ألغت فوزه وقضت بإعادة الانتخابات في «الخامسة» لشغل مقعده البرلماني
المحكمة الدستورية تُبطل عضوية الداهوم: قانون «حرمان المسيء» صدر قبل انتهاء وقف تنفيذ العقوبة
- الإدانة بالمساس بالذات الأميرية تستتبع لزوماً تجريده من ممارسة حق الانتخاب والترشيح تبعاً لذلك
- «قانون 27 / 2016» نافذ منذ 29 يونيو 2016 والداهوم دِين في 8 يونيو 2014 بحُكم بات
- إعلان فوز الداهوم شابه عيب جسيم لا ينشئ لصاحبه حقاً... وهو والعدم سواء
- ثبوت عدم سلامة إجراءات عملية الانتخاب وعدم صحة عضوية الداهوم تغليباً لحكم الدستور
- الطعن على إعلان النتيجة هو طعن انتخابي من اختصاص المحكمة الدستورية
قضت المحكمة الدستورية، في جلستها برئاسة المستشار محمد بن ناجي، وعضوية المستشارين عادل البحوه، وصالح المريشد، وعبدالرحمن الدارمي، وإبراهيم السيف، أمس، بإبطال فوز النائب الدكتور بدر الداهوم في الانتخابات البرلمانية التي أجريت في 5 ديسمبر الماضي، وبعدم صحة عضويته في مجلس الأمة، مع ما يترتب على ذلك من آثار أهمها إعادة الانتخاب مجدداً في الدائرة الخامسة لشغل المقعد البرلماني الذي حصل عليه.
واستدلت المحكمة، في النطق بأحكامها في ثلاثة طعون على بطلان عضوية الداهوم، هي الطعون 11 و13 و15 لعام 2020، على أن المادة الثالثة من القانون 27 /2016 (قانون حرمان المسيء) قد نصت على العمل به من تاريخ نشره في الجريدة الرسمية، وقد نشر هذا القانون في جريدة «الكويت اليوم» بالعدد 1294 الصادر في 29 يونيو 2016، مشيرة إلى أن الداهوم تمت إدانته في تاريخ 8 يونيو 2014 بحكم بات من محكمة التمييز، في جريمة المساس بالذات الأميرية والطعن علناً في حقوق الأمير وسلطته.
ورأت أن هذه الإدانة في حد ذاتها تستتبع لزوماً تجريده من ممارسة حق الانتخاب بقوة القانون، ومن حق الترشيح تبعاً لذلك، من تاريخ نفاذ القانون المشار إليه في 29 يونيو 2016، والذي صدر قبل انتهاء مدة وقف تنفيذ العقوبة المقيدة للحرية في حقه بالجريمة سالفة البيان.
وأوضحت أنه ثبت أن المذكور قد تخلف في شأنه شرط جوهري من الشروط اللازم توافرها في عضو مجلس الأمة، طبقاً للدستور والقانون منذ هذا التاريخ، وكانت إرادة الناخبين قد وردت على محل معدوم غير صالح للاقتراع عليه، لا يولد أثراً، أو يكسبه مركزاً يُعتد به.
وبيّنت أن إعلان النتيجة بفوز الداهوم في الانتخابات بالدائرة الخامسة قد شابه عيب جسيم لا ينشئ لصاحبه حقاً، ويضحى هو والعدم سواء، بعد أن ثبتت عدم سلامة إجراءات عملية الانتخاب.
الحيثيات
الطعن انتخابي وليس إدارياً
وفي حيثيات الطعن رقم 15، بيّنت المحكمة أن الطعن أقيم على سبب واحد مبناه أن المطعون ضده محروم من حق الانتخاب ومحروم تبعاً لذلك من حق الترشيح، وبالتالي فإن إعلان فوزه وعضويته بمجلس الأمة يكون مشوباً بالبطلان بما يستوجب القضاء به، وإعادة الانتخاب مجدداً لشغل مقعده الانتخابي.
وأكدت أن الطعن على إعلان نتيجة الانتخاب ليس طعناً على قرار إداري مما يختص القضاء الإداري بطلب إلغائه، إذ لا يعد إعلان نتيجة الانتخاب إفصاحاً عن إرادة الجهة الإدارية، وإنما عن إرادة الناخبين، ومتى كان ذلك، وكان وجه النعي المثار في هذا الطعن ينصب في حقيقته على إجراءات عملية الانتخاب التي تمت بالدائرة الخامسة، وإعلان نتيجتها بفوز المطعون ضده الأول، بادعاء بطلان إعلان فوزه وبطلان عضويته لمخالفته الدستور وقانون الانتخاب، فإن الطعن بهذه المثابة يكون مندرجاً ضمن الطعن الانتخابي الذي تختص بالفصل فيه هذه المحكمة.
تفاصيل القانون 27 / 2016 وقد تضمن القانون 35/ 1962 في شأن انتخابات أعضاء مجلس الامة، النص في الفقرة (الثانية) من المادة (2) منه والمضافة بموجب القانون 27/ 2016 على أن يُحرم من الانتخاب كل من دِين بحكم نهائي في جريمة المساس بالذات الإلهية، أو المساس بالأنبياء، أو المساس بالذات الاميرية،، وقد ساقت المذكرة الايضاحية للقانون سالف الذكر المبررات التي دعت لهذا التعديل، بأنه صدر ابتغاء تجريد من أساء إلى المعتقدات والثوابت والرموز الدستورية ودِين عنها بحكم نهائي من ممارسة حق الانتخاب.
وأوردت المذكرة في هذا الصدد ان «هذا القانون قد أعد ليكون منسجماً مع ما تقضي به الفقرة الأولى من المادة (2) من القانون 35/ 1962 في شأن انتخابات أعضاء مجلس الأمة، إذ حرمت تلك الفقرة من الانتخاب من دِين بعقوبة جناية أو بجريمة مخلة بالشرف والأمانة ولو كانت جنحة، لقيام سبب قانوني في شأنه يؤدي إلى حرمانه من الانتخاب، ومعلوم أن تلك الجرائم تقع على أفراد عاديين أو مؤسسات عامة ذات شخصية اعتبارية وهي جرائم أخف وطأة من الجرائم الواردة في هذا القانون، بما يسوغ معه - من باب أولى - امتداد ذلك المنع لمن ارتكب جريمة المساس بالذات الإلهية او نال من قدسيتها، أو مس الانبياء، او تطاول على الذات الاميرية المحصنة بالدستور طبقاً للمادة (54) منه... وتقديراً لعظمة الذات الالهية، وتوقيراً للانبياء طبقاً للمادة الثانية من الدستور وحماية للذات الاميرية باعتبارها رمز الولاء للوطن والامة، يجب الإخلاص لها من ممثلي الأمة طبقاً للمادة (91) من الدستور، فقد اعد هذا القانون المرافق ليمنع من ممارسة حق الانتخاب بأثر مباشر من يوم نفاذه - وليعمل مقتضاه في الحذف من الجداول الانتخابية - كل من صدر عليه حكم نهائي بالادانة - أياً كان منطوق الادانة - في أي جريمة من الجرائم المذكورة. ومن ثم يعد عدم الإدانة بحكم نهائي في تلك الجرائم شرطاً جوهرياً لممارسة حق الانتخاب وما يستتبعه من حق الترشيح».
شرطان متكاملان ومفاد ذلك - وحسبما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن الأصل أن من توافرت فيه الشروط الواردة في المادة (82) من الدستور يصح له أن يترشح لانتخابات أعضاء مجلس الأمة، ويكمل هذا الأصل ما نصت عليه الفقرة (الثانية) من المادة (2) من القانون 35/ 1962 في شأن انتخابات أعضاء مجلس الامة المضافة بموجب القانون 27/ 2016، حيث نصت على حرمان كل من دِين بحكم نهائي في جريمة المساس بالذات الالهية، او المساس بالانبياء، او المساس بالذات الاميرية، ومن حق الانتخاب، وبالتالي فإن الشرط الثاني الوارد بالمادة (82) من الدستور والمتعلق بالشروط المتطلبة في عضو مجلس الامة، والنص الوارد في الفقرة (الثانية) من المادة (2) من القانون 35/ 1962 متكاملان لا يستقيم أن ينظر لاحدهما بمعزل عن الآخر، مما لازمه أن يشترط في عضو مجلس الامة الا يكون قد دِين بحكم نهائي في جريمة المساس بالذات الإلهية، او المساس بالانبياء، او المساس بالذات الأميرية ويحرم من حق الانتخاب ومن حق الترشيح وتبطل عضويته اذا ما تم انتخابه.
تطبيق مباشر لا رجعي
لما كان ما تقدم، وكانت عبارات نص الفقرة (الثانية) من المادة (2) سالفة البيان واضحة جلية، قاطعة صريحة في دلالتها، دون أن يملك أحد لها دفعاً ولا تعطيلاً، وكانت نصوص القوانين توضح لتنفذ، والالتزام بها، واعمال مقتضاها واجب لا فكاك منه طالما كان القانون قائماً ونافذاً، وكان هذا الحرمان من حق الانتخاب لا يحتاج لأن ينطق به القاضي في حكم الادانة بل هو ناتج عن القانون مباشرة، وأن الشرط الوارد في البند (ب) من المادة (82) من الدستور - بوجوب توافر شروط الناخب وفقاً لقانون الانتخاب في عضو مجلس الامة - ليس فقط شرطاً لاكتساب العضوية في مجلس الامة، وانما هو شرط صلاحية للاستمرار في عضوية المجلس، ويتعين أن يصاحبه طيلة فترة عضويته، وكان التعديل الذي طرأ على قانون انتخابات اعضاء مجلس الامة 35/ 1962 باضافة فقرة (ثانية) الى المادة (2) بموجب القانون 27/ 2016 بحرمان كل من دِين بحكم نهائي في إحدى الجرائم المنصوص عليها من حق الانتخاب، إنما يخاطب - بموجب قوة نفاذه الفوري وفق اثره المباشر - كل من تمت إدانته بحكم نهائي في إحدى الجرائم المنصوص عليها فيه، وأدركه هذا التعديل قبل انقضاء الاثار الجنائية لذلك الحكم، وهو ما يعد تطبيقاً مباشراً له، وليس تطبيقاً رجعياً، مما يترتب عليه حرمانه نهائياً من هذا الحق.
التجريد من حق الانتخاب والترشيح
اعتباراً من 29 /6 / 2016 متى كان ما تقدم جميعه، وكانت المادة (الثالثة) من القانون 27/ 2016 قد نصت على العمل به من تاريخ نشره في الجريدة الرسمية وقد نشر هذا القانون في «الكويت اليوم» في ملحق العدد (1294) السنة الثانية والستون الصادر في 29 /6 /2016، وكان الثابت من الاوراق ان المطعون ضده الأول (بدر زايد حمد الداهوم) قد تمت إدانته بتاريخ 8 /6 /2014 بحكم بات من محكمة التمييز في جريمة المساس بالذات الاميرية، والطعن علناً في حقوق الامير وسلطته، وان هذه الادانة في حد ذاتها تستتبع لزوما تجريده من ممارسة حق الانتخاب بقوة القانون، ومن حق الترشيح تبعاً لذلك منذ تاريخ نفاذ القانون المشار اليه في 29 /6 /2016، والذي صدر قبل انتهاء مدة وقف تنفيذ العقوبة المقيدة للحرية في حق (المطعون ضده الأول) في الجريمة سالفة البيان.
ورود إرادة الناخبين على محل معدوم لا يُولد أثراً
أو يُكسب مركزاً يُعتد به ومتى ثبت أن المذكور قد تخلف في شأنه شرط جوهري من الشروط اللازم توافرها في عضو مجلس الامة طبقاً للدستور والقانون منذ هذا التاريخ، وكانت إرادة الناخبين قد وردت على محل معدوم غير صالح للاقتراع عليه، لا يولد أثراً، أو يكسبه مركزاً يعتد به، فيكون اعلان النتيجة بفوزه في الانتخابات بالدائرة (الخامسة) قد شابه عيب جسيم لا ينشئ لصاحبه حقاً، ويضحى هو والعدم سواء بعد أن ثبتت عدم سلامة إجراءات عملية الانتخاب، وعدم صحة إسباغ صفة العضوية على (المطعون ضده الأول) تغليباً لحكم الدستور، ومن ثم فقد حق القضاء ببطلان انتخابه في الدائرة (الخامسة)، وبعدم صحة عضويته، وإعادة الانتخاب مجدداً في هذه الدائرة لشغل مقعده الانتخابي.
الناخبون يصوّتون لمرشح تتوافر فيه الشروط
أفادت المحكمة، في حكمها، بأنها سبق لها - في قضاء سابق - التأكيد على أن اختصاصها بنظر الطعون الخاصة بانتخاب أعضاء مجلس الأمة أو بصحة عضويتهم، منوط في الأساس بخوض المرشح الانتخابات، وهو مستوف لجميع شروط الترشيح، وتعلق الطعن بعملية الانتخاب ذاتها من تصويت وفرز وإعلان النتيجة، وما شاب عملية الانتخاب والإعلان عن إرادة الناخبين من مطاعن وأخطاء، وأن العضوية في مجلس الأمة أساسها إرادة الناخبين الذين يدلون بأصواتهم لصالح مرشح بعينه، ممن تتوافر فيه الشروط التي حتمها الدستور والقانون، فإذا سمح للمرشح بخوض الانتخابات وهو فاقد الشرط من شروط الترشيح سواء لأسباب سابقة أو معاصرة لعملية الانتخاب، فإن إرادة الناخبين في هذه الحالة تكون قد وردت على غير محل صالح للتصويت والاقتراع عليه حتماً، ولا يكون إعلان نتيجة الانتخابات بفوزه فيها متضمنا إعلاناً عن إرادة الناخبين.
لا حصانة لإدراج اسم المرشح في الكشوف
أكدت المحكمة أنه لا وجه للقول، بتحصن قرار إدراج اسم المرشح في كشوف المرشحين بعدم الطعن عليه، أو باكتمال مركزه القانوني بإعلان فوزه في الانتخاب، أو التحدي بحق مكتسب يستعصي على التغيير، وعلى ذلك فإن الطعن على الإجراءات التي تتعلق بانتخاب عضو مجلس الأمة - سواء أكان الطعن منصباً على إجراءات الانتخاب أو على فقدان المرشح الذي قام بخوض الانتخابات وأعلن فوزه فيها شروط الترشيح - ينطوي من ثم على طعن في عملية الانتخاب، لأن الفصل في هذا الشأن يؤثر بالضرورة وبحكم اللزوم على صحة عضوية من أعلن فوزه في هذه الانتخابات.
حق الانتخاب ليس طبيعياً بل يحصل عليه الأفراد من الدستور والقوانين
بيّنت المحكمة أنها على استقرار بأن الحق في الانتخاب شأنه شأن سائر الحقوق السياسية الأخرى ليس حقاً طبيعياً لكل فرد، بل لا يحصل عليه الأفراد إلا من الدستور وقوانين الدولة، وللقوانين المذكورة ألا تعترف بهذا الحق إلا لمن ترى أنهم أهل له، وهناك شروط يجب أن تتوافر في الفرد حتى يكون ناخباً، أي حتى يصبح متمتعاً بحق الانتخاب، وقانون انتخاب أعضاء مجلس الأمة يحرم من الانتخاب الأشخاص الذين سبق الحكم عليهم في جرائم معينة، باعتبار أنهم ليسوا لهم الحق أصلاً في الاشتراك في انتخاب أعضاء البرلمان، ولا أن يكونوا أعضاء فيه.
القضاء الإداري لا يستنزف اختصاص «الدستورية»
ذكرت المحكمة الدستورية أن اختصاص القضاء الإداري ببسط رقابته على القرارات الإدارية الصادرة في المرحلة السابقة على عملية الانتخاب واستنهاض ولايته بإلغائها، لا يستنزف بحال اختصاص هذه المحكمة ببسط رقابتها على عملية الانتخاب للتأكد من سلامتها والتثبت من صحة عضوية من أعلن فوزه فيها.