مناعة ضد الفيروس... وضد الهزيمة الانتخابية!
ترامب يعود إلى البيت الأبيض... والكمامة في جيبه والجمهوريون يتباهون بإصابته بـ«كوفيد - 19»
لم يكد الرئيس دونالد ترامب يعلن نيته مغادرة مستشفى وولتر ريد العسكري، بعدما دخله بشكل طارئ تحسباً لمضاعفات قد تنجم عن إصابته بفيروس كورونا المستجد، حتى راحت القنوات التلفزيونية الموالية للحزب الجمهوري، مثل «فوكس» الإخبارية، تشير الى تفوق الرئيس الجمهوري على منافسه الديموقراطي للرئاسة الأميركية، وذلك بسبب شفاء ترامب من الفيروس الذي لم يصب به جو بايدن.
ومنذ إعلان إصابته بالفيروس، أثارت كل خطوة من خطوات ترامب عاصفة من الانتقادات، فهو ركب سيارته الرئاسية وراح يتجول حول مدخل المستشفى، أمام عدسات كاميرات الإعلام المسلطة على حرم المستشفى لتغطية آخر تطورات وضعه الصحي. وكان الرئيس يقصد توجيه تحية الى عدد من مناصريه ممن تجمهروا على الجهة المقابلة من الشارع لكاميرات الإعلاميين للتعبير عن تأييدهم أمام مدخل حرم المستشفى.
لكن خروج مريض يحمل فيروساً معدياً من المستشفى، كسر كل تقاليد وأعراف الاستشفاء، وعرّض للخطر حياة أفراد الأمن السري، المولجين حماية الرئيس، ممن كانوا معه في السيارة. ويوم الاثنين، أعلن ترامب في تغريدة أنه «سيترك» المستشفى، ودعا الأميركيين ليعيشوا حياتهم من دون الخوف.
وفيما راح ترامب يتعامل مع موضوع إصابته بخفة، عكف الخبراء الأميركيون على محاولة فهم تطورات مرضه وابلاله منه، في غياب تام للشفافية من قبل البيت الأبيض، الذي قدم تقارير متضاربة حول الإصابة والعلاج وشفاء الرئيس.
وعلى اثر تغريدة ترامب عن خروجه المتوقع من المستشفى، قال طبيبه شون كونلي، في مؤتمر صحافي، ليل الاثنين ان الرئيس سيعود إلى البيت الأبيض بعدما أمضى ثلاث ليال في مركز وولتر ريد الطبي، رغم أن ترامب «لم يخرج من الغابة بعد»، وهو التعبير الذي يستخدمه الأميركيون للدلالة على أن الخطر لم يزل تماما.
وأكد كونلي: «نتطلع إلى نهاية هذا الأسبوع، وإذا تمكنا من الوصول إلى يوم الاثنين، مع بقائه على حاله أو التحسن بشكل أفضل، نتنفس الصعداء».
وعاد ترامب مساء الاثنين الى البيت الأبيض إثر قضائه أربعة أيام في المستشفى للعلاج من مرض «كوفيد - 19» الذي لم يُشفَ منه بعد، ووجه فوراً دعوة الى الأميركيين «للخروج» لكن مع «توخّي الحذر»، واعداً باستئناف حملته الانتخابية قريباً.
وفور وصوله إلى شرفة البيت الأبيض، وقف الرئيس الجمهوري، الساعي للفوز بولاية ثانية في انتخابات الثالث من نوفمبر المقبل، أمام عدسات المصوّرين الذين كانوا بانتظاره في الأسفل ونزع الكمامة الطبية ورفع إبهاميه علامة على النصر وأدّى التحيّة العسكرية.
وكان ترامب خرج من بوابة المستشفى العسكري في بيتيسدا بضاحية واشنطن العاصمة، واضعاً كمامة ومرتدياً بزة رسمية بربطة عنق مقلّمة، وسار بضع خطوات رافعاً إبهامه علامة على النصر ثم استقلّ سيارة سوداء أقلّته إلى طوافة «مارين وان» الرئاسية التي نقلته في غضون دقائق معدودات إلى البيت الأبيض.
وفي دليل على الأهمية التي أراد ترامب إعطاءها لهذه اللحظة في وقت أثر فيه مرضه على الحملة الانتخابية وتشير استطلاعات الرأي على تقدم بايدن عليه، نشر حسابه على «تويتر» شريطي فيديو يظهر أحدهما، على طريقة هوليوود، وصوله الى البيت الأبيض.
وقال ترامب في تلك الرسالة المصورة: «لا تخافوا منه، ستهزمونه. لدينا أفضل المعدات الطبية» في وقت سجلت فيه الولايات المتحدة 210 آلاف وفاة بالمرض وتعتبر الأكثر تضرراً بالوباء في العالم.
وأضاف: «لا تدعوه يسيطر على حياتكم، اخرجوا، توخّوا الحذر».
وقال ترامب: «أنا الآن أفضل وربّما أكون منيعاً، لا أدري»، مشيراً إلى أنّه عندما أصيب بالفيروس «كنت على خط المواجهة الأول».
وأقرّ الرئيس الجمهوري بأنّه إثر إصابته بالفيروس «لم أشعر بأنني على ما يرام، وقبل يومين، كان بإمكاني أن أخرج (من المستشفى) قبل يومين. لقد شعرت بأنني ممتاز، بأنني (...) أفضل مما كنت عليه قبل 20 عاماً».
