سيناريو الرئيس للقضاء على الانتخابات أرعب أميركيين كثيرين

ذعر ديموقراطي من إمكانية تمسّك ترامب بالسلطة ... حتى لو خسر السباق إلى البيت الأبيض

ترامب خلال تجمع انتخابي في ولاية مينيسوتا		 (أ ف ب)
تصغير
تكبير

لم يحسّن أداء الرئيس الأميركي دونالد ترامب، في المناظرة الأولى التي واجه فيها منافسه الديموقراطي نائب الرئيس السابق جو بايدن، من وضع الرئيس الانتخابي، بل ساهم في تعميق أزمة انخفاض الشعبية التي يعاني منها ترامب، والتي تهدد فرص فوزه بولاية ثانية، في الانتخابات المقررة في الثالث من نوفمبر المقبل.

وإلى وسائل الاستطلاع المتنوعة التي اعتبر فيها المستفتون أن بايدن تغلب على ترامب في المناظرة الأولى، جاء الدليل الأبرز على تعثر ترامب من برنامجه التلفزيوني المفضل «أصدقاء فوكس»، الذي تبثه صباحا شبكة «فوكس نيوز» الإخبارية اليمينية، فقد راح مقدمو البرنامج، الذي يتابعه الرئيس الأميركي من دون انقطاع، يسدون إليه النصائح حول ما يجب عليه تجنبه في المناظرة المقبلة، المقررة في السابع من الشهر الجاري، وكيف يمكن له أن يحسن أداءه فيها. ومن نصائح شبكة «فوكس» لترامب أن يبتعد عن أسلوب مقاطعة منافسه أثناء حديث الأخير في الوقت المخصص له، وأن يعطي ترامب بايدن فرصة كافية ليتحدث «حتى يرى الأميركيون بنفسهم هزالة المرشح الديموقراطي وأفكاره»، حسب الشبكة المحسوبة على الجمهوريين.

وخارج دوائر مؤيدي ترامب، بدا الذعر جلياً في صفوف شرائح واسعة من الأميركيين، إذ كشفت حملة بايدن أنه في الساعة الأولى للمناظرة، قام 60 ألف أميركي بالتبرع بمبلغ 4 ملايين دولار، وهو رقم قياسي. وفي الساعة التي تلت، وصل حجم التبرعات إلى 10 ملايين دولار.

وذكرت الحملة أن التبرعات وردت من قرابة المئة ألف مانح، 60 ألفاً منهم من المانحين للمرة الأولى في هذه الدورة الانتخابية، وهو ما يعني أن المناظرة دفعت عشرات آلاف الأميركيين لحسم قراراهم بالتبرع والتصويت لمصلحة المرشح الديموقراطي على حساب منافسه الجمهوري.على أن متاعب ترامب الانتخابية لا يبدو أنها ستنحصر فيه، بل يبدو أن الرئيس الأميركي يستعد لـ «هدم المعبد» على رأسه ورؤوس منافسيه، حسبما بدا جلياً من تصريحات ترامب في المناظرة، وهي تصريحات تتماهى مع ما دأب ترامب على قوله، لناحية أنه ليس مستعداً لتسليم السلطة سلمياً في حال شعر أن الانتخابات تشوبها أي عمليات تزوير.

والشرط الذي وضعه ترامب لتسليم السلطة يبدو أنه عصيّاً على التحقق، إذ كرر الرئيس الأميركي في المناظرة، في ما يشبه التأكيد، أن الانتخابات تعاني شوائب كثيرة، وهو ما يعني أن ترامب لن يسلم السلطة، بل هو دعا المجموعات البيضاء المتطرفة إلى المساهمة في مراقبة العملية الانتخابية في مراكز الاقتراع.

ولهذا النوع من المراقبة تاريخ طويل، اذ لطالما حاولت في الماضي مجموعات من البيض المتطرفين إرهاب الناخبين من السود والأقليات لحملهم على تفادي دخول صناديق الاقتراع والتصويت. وعلى مدى العقود الماضية، قام الحزب الجمهوري في الولايات المختلفة التي يسيطر على حكوماتها المحلية بتشريع قوانين تجعل من الأصعب على الأقليات الاقتراع، مثل الإصرار على تقديم الناخب أوراقاً ثبوتية تكون أحياناً مكلفة لاستحصالها على أصحاب الدخل المحدود. ومن الحيل الأخرى قيام السلطات المحلية بتقليص عدد أقلام الاقتراع، أو نصب هذه الأقلام في أماكن بعيدة نسبياً عن مناطق الأقليات بشكل يجعل من الوصول إليها أكثر صعوبة.

في هذه الدورة الانتخابية، يحاول ترامب التشكيك بالأصوات الواردة بالبريد، وفي العام 2016 بلغ عدد المقترعين بالبريد 30 مليون مقترعاً من أصل إجمالي المقترعين الذين قارب عددهم عتبة الـ150 مليوناً.

ويتوقع الخبراء أن يرتفع عدد المقترعين بالبريد هذا العام، تفادياً للحضور شخصيا إلى مراكز الاقتراع والتعرض لإمكانية العدوى بفيروس كورونا المستجد، ليصل إلى 80 مليون ناخب، وهو ما يعني أن عملية الفرز ستتطلب وقتاً أطول، إذ تحظر غالبية الولايات فتح مظاريف المقترعين قبل موعد بدء الفرز في الولاية، أي بعد إقفال الصناديق مساء 3 نوفمبر.

وفي حال طالت عملية الفرز، قد يعمد أي من الطرفