مقابل نافذة حجرتي، تطل مباشرة على الحلاق نعمة، والذي قضى أكثر من عشرين عاماً في تلك الصنعة، وقد تعوّدنا على رؤيته طوال الوقت والتعامل معه، وقد جاءت جائحة الكورونا منذ أكثر من سنة كاملة، وتم إغلاق الصالونات ومنعه من العمل، منذ أكثر من ستة أشهر، وما إن جاءت المرحلة الرابعة من الإغلاق حيث سمح للصالونات بالفتح من جديد، وتنفس الناس الصّعداء، بعد توقّف العمل في الصالونات على مستوى البلد، على مدى سنة وشهرين، ولكن بسؤالي لأحد مساعدي نعمة: أين كنتم تقضون أوقاتكم خلال تلك الفترة، أجابني بقوله: لقد كنا جالسين في البيت ولم نكن نفعل شيئاً!
اليوم وبعد مضي أكثر من أربعة اشهر - منذ الترخيص لتلك الصالونات بالعمل - فوجئنا بأمر الحكومة بإعادة إغلاق تلك الصالونات، بحجة عودة المرض مرة أخرى، والحاجة إلى إعادة محاصرته من جديد!
بالطبع فإن إعادة إغلاق الكثير من الأنشطة التجارية، بحجة محاصرة الكورونا من جديد، تعني المزيد من الخسائر، وتكبّدها من جديد!
لقد عاد نعمة إلى الاختفاء من جديد، ولم نعد نشاهده يومياً مثلما كنا في السابق، وبالطبع فإن المجموعة التي كانت تعمل معه مباشرة قد توقفت تماماً، في انتظار قرارات الحكومة الجديدة والتي تخضع للمراجعة!
بالطبع فإن تلك الفترة تكلّف نعمة وأصحابه الكثير وتعيد توقيفهم من جديد، ولا أدري كيف سيتمكّن نعمة من تدبير أمر عيشه وما هو ترتيبهم مع الآخرين: سواء صاحب المحل المستأجر أو العمال الذين يعملون معه، وهل هنالك إمكانية لحصولهم على وظائف أخرى تعوّض خسائرهم، وماذا سيفعل مساعدو نعمة إلى أن تعود الأمور إلى وضعها الطبيعي!
بالطبع فإن وضع الحلاق نعمة ليس إلا مثلاً لما تتكبده الدولة من خسائر كثيرة جراء تلك القرارات، وهنالك المئات من الوظائف التي تمرّ بالوضع نفسه جرّاء التغير الذي حصل بسبب كورونا، فقد خسر الجميع من ذلك الوباء، والمشكلة هي أن المتسبّب بكل ذلك هو أعمال الناس وعدم اكتراثهم بالوضع العام!
وهكذا اختفى نعمة بعد رجوعه!