هو صديق العلماء، وأنيس الأدباء، وصاحب الفلاسفة، ورفيق المفكرين، وخليل الشعراء، هو مستودع الحكم، ومستخلص المعرفة، ومحفز الأفهام، وقادح الأذهان، وصانع الأفكار، ومداوي القلوب، ومستراح النفوس، إنه الكتاب نعم الجليس والأنيس!
هو صديقٌ لا يخون ورفيق لا يغدر، فهو يغنيك عن الأصحاب والأحباب، ويمنعك من مجالسة أهل الحقد والحسد ومن ملاقاة التافهين، وهو الأنيس لمَنْ يشكو من قلة دائرة الأصدقاء، والمسلي في ساعات الوحدة وفي لحظات الغربة، يطرد عنك الهم والسأم، ويطيعك في السفر كطاعته في الحضر، وبه يجلس الصعلوك على موائد الملوك، وبه يغشى الأجير دواوين الأمير، والكتاب أجمل من البستان الكثير الأشجار، ومن الحديقة الكثيفة الأزهار، به تدوّن الأخبار وتحفظ الأشعار ويسجل التاريخ، مَنْ رافق الكتاب حاز الشرف، ونال العلا وتربّع على قمم المجد، لله درّ المتنبي القائل في مدح الكتاب:
أعزّ مكانٍ في الدُنا سرجُ سابحٍ
وخيرُ جليسٍ في الأنام كتابُ
أنيسٌ إذا جالسته طاب قوله
وليس له عند الفراق عتابُ
ولا يتم الكلام عن الكتاب من دون ذكر قصيدة ابن المبارك التي استهلها بقوله:
لَنَا جُلَسَاءُ مَا نَمَلُّ حَدِيثَهُمْ
أَلِبَّاءُ مَأْمُونُونُ غَيْبًا وَمَشْهَدَا
يُفِيدُونَنَا مِنْ عِلْمِهِمْ عِلْمَ مَا مَضَى
وَعَقْلًا وَتَأْدِيبًا وَرَأْيًا مُسَدَّدَا
يقول الأديب الجاحظ في وصف رائع عن الكتاب: «الكتاب نعم الذخر والعقدة هو، ونعم الجليس والعدة، ونعم النشرة والنزهة، ونعم المشتغل والحرفة، ونعم الأنيس لساعة الوحدة، ونعم المعرفة ببلاد الغربة، ونعم القرين والدخيل ونعم الوزير والنزيل». الكتاب صديق ما أصلحه ورفيق ما أملحه! احرص على أن تجعل لك برنامجاً يومياً تقرأ فيه ولا تتخلّف عنه أبداً، القراءة عادة جميلة تفتح لك الآفاق وتثري عقلك وتضيف أعماراً إلى عمرك وتطلعك على تجارب الناس في مختلف العصور، وتختصر لك الزمان وهي مفتاح الرقي والمعرفة وطريقك للسيادة الدينية والدنيوية، ختاماً اجعل الكتاب صديقك المقرّب والقراءة عادتك التي لا تنقطع !