وتابع ترامب رسالته التطمينية إلى مواطنيه، قائلاً لهم «لدينا أفضل الأدوية في العالم، كلّ شيء يسير بسرعة، كلّها (الأدوية) بصدد المصادقة عليها، واللقاحات آتية بين لحظة وأخرى».
وفي تغريدة على «تويتر» نشرها بينما كان يستعدّ لمغادرة وولتر ريد، كتب ترامب «سأعود إلى مسار الحملة قريباً!!! وسائل الإعلام المضلّلة لا تنقل إلا استطلاعات الرأي المزوّرة».
وصور ترامب نفسه على أنه رجل هزم المرض وخرج من التجربة أقوى حالاً.
وغرد قائلاً: «إذا عاد الرئيس إلى الحملة الانتخابية، فسيكون بطلا لا يقهر، لم ينج من كل خدع الديموقراطيين القذرة فحسب، بل انتصر على الفيروس الصيني أيضا».
وسرعان ما نشر بايدن على «تويتر» صورة له واضعاً كمامة بجوار صورة لترامب وهو خالع كمامته، وتحت الصورتين عبارة «الكمامات مهمة... تنقذ أرواحاً».
وبنبرة غاضبة، قال نائب الرئيس السابق في مقابلة مع قناة «لوكال 10» التلفزيونية المحليّة في فلوريدا «لقد رأيت تغريدة كتبها، لقد أروني إياها، لقد قال: لا تدعوا كوفيد يتحكّم بحياتكم. اذهب وقل ذلك لـ205 آلاف أسرة خسر كلّ منها شخصاً» بسبب الجائحة.
سياسياً، أظهرت أحدث استطلاعات الرأي أنه، على عكس ما كانت تأمل حملة ترامب لانتخابه لولاية رئاسية ثانية في الانتخابات المقررة في الثالث من نوفمبر المقبل، لم تؤد إصابة الرئيس بالفيروس ودخوله المستشفى الى تعاطف شعبي وارتفاع في شعبيته، بل أن ثلثي الأميركيين، بمن فيهم نصف الجمهوريين المستفتين، ألقوا باللائمة على ترامب لعدم احتراسه ضد العدوى.
وبعد مناظرة أولى سادتها الفوضى في 29 سبتمبر، حاول ترامب وسط استطلاعات الرأي السيئة، ان يربط بين اكتسابه مناعة ضد الفيروس ومناعة مماثلة ضد الهزيمة الانتخابية، وكتب في تغريدة أمس، «أتطلع للمناظرة مساء الخميس 15 أكتوبر في ميامي. ستكون عظيمة».
قال المدير العام لمنظمة الصحة العالمية تيدروس أدهانوم غيبريسوس، أمس، إن لقاحا ضد «كوفيد - 19» ربما يكون جاهزاً بحلول نهاية العام. وأضاف في ختام اجتماع استمر يومين للمجلس التنفيذي للمنظمة حول الجائحة: «سنحتاج إلى لقاحات وثمة أمل أن يكون لدينا لقاح بنهاية هذا العام. ثمة أمل». من ناحية ثانية، أصبح إلزامياً وضع الكمامات في البوندستاغ الألماني، اعتباراً من يوم أمس، بسبب تسارع وتيرة إصابات الفيروس خصوصاً في برلين.
«المريض الوحيد على الكوكب»
وبحسب ما نشرته صحيفة «نيويورك تايمز»، أشار الخبراء إلى أن ترامب قد يكون «المريض الوحيد على هذا الكوكب الذي يحصل على هذه الأدوية». وتلقى ترامب قبل دخوله المستشفى علاجاً تجريبياً مكوناً من مزيج من الأجسام المضادة، قد يُقلّل من مستويات الفيروس وأظهر نتائج واعدة في تجربة شملت 275 مريضاً.
لكن العلاج لم يحصل بعد على الإذن لاستخدامه في حالات الطوارئ من هيئة الغذاء والدواء.
بجانب العلاج التجريبي بالأجسام المضادة، حصل ترامب أيضاً على عقاري «ريمديسفير» و«ديكساميثازون»، ولم يحصل الأول على موافقة هيئة الغذاء والدواء لعلاج «كورونا». وأظهرت التجارب السريرية أن دورة العلاج لمدة خمسة أيام من «ريمديسفير» يمكنها أن تسرع وقت الشفاء لدى بعض المرضى.
دواء جديد سرّي!
| واشنطن - «الراي» |
عبّر الدكتور مهند قنطار، وهو أميركي من أصل لبناني وتعامل ويشرف على علاج مرضى «كوفيد - 19» في ولاية ايلينوي، عن مفاجأته لشفاء الرئيس دونالد ترامب العاجل وغير المألوف. وقال لـ «الراي»، إن «وضع ترامب تحوّل من حالة نقص شديد في الأكسجين في الدم، يوم الجمعة، إلى التنفس بشكل جيد ومن دون مساعدة طبية، يوم السبت».
وأضاف: «إما أن كوكتيل الأجسام المضادة الذي قدّمه الأطباء للرئيس حقق معجزة، أو أن هناك دواءً جديداً لفيروس كورونا لا نعرف عنه ومازال طي الكتمان».
وختم الطبيب اللبناني الأميركي: «لم أرَ قط مثل هذا التحسن السريع لدى مرضى كوفيد - 19، خصوصاً في حالات مَنْ يبلغون من العمر 74 عاماً ويعانون من السمنة المفرطة، كما في حالة ترامب».