بلا حدود

دراسة حالة للوصول إلى العدالة (1 من 2)

تصغير
تكبير

وفّرت حادثة اقتحام مجلس الأمة الكويتي مناخاً خصباً للقاصي والداني من القنوات الفضائية، كما وهبت مادة دسمة للصحف الصفراء، وقدّمت صيداً ثميناً للأقلام الرخيصة؛ ونحن بذلك لا نلوم إلا أنفسنا ككويتيين لأننا نحن من يريد نحر الكويت على عتبات الشامتين، ونحن من يريد تقديم الكويت قرباناً للاعبين.

هذا من القاصي، أما من الداني؛ فلا زيادة لمستزيد على ما تفضّل به رجال العلم والمعرفة ورجال الصحافة أصحاب الأقلام الحرة، ورجال القانون - لاسيما المختصـّين في دراسة الدستور الكويتي، سواء عبر القنوات الإعلامية الكويتية الرسمية أو القنوات الإعلامية الكويتية الخاصة، على اختلاف مشاربهم وأطيافهم ورؤاهم لهذه الفاجعة المؤلمة؛ فكلهم كويتيون ونسيجهم واحد وهدفهم هو حب الكويت، وغايتهم الأمن والأمان والاستقرار والازدهار لهذا البلد الكريم الذي أعطاهم الكثير.

ولكننا بصدد حالة طارئة وجديدة على المجتمع الكويتي يجب قراءة مشهدها قراءة فنية تقنية، متأنية؛ فقد جاء اليوم الذي نقوم بما تقوم به الدول المتقدمة من دراسة الحالة.

إن أولى الخطوات لمعالجة هذه الحالة هو تشكيل لجنة أكاديمية مختصة تضم أغلب التخصصات من أقسام العلوم الإنسانية (الاجتماع، الخدمة الاجتماعية، علم النفس، الفلسفة، علوم سياسية، اقتصاد، تاريخ، جغرافيا، شريعة، حقوق، لغة...)، ثم بعد ذلك تقوم هذه اللجنة برسم طريقة العمل لمعالجة هذه الحالة وفق معايير ومقاييس أكاديمية، ووفق ضوابط إنسانية وأخلاقية بالخطوات الآتية: أولاً: حصر عدد من اقتحم مجلس الأمة بأمانة وإخلاص وفق تقارير وكشوفات وزارة الداخلية بالأدلة القاطعة دونما افتراء على أحد، لمقياس حجم المعارضة ككل مقارنة بتعداد السكان.

ثانياً: تصنيف الفئة العمرية لهؤلاء المقتحمين بدءاً من عشر سنوات إلى خمس عشرة سنة، ومن خمس عشرة سنة إلى عشرين سنة... وهكذا.

ثالثاً: حصر عدد الطلاب وتقسيمهم الجامعيين وسنوات دراستهم وكلياتهم وتخصصاتهم وانتسابهم للحركات الطلابية (ائتلافية، اتحاد إسلامي، مستقلة، وسط ديمقراطي، إسلامية حرة...)، وما ينطبق على الجامعة ينطبق على المعهد التطبيقي والمعاهد الأخرى، وهل خسارة إحدى هذه القوائم في الانتخابات الطلابية قد انعكس على هذه الحادثة - أعني اقتحام مجلس الأمة - وكم عدد طلاب المدارس المشاركين في هذا الاقتحام ومن يقف وراء زجهم من الأكاديميين أو التربويين ممن ينتمون إلى حركات سياسية ناشطة.

رابعاً: حصر عدد الموظفين ودراسة حالة لوظائفهم، وهل هناك ظلم وجور قد وقع عليهم من قبل وزاراتهم. وما ينطبق على الموظفين ينطبق أيضاً على أعضاء هيئة التدريس سواء في الجامعة أو في التطبيقي.

خامساً: كم عدد من شارك من النساء، وأعمارهن، حالتهن الاجتماعية، هل يعانين من اضطرابات أسرية.

سادساً: البعد الجغرافي؛ أين يسكن هؤلاء؟ أيسكنون في دائرة انتخابية واحدة، أم الأغلبية في منطقة معينة.

سابعاً: البعد الأمني، هل توجد سوابق لهؤلاء أو بعضهم ومعرفة هذه السوابق، وهذه التهم وفتح ملفاتها من جديد إذا كان هناك ظلم لأحد منهم. هل يحملون جنسية من بلد آخر بالإضافة إلى جنسيتهم الكويتية، وانعكاس ذلك على سلوكهم.

ثامناً: البعد الديني، سنة: من الإخوان المسلمين من السلفيين وانقساماتها من جماعة التبليغ من المتصوفة. شيعة: ومرجعياتهم، وهل هناك اضطهاد لفئة على حساب فئة أخرى؟ تاسعاً: البعد اللغوي، معرفة لهجاتهم هل هم من قبائل الجنوب، أم من قبائل الشمال، أم الحضر من شرق أم جبلة. مع حصر الألفاظ المستخدمة أثناء الاقتحام، ومعرفة العبارات والجمل التي تلفظوا بها، ومعرفة الرقصات الحماسية التي قاموا بها، ومعرفة هذه الرقصات من أي طيف من أطياف المجتمع الكويتي، قياس مستوى الصوت بشعاراتهم ومعرفة النبرة والنغمة ومساحة الصوت التي ستكشف عن مدى اعتراضهم على الوضع.

عاشراً: البعد الثقافي: لقد شاهدنا أن الغالبية العظمى ممن اقتحم مجلس الأمة من الشباب، والأسئلة الموجهة لهم: لماذا هذا الاقتحام؟ ولماذا هذا الاعتداء على ملكية عامة للدولة؟ وماذا تعرفون عن قضايا المال العام؟ وماذا تملكون من أدلة؟ وهل الحل باقتحام مؤسسة من مؤسسات الدولة ذات سيادة؟ وبعد جلسات عدة مع هؤلاء، لا شك ستصل اللجنة الأكاديمية المختصة إلى نتائج وفق نظريات علمية تجريبية، من خلال دراسة ميدانية حديثة لمعالجة هذه الأزمة، وترفع تقريرها للنظر والتصرف.

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي