رأي «الراي»

التعيينات «البراشوتية»

تصغير
تكبير

استمراراً لسياسة إفساد الإدارة، أو على الأقل تطويعها لخدمة المحسوبيّات والواسطات والصفقات، تتابع الحكومة الحالية برئاسة الشيخ صباح الخالد، أسلوب التعيينات بالمظلة أي «البراشوت»، بحيث «يهبط» على المنصب من ليس أحقّ به ويتولّى إدارة هذا المرفق المُهمّ أو ذاك من توافق عليه رئيس الحكومة مع شيخ أو نائب أو مُتنفّذ، فيما الذين تدرّجوا فيه بالأقدمية، وكانوا مثالاً للتفاني والخبرة والتألّق والنجاح، تخيب آمالهم وطموحاتهم في تقديم عصارة مسيرتهم المهنيّة ويضطرون إلى التعايش مع «أهل الثقة» لا الخبرة.

في الكثير من المرافق المُهمّة، يمضي المسؤول عمره في الإدارة. يتدرّج من أدنى السلّم الوظيفي إلى أعلاه. يخضع لدورات تدريبيّة واختبارات عمليّة. يتفوّق في عمله بل يصبح أحياناً رمزاً للنجاح والعطاء... ثم عندما يخلو المنصب الأعلى ويعتبر أن تقديره سيؤدّي طبيعيّاً إلى تعيينه هو من باب مصلحة العمل قبل أن يكون من باب مكافأته، يفاجأ بأن من «يهبط» على قيادة المرفق شخص لا خبرة له بشؤونه وشجونه وإنما تم تعيينه إما لأنه شيخ ولإرضاء أقطاب في الأسرة كما كان يحصل في السابق، وإما استجابة لطلب نائب في إطار صفقة يعتقد رئيس الوزراء أو الوزير المُختصّ أنها ستحميه من إطلاق النار السياسي، وإما لاستمالة تيّار سياسي مُعيّن أو تمنّيات «مُتنفّذ».

لا يجوز أن تتغيّر كلّ معايير المناصب القياديّة للتحوّل من الكفاءة إلى «الجينات»، ومن الخبرة إلى «جوائز الترضية»، ومن القدرة والنجاح إلى «الصفقات» أو «اتقاء الشر» أو «شراء الولاء». والمشكلة أن الحكومة التي يفترض أن تستميت لتعيين الشخص المناسب في المكان المناسب كي تذكر سياستها بالخير والإعجاب، تصرّ على النهج الخاطئ في التعيينات القيادية وهي تعلم: أن الشيخ الذي لا يتمتّع بمؤهلات قياديّة سيكون وقع إدارته سلبياً على من عيّنه ومن رشّحه.

وأن الشّخص الذي عيّنته لإرضاء نائب سيثبت في مكانه ويملأ الإدارة بأنصار النائب فيما سيتغيّر موقف النائب ويعيد التصعيد ضدها.

وأن من عيّنته لاستمالة تيّار سياسي سيعمل وفق أجندة التيار الذي أوصله، كما أثبتت التجربة أن التيّارات السياسيّة تلتزم أجندتها الخاصة وآخر همّها أجندة الحكومة.

وبذلك، تخسر الحكومة مرتين: الخبرة في القيادة والاختيار الخاطئ وظلم الكفاءات من جهة، وولاء ورضى من رشّح القيادات التي عينتها من جهة أخرى.

في العهد الجديد، استبشر الكويتيّون خيراً في ما يتعلق بموضوع تطوير الإدارة ووضع الرجل المناسب في المكان المناسب، كما استبشروا خيراً بأن هذا العهد سينصف الكفاءات التي تدرّجت في المنصب وأفنت عمرها في العطاء وهي الأجدر، بعيداً عن هذه العوامل، بإدارة المرفق الذي تعرف تفاصيله وخباياه وهو الأمر الذي يعتبر طبيعيّاً ومن سنن العمل والتطوّر. ولنتّفق جميعاً على أن عكس ذلك هو ظلم يقترب من حدود القهر، وينعكس سلباً على الإدارة... فهل يرضى المعنيّون باستمرار هذا الوضع السلبي وتمدّده أم أنهم سينتصرون لمبادئ حقوق المستحقّين من أبناء الكويت ومصلحة الإدارة؟

هذا الموضوع يكتب برسم العهد الجديد الذي عهدنا من رمزيه أنهما ما كانا يحابيان أحداً في موضوع الإدارة بمن في ذلك أقرب المقرّبين لهما، ورفعا شعار الإصلاح والشخص المناسب في المكان المناسب «واللي مو عاجبه يقعد في بيته أحسن له».

ويكتب أيضاً برسم النواب، وخصوصاً الشبان الذين تألقوا في أعمالهم ومهنهم وعرفوا أهمّية الكفاءة والحقوق والتقدير ونتائج الظلم والقهر. إلى هؤلاء نقول أوقفوا هذه المهزلة واحفروا أسماءكم بأحرف من نور في صحيفة تطوير الإدارة، وكونوا عوناً للكفاءات التي تنتظر منكم موقفاً، فالفساد نتيجة للخلل في الإدارة... ومعركتكم ضد الفساد تبدأ بالانتصار على هذا الخلل.

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي