلاد قبل نحو أربعمئة عام ووثقه دستورها عام 1962 ومؤتمر جدة اكتوبر 1990.

وصف أرسطو العلاقة بين طبقة رأس المال والدولة بأنها علاقة تكافلية Symbiosis وبأنها الحزام الأخضر الدائري الممتد الواقي للبلاد إذا حفظ العدل، وكان يؤكد أن العدل هو أساس الملك.

وفي «عِبَر» أو مقدمة ابن خلدون انصرف العالم الكبير للتأكيد على أهمية العدل في الأمة، وأنه مهمة الحاكم وديدنه، مؤكداً على ضرورة هذه العلاقة، وبأن الخطورة هي عندما يستبدل جيل الطبقة العليا بأجيالها الجديدة المتعددة الأهواء، والشديدة التمسك بمصالحها من محدثي النعمة الذين أسماهم «بخضراء الدمن».

إن أهم ما يؤخذ على المعارضة هو سطحية طرحها وتشنجه وقربه للسذاجة السياسية والشخصانية المفرطة، إذ يقوم على اتهام الرئيسين بالتفريط في مصالح الدولة والأمة من دون تقديم دليل واحد حقيقي، فضلاً على أن أطرافها يجتهدون دون كلل في حياكة أسباب تعطيل عمل المجلسين - ومن ذلك على سبيل المثال - عملهم على تعطيل قسم الحكومة ورفضهم إبطال المحكمة الدستورية لعضوية أحد قادتهم، والمطالبة بالعفو العام وتعطيل جلساته، كل هذا أحدثوه ضمن لغة حوار هابطة غير مسبوقة، وشيطنة حوارية سوقية ضد المجلس ومكتبه والأهم ضد أخلاقيات الأمة وأعرافها لم يسبقهم لمثلها أحد.

لقد آن أوان التغيير وتحمّل كل طرف مسؤولياته التاريخية، وأن علينا تأسيساً على إيماننا بمبادئنا الديموقراطية، الإيمان بحقوق الآخرين، ومنها إبداء الرأي والمشاركة في إدارة الدولة، كما وإن علينا واجب إدارة الدفة بحكمة ورشد ونوايا مخلصة، وغايات محددة أهمها زيادة الدخل بتنويع مصادره بالتصنيع والاستثمار والمساهمة المجتمعية بالضرائب وفقاً للدستور، تطوير مستوى الخدمات فتبطل حاجة المواطن لغيرها، ويكون هذا بتطوير مستوى مقدمي الخدمة كما هو الحال في قطر والإمارات مما يتيح اعتماداً أكبر على العناصر الوطنية في إدارة البلاد وتحديداً القطاع الخاص، الذي يديره الوافدون حالياً بأكثر من ثلثي قواه العاملة.

الكويت اليوم لا يجب أن تنشغل في مكافأة المجدين ولا في تأجيل أقساط المتعثرين، فهذه إجراءات يحسمها موظفو الدولة المنوطة بهم، ولسنا بحاجة للقاء الوزراء، فمهامهم تجاه الوطن والمواطن معروفة ومحددة، نحن بحاجة لتنمية شاملة للدخل ومستوى المعيشة تخلق وفرة وظيفية وطموحاً مجتمعياً بكويت جديدة واضحة المعالم و شفافة.

نريد تفوقنا وريادتنا ثانية، ومعها نريد معارضة رشيدة.

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي