إسرائيل تشن «حرباً سرية» على الميليشيات الموالية لإيران
- في مقدمها «حزب الله» اللبناني و«كتائب حزب الله» في العراق
لم يكن إعلان رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو، في خطابه عبر الإنترنت إلى الجمعية العامة للأمم المتحدة في سبتمبر الماضي، عن وجود مصانع تصنيع صواريخ دقيقة في مناطق سكنية في بيروت، تصريحاً سياسياً لكسب تأييد في الداخل، بل جاء بطلب من وكالات الاستخبارات الإسرائيلية، حسب المصادر في العاصمة الأميركية.
المسؤول عن كشف ما تعتبر إسرائيل أنها مصانع صواريخ، هو «قسم الأبحاث في مديرية الاستخبارات العسكرية»، والتي يرأسها الجنرال درور شالوم، الذي لعب دوراً محورياً في الكشف عن مفاعل «الكبر» النووي السوري، ودمرته الدولة العبرية في العام 2008.
وكان شالوم قال في مقابلة قبل عام، أن الحرب ضد «حزب الله» والميليشيات الموالية لإيران في العراق وسورية هي عبارة عن «مزيج من النشاط السري والضغط الديبلوماسي الدولي على نطاق واسع».
السرية نفسها، تقول المصادر الأميركية، تستخدمها إسرائيل في مواجهتها الأوسع ضد إيران. لكنها لا تؤكد سلسلة التفجيرات التي طاولت مواقع استراتيجية في الداخل الإيراني، بما في ذلك مفاعل ناتانز النووي. ومثل ذلك، تفجيرات ضربت مخازن سلاح تعود لـ «الحشد الشعبي» في العراق، فضلاً عن غارات جوية ضد قاعدة «الإمام علي» التابعة للحرس الثوري على الحدود العراقية - السورية وأهداف تابعة لإيران داخل سورية.
وتشير المصادر الى أن الحكومات العراقية السابقة قامت بتأجير مساحات واسعة من الأراضي المخصصة للتطوير الزراعي لـ «كتائب حزب الله» العراقية، وهي الأقرب إلى إيران ويقودها عبدالعزيز المحمداوي، المعروف بـ «أبي فدك». ولهذه الميليشيا مناطق أمنية، عصية على القوات الحكومية في منطقة جرف الصخر، جنوب بغداد، وعلى الحدود مع سورية.
وتعتقد الاستخبارات الإسرائيلية، وتؤيدها في ذلك المصادر الأميركية، أن الميليشيات تعكف على صناعة وتخزين صواريخ دقيقة في هاتين المنطقتين العسكريتين.
وفي لبنان، خمسة أحداث على الأقل كشفت بعداً من أبعاد الحرب السرية، منها كشف إسرائيل عن أنفاق عبر الحدود، كان حفرها «حزب الله» استعداداً لهجوم بري في حال اندلاع حرب بين الجانبين. تلا ذلك، هجوم طاول موقعاً في الضاحية الجنوبية لبيروت، وآخر أدى لسقوط عنصر لـ«حزب الله» في سورية، فضلاً عن تفجير طاول أخيراً مخزن أسلحة للحزب في بلدة عين قانا الجنوبية.
وبين التفجيرات الغامضة في لبنان، كان انفجار مرفأ بيروت الكارثي. ورغم نفي «حزب الله» أن يكون استخدم المرفأ لتخزين أي أسلحة، ومسارعة إسرائيل لعرض مساعدات، لم يحسم الخبراء فرضية أن الإسرائيليين استهدفوا، بتفجير أرضي عن بعد، مخزناً للأسلحة تابعا للحزب، من دون أن يكونوا على علم بوجود نيترات الأمونيوم على مقربة من الانفجار، وهو ما أدى للانفجار التدميري الثاني.
ومن الضربات المنسوبة لإسرائيل، هجوم بطائرة من دون طيار على الموقع الرئيسي لتطوير الصواريخ الدقيقة في بيروت، وهو ما أدى إلى إغلاق الموقع، بحسب ما تنقل المصادر عن الإسرائيليين.
وكان شالوم وصف المشروع الصاروخي بأنه «تهديد استراتيجي كبير يجب إيقافه»، معتبراً أن الهجمات المتتالية ساهمت في تأخير المشروع.
ويعتقد شالوم أنه في تقييمه للمخاطر، يشعر الأمين العام لـ «حزب الله» حسن نصرالله بـ«الحصانة في لبنان، وبأن هناك معادلة تقول إنه لا يتخذ أي إجراء من جانبه ولا نحن نتخذ إجراء ضده، أي لا نقتل شعبنا ولا نقتله».
وتنقل المصادر الأميركية عن الإسرائيليين أنهم لا يقيمون وزنا للمعادلة التي يتخيلها نصرالله. البعد الثاني للحرب ضد الميليشيات، تتطلب إمكانات الولايات المتحدة، التي تصنف أبرز تنظيمين تابعين لايران، «حزب الله» في لبنان و«كتائب حزب الله» في العراق، على لائحة التنظيمات الإرهابية.
وتعتقد المصادر أن العقوبات على إيران أدت الى وقف بناء عدد من القواعد في العراق وسورية، وعدم ترميم قواعد استهدفتها الضربات، لذا، الى التفجيرات السرية غير المعلن عنها، تولي الدولة العبرية في لبنان، ومثلها أميركا، في العراق، أهمية كبيرة لملاحقة تمويل ميليشيات طهران.
«وكالات الاستخبارات الأميركية التي تحقق في الشبكة الإجرامية لحزب الله ليس لديها حتى صورة كاملة لتدفقات إيراداتها»، يقول الباحث في «مؤسسة الدفاع عن الديموقراطيات» طوني بدران.
ويضيف: «تدر على حزب الله عائدات نقدية كبيرة من الأنشطة غير الشرعية... مثل مخططات معقدة لغسيل الأموال، وهذه قائمة على شبكة تجارية تمتد من أميركا الجنوبية إلى أفريقيا إلى الولايات المتحدة».
ويشرح بدران أن الحزب يستخدم «النظام المالي الرسمي اللبناني والدولي» لنقل أمواله عبر القارات، وأن مكاتب الصيرفة اللبنانية «تنقل الأموال بالجملة للعديد من العملاء، وغالباً ما يكون من المستحيل تتبع معاملاتها، إذ هي تعتمد على نظام الحوالة، الذي ينقل الأموال عبر آلية تعويض غير رسمية».ويختم بدران: «سعى حزب الله إلى النأي بنفسه عن الانهيار المالي في لبنان، وحاول توجيه تهم التبذير والفساد إلى أعضاء آخرين في الطبقة السياسية والمصارف، في حين قدم نفسه كقوة لمكافحة الفساد، وهذا وصف يشوّه حقيقة علاقة الحزب بالقطاع المصرفي».