تنفيذاً لوعوده الانتخابية واستعداداً لمعركة 2024 الرئاسية
ترامب يسابق الزمن لسحب قواته من أفغانستان والعراق وسورية
- الوعود تمتد من الجدار إلى إنهاء الحروب وقانون خفض الضرائب واتفاقية تجارة حرّة بديلة
اكتملت الصورة وصارت مفهومة الخطوات التي يقوم بها الرئيس دونالد ترامب، ان لناحية رفضه الاعتراف بخسارته الرئاسية أمام منافسه الديموقراطي جو بايدن، أو لناحية إطاحته بوزير دفاعه مارك إسبر في المرحلة الانتقالية.التكهنات الأولية كانت تشير الى أن ترامب يسعى لاقحام الجيش ولتثبيت نفسه في منصب الرئاسة لولاية ثانية، لكن مناقلاته في وزارة الدفاع أظهرت صورة مغايرة، فترامب في سباق مع الزمن لسحب الجيش الأميركي من أفغانستان والعراق وسورية تنفيذاً لوعوده الانتخابية، واستعداداً لمعركة 2024 الرئاسية.وغالبا ما يسعى الرؤساء المنتهية فترة حكمهم، ان بولاية واحدة أو بولايتين، الى إنهاء بعض الأمور، وهي غالبا ما تكون مواضيع صغيرة، مثل توقيع عدد من مراسيم العفو عن مناصرين، أو منح تعاقدات، أو تثبيت موالين في وظائف حكومية. لكن ترامب لا يسعى الى ذلك، بل الى إتمام ما وعد به في حملته الرئاسية الأولى حتى يشير الى إنجازاته والى تنفيذ وعوده عندما يترشح للرئاسة مجدداً بعد أربع سنوات.
ومن أهم الوعود التي يتمسك بها ترامب هي بناء جدار على حدود الولايات المتحدة الجنوبية مع المكسيك، وإنهاء كل الحروب الأميركية وإعادة كل القوات من مناطق الصراعات في الخارج الى الداخل، بل حتى إعادتها من قواعد عسكرية في دول مستقرة حول العالم، مثل ألمانيا أو اليابان.
وسيقوم ترامب أثناء حملته الانتخابية المقبلة بالإشارة الى أنه نجح في توقيع قانون تخفيض الضرائب، فضلاً عن إقراره اتفاقية تجارة حرّة بديلة عن التي كانت قائمة مع جارتي أميركا، أي كندا الى الشمال والمكسيك الى الجنوب.
في وزارة الدفاع سبق لترامب أن أعلن مراراً سحب ألفي جندي أميركي ينتشرون في البادية شرق سورية ويمنعون نظام الرئيس السوري بشار الأسد من الوصول الى مصادر الطاقة التي يمكنها أن ترفده ببعض الأموال التي يحتاجها. كما يقوم هؤلاء الجنود بوظيفة منع إعادة تشكل تنظيم «داعش» الإرهابي.
لكن إعلانات ترامب لم تؤد إلى سحب الجنود من سورية، وذلك بسبب معارضة وزارة الدفاع وكبار أركان الجيش، وكذلك الأمر معارضة الجنرالات لأي انسحاب من أفغانستان من دون التوصل لاتفاق مسبق مع تنظيم «طالبان» يحفظ المكتسبات الأميركية هناك.
هكذا، قام ترامب باستبدال وزير الدفاع إسبر ومعاونيه، بموالين، تصدرهم الجنرال السابق دوغلاس ماكغريغور، الذي سبق أن قال في تصريحات على مقابلة عبر شبكة «فوكس نيوز» اليمينية، قبل عام: «دعونا ننظر الى الطيف الواسع من الأمور التي على الطاولة أمام الرئيس (ترامب)... أولاً، يجب أن نخرج من أفغانستان، وهذا يجب أن يحدث في أسرع وقت ممكن».
وأضاف ماكغريغور ان «التحدث إلى الطالبان أمر غير ضروري، فهم لن يحترموا أي اتفاق، ولقد حان الوقت لإخراج قواتنا من هناك، وإغلاق السفارة» الأميركية في كابول.
ويعتقد ماكغريغور أن «لدول المنطقة مصلحة في أفغانستان، وهذه الدول تريد التعامل مع كابول، ولندعهم يتعاملون مع الأفغان».
عن سورية، قال الجنرال الأميركي المتقاعد الذي تسلّم وزارة الدفاع هذا الأسبوع: «علينا أن نتبنى مقاربة مماثلة في سورية، ربما لدينا 2000 جندي على الأرض الآن، وهي قوة معرضة للمخاطر».
وأضاف: «إيران وروسيا وتركيا وإسرائيل والأكراد والعراق، كل هذه الدول لديها مصلحة هناك... وإذا سحبنا قواتنا (من سورية)، فسوف تتوصل هذه القوى الى تسوية، لأنهم جميعاً يريدون رؤية الشيء نفسه، أي نهاية القتال، لذلك نحتاج إلى إخراج قواتنا».
بعد ذلك، يتابع ماكغريغور: «نحتاج إلى الاستماع بعناية شديدة للإيرانيين، على انفراد وخلف الأبواب الموصدة، لمعرفة ما هي اهتماماتهم، والعثور على المجالات التي يمكننا التعاون معهم فيها، وهذا على الأرجح ما قرر الرئيس ترامب فعله مع الرئيس (الروسي فلاديمير) بوتين... ومع الرئيس الصيني شي (جينبينغ)، وعلينا أن نفعل الشيء نفسه مع إيران».
هكذا، في الأيام المتبقية لترامب في الحكم حتى 20 يناير المقبل، سيقوم بتنفيذ وعده الى مؤيديه، وهو الوعد القاضي بانسحاب أميركا من العالم وتبنيها سياسة الانعزال الدولي التي اختارتها واشنطن بين الحربين العالميتين.
صحيح أن مناصري ترامب، في أميركا والشرق الأوسط، حاولوا الإشادة بسياساتها الدولية الحازمة، خصوصاً بسياسة «الضغط الأقصى» على إيران واغتيال قائد «فيلق القدس» قاسم سليماني، إلا أن الانسحاب الذي ينوي الرئيس الأميركي تنفيذه هو عكس ما دأب مناصروه على تصويره، ما يعني أن كل من كان يعتقد أن بقاء ترامب في الرئاسة أفضل لبعض دول الشرق الأوسط، بسبب قيامه بلجم نشاطات إيران المزعزعة للاستقرار في المنطقة، قد يرى نفسه يأمل في أن يصبح جو بايدن رئيساً في أسرع فترة ممكنة، إذ إنه من المؤكد أن بايدن لن يرمي أفغانستان والعراق وسورية الى الدول الأخرى لتدبير أمورها بنفسها.