بلال: السلبيات تمتد إلى مناحٍ فنية وصحية وبيولوجية وتدريبية ونفسية
التوقيت المبكر... «كابوس»
- اتحادات اختارت «أهون الشرين» ... وفضّلت التأجيل
بدا خوض المنافسات، وبالتحديد مباريات الألعاب الجماعية، في توقيت مبكر، بمثابة «كابوس» لم تحسن الشريحة الأكبر من الوسط الرياضي التعامل أو التكيف معه، ما حدا القائمين على عدد من الاتحادات إلى اختيار «أهون الشرين» أي إلغاء وترحيل الأنشطة إلى ما بعد فترة الحظر الجزئي، بدل إقامتها في أوقات مبكرة، سواء في الصباح أو الظهيرة أو العصر، حتى في أيام العطلة الأسبوعية .
هذا الوضع «غير المعتاد» دفع بأندية واتحادات إلى إطلاق صرخة لمنح رياضييها تصاريح عدم تعرض إفساحاً في المجال أمامهم لخوض المنافسات، في الفترة المسائية، وفي أوقات لا تتعدى الـ8:00 مساء على سبيل المثال، بل جاهرت بامتعاضها من «التمييز» الحاصل باقتصار الأمر على اتحاد كرة القدم.
وبعدما كان اتحاد الكرة الطائرة مقتنعاً بإقامة منافساته، في الفترة الصباحية والظهيرة، عاد ليقرر التأجيل، وهو ما فعله اتحاد كرة اليد الذي أعلن بأن ترحيل مسابقة الكأس «أفضل سبيل لتكافؤ الفرص فنياً رغم التأخير في الروزنامة». وحده اتحاد كرة السلة فضّل السير وفق «التواقيت المبكرة».
ووفق هذه المعطيات، يطرح سؤال مهم نفسه: «لماذا يعتبر التأجيل والتأخير أكثر رحمةً من التواقيت المبكرة؟ ولماذا تعد تلك التواقيت كابوساً؟».
يقول الخبير التدريبي المعروف في كرة السلة، عبدالله بلال، إن «السلبيات جراء التواقيت المبكرة لا تنبع فقط من كون اللاعبين موظفين وطلبة مرتبطين بمواعيد دواماتهم الصباحية فحسب، بل إن المسألة تتخذ مناحي فنية وصحية وبيولوجية وتدريبية ونفسية».
ويضيف: «هناك أمر مؤثر لا يملكه أحد سوى اللاعبين، ويتمثل في حساسية المباريات، وتشمل الاعتياد على إقامتها مساءً. إنه شعور رياضي بحت عشناه عندما كنا لاعبين واعتدنا عليه، بحيث إن الساعة البيولوجية لدينا تكيفت مع هذا العامل الزمني أكثر من سير المباريات فنياً».
وتابع: «ندرك أن غالبية اللاعبين والإداريين مرتبطون بدوامات صباحية، في غياب الاحتراف، لكن الأهم هو ما اعتدنا عليه. نعني عامل التكيف، إذ إن هناك جماهير تتساءل عن مغزى التدريب في موعد المباراة نفسه، وما قلناه خير إجابة عن هذا التساؤل، فما البال إذا أُجبر اللاعبون على خوض المنافسات في الفترات المبكرة بعدما اعتادوا لسنوات على خوضها مساءً. هذا يعني أنه سيتحتم عليهم أن يجروا تدريباتهم في الوقت المبكر نفسه للمباريات، أي أنهم سيواجهون عبئاً متزايداً لا يقتصر على اللقاءات بل يشمل التمارين، ما يؤثر على التزاماتهم الوظيفية أو التعليمية».
وشدد بلال على أن «المجهود الرياضي في الأوقات المبكرة يؤثر على سلوك اللاعبين لجهة ضرورة النوم المبكر وتغيير العادات الغذائية ومواعيد الوجبات، ما قد يخلق مشاكل صحية نتيجة أي تبديل مفاجئ وغير متدرج ومدروس».
وعن الحل المناسب، قال: «لا حل إلا بإنصاف شريحة الرياضيين وعدم التمييز بين كرة القدم والألعاب الأخرى، لأن التأثيرات السلبية تطغى على كل ما عداها، ومن هنا لا ألوم الاتحادات التي فضلت التأجيل واعتبرته أهون الشرين. التواقيت المبكرة تعد فعلاً كابوساً في عدد كبير من الألعاب، خصوصاً الجماعية».
وختم: «من استسلم لمنطق التواقيت المبكرة مثل اتحاد كرة السلة كان مجبراً ومعذوراً، إذ إنه مرتبط برفع نتائجه إلى الاتحادين الآسيوي والدولي وبروزنامة مواعيد من الصعب ترحيلها، كون هذه اللعبة تعتمد على البلاي أوف أكثر من خروج المغلوب السائد في ألعاب أخرى».