«ميثاق الشرف»... أزمة تعيد «شبح الإيقاف»
- جابر الزنكي يدعو إلى «صيغة منصفة» وعقد «عمومية» لحل المعضلة
ما تشهده الساحة الرياضية، راهناً، يستوجب حلاً في أسرع وقت.
وكأنّ مشكلة توقف واستئناف الأنشطة وتأثيرها السلبي على اللاعبين والمنتخبات والأندية لا تكفي، حتى أطلّت أزمة «ميثاق الشرف» لتذكرنا بخلافات أدت إلى إيقاف الرياضة بقرار خارجي.
الأزمة المستجدة تدفعنا إلى إلقاء اللوم على أطرافها كافة، بدءاً من الأندية ومعها اتحاد كرة القدم، وصولاً إلى اللجنة الأولمبية والهيئة العامة للرياضة، فيما تبقى الرياضي الضحية الدائمة.
استبشر الشارع المحلي خيراً بانتهاء الأزمة الرياضية، لكن «مشكلة الميثاق» استجدت وشغلت الجميع، علماً انه يمكن إيجاد حلول لها بسهولة عبر اجتماعات وتنسيق وتعاون وحوار يراعي توازن المصالح بين الأندية واللاعبين، وصولاً إلى القضاء على معضلة هروب اللاعبين للاحتراف في الخارج دون موافقة أنديتهم، وهو ما أوجد «الميثاق» في الأساس.
يتوجب علينا التحذير من أزمة قد تعيدنا إلى الإيقاف، مع التشديد على ضرورة الانتصار لحقوق اللاعبين ومراعاة مصالح الأندية.
فقد أصدرت اللجنة الأولمبية والهيئة العامة للرياضة بياناً مشتركاً، وأقحمتا نفسيهما في موقف محرج، ما قد يرتد سلباً على الرياضة خارجياً.
«البيان - المشكلة» يعتبر تدخلاً في شؤون خاصة بالأندية والاتحادات، ويشكل مخالفة للقانون 87 لسنة 2017، حيث تضمن «رفضهما احتكار اللاعبين بأي شكل من الأشكال وعزمهما على وضع خطة عمل مشتركة مع الجهات المعنية لتنفيذ مبادئ اتفاقية تنص على ضرورة إنشاء منظومة تحمي حقوق اللاعبين وتتضمن أمرين هما تنظيم وإصدار لائحة انتقال خاصة بهم ودعم إنشاء رابطة تخصهم لحماية حقوقهم».
هنا تخالف «الأولمبية» و«الهيئة» المادتين 35 و61 من القانون 87 لسنة 2017، واللتين منحتا الاتحادات وحدها حق وضع اللوائح والقواعد الخاصة بتنظيم تسجيل وانتقالات اللاعبين واحترافهم وغير ذلك.
وينص البند 5 من المادة 35 المتعلقة بـ«الاختصاصات المحددة للاتحاد الرياضي بنظامه الاساسي»، على أن «يتولى الاتحاد وضع اللوائح والقواعد الخاصة بتنظيم تسجيل وانتقالات الرياضيين وتنظيم احترافهم، وفقا للقواعد واللوائح الموضوعة لهذه المسائل من قبل الاتحادات الرياضية الدولية المعنية».
أما المادة 61، فتشير إلى انه «يكون للاتحادات الرياضية وحدها الحق في وضع لوائحها وقواعدها الخاصة بانتقال الرياضيين وتنظيم الاحتراف، وفقاً للوائح والقواعد والمتطلبات الخاصة بالاتحادات الدولية المعنية».
يبدو جلياً أنه ليس من اختصاص «اللجنة» و«الهيئة» التدخل في انتقال اللاعبين واحترافهم، لأن هكذا اختصاص حق أصيل لكل من الاتحادات وجمعياتها العمومية المؤلفة من الأندية.
القانون 87 لسنة 2017 نظم المسألة وفصل المهام بين الهيئات الرياضية، بعدما كانت «الهيئة» تتولى تنظيم وإصدار لوائح اللاعبين في القانون 49 لسنة 2005، قبل أن يأتي القانون 87 ويلغي كل ذلك.
وإذا كانت «الهيئة» (جهة حكومية) فقدت السلطة الإدارية على الأندية والاتحادات، فالأمر نفسه ينسحب على اللجنة الأولمبية التي لا تملك أصلاً هكذا سلطات، اذ حصر القانون دورها في المادة 38 فقط بـ«تمثيل دولة الكويت حصرياً في الألعاب الأولمبية ومنافسات الرياضات المتعددة على المستوى الإقليمي أو القاري أو الدولي التي يتم تنظيمها أو رعايتها من قبل اللجنة الأولمبية الدولية وهيئاتها القارية والإقليمية».
واليوم، بات أي نادٍ قادراً على الادعاء بأن هذا البيان هو تدخل في شؤون الرياضة، ويُدخلنا في دوامة مع المؤسسات الدولية. فهل نحن مستعدون لإيقاف جديد؟
اللافت مشاركة «الأولمبية» في البيان، هي التي لطالما رفضت هكذا تدخل.
نتمنى على «اللجنة» و«الهيئة» سحب البيان لأنهما لا تملكان السلطة أو النص القانوني اللازم لتطبيقه، وهو مخالف لنصوص القانون 87 لسنة 2017.
كنا نأمل في أن تتمنى «اللجنة» و«الهيئة» على الاتحادات القيام بدورها وفق المادتين 35 و61، وان تنتصرا لحقوق اللاعبين بطريقة عقلانية تعتمد على الحوار، بعيداً عن البيانات.
وبموازاة ذلك، يؤيد عضو مجلس إدارة نادي الشباب، جابر الزنكي، أي حوار جدي بين الأطراف لحفظ حقوق اللاعبين والأندية، ويفضي إلى صيغة متوازنة.
ويضيف: «رغم اننا نتحفظ على أي تدخل ونشير إلى أن البيان المشترك يتعارض مع نصوص القانون 87 لسنة 2017، الا اننا نؤيد مضمونه وليس سياقه أو طريقة اصداره، لسبب وحيد وهو أن الأندية تحرص على مصلحة وحقوق اللاعبين، وأي تصرف تقوم به هو لمصلحة الطرفين معا».
وتابع: «اذا حللنا مضمون البيان، يجدر علينا التساؤل: ما الجديد فيه وما الفائدة منه؟ فالكل يريد مصلحة وحماية اللاعب. نريد أفعالاً وليس أقوالاً من الأطراف كافة».
وأكد أن الواقع يشير إلى أن تنظيم لائحة الانتقال بالشكل الذي يصون اللاعب ويقدّر جهده ويحفظ حقوق الأندية التي تعمل على انشاء اجيال ورعايتها، هو حق اصيل للاتحادات فقط، وبالتحديد في كرة القدم، مشددا على انه اذا كان عقد جمعية عمومية غير عادية هو الحل لتعديل الأوضاع وايجاد اللائحة الموعودة، فيجدر بالأندية الدعوة إليها فوراً، ووضع الاتحاد أمام مسؤولياته.
التصريح «العقلاني» للزنكي يرتكز على نقاط منطقية ويدفعنا إلى الإشارة إلى أن الأندية مسؤولة بدرجة كبيرة لأنها لم تقم بدورها في دفع الاتحادات إلى وضع اللوائح والضوابط المناسبة لانتقالات اللاعبين وفقاً للمادتين 35 و61.
فهل يعقل انه ومنذ أكثر من 3 سنوات على صدور القانون 87، لم تقم الأندية بواجباتها وتحاسب الاتحادات المقصرة؟
ونسألها أيضاً: هل هناك أهم من مصلحة اللاعبين وتحديث لوائح الانتقال وتفادي مشاكل مستقبلية؟
كان يفترض على الأندية أن تطلب عقد جمعيات عمومية غير عادية وتحاسب الاتحادات وتسقط مجالس اداراتها اذا فشلت في وضع لوائح وضوابط خلال 3 أشهر على سبيل المثال.
وبدل «ميثاق الشرف» الذي أجمعت عليه الأندية ولم تطلع أي وسيلة إعلامية على مضمونه، كان أمراً مفيداً لو نسقت الأندية ذاتها مع اتحاد كرة القدم، لوضع لوائح انتقال مناسبة وتحديد حقوقها وواجباتها تجاه اللاعبين، والعكس صحيح، خصوصاً وأنها تبقى صاحبة السلطة العليا، بامتلاكها الجمعية العمومية.
إن تأخر الأندية عن القيام بدورها بعقد اجتماع تنسيقي صادق لحل مسألة «الهاربين» بطريقة عقلانية وسكوتها عن الرد على محاولة الاتحاد النأي بنفسه عن المسألة وخضوعها والسماح لنفسها بوضع نصوص في أنظمتها الأساسية الحالية تجبرها على إرسال كشوفات الانتساب والعضوية إلى اللجنة الأولمبية، شجع الأخيرة على الاستمرار في هكذا تدخلات وآخرها النظام الاسترشادي الجديد الذي منحها دوراً في مراقبة اجتماعات الأندية وصحتها وانتخابات مجالس إداراتها وسلب الحق الأصيل للجنة الانتخابية (التي يتم انتخابها من قبل أعضاء النادي لمراقبة الجمعيات العمومية وإجراءاتها)، علماً أن قانون 87 لسنة 2017 كان يهدف إلى عدم تدخل أحد في شؤون الأندية والاتحادات عن طريق إنشاء لجنة انتخابية من جمعياتها العمومية.
ومن نتاج هذه التدخلات أيضاً ذاك البيان المشترك الذي يتضمن وعوداً بلوائح انتقال ليست في اليد و رابطة يتطلب تأسيسها إجراءات خاصة ومنظومة صحيحة لدوري محترفين.
في الختام، يجدر القول بأن حل هذه المسألة يجب أن يكون مشتركاً بين الأطراف كافة، وهو لا يتم إلا عبر الأندية والاتحادات واللاعبين، وبالشكل الذي يحفظ حقوق وواجبات الجميع، ويا ليت لو تقوم «اللجنة» و«الهيئة» بـ«مساعٍ حميدة» في هذا الشأن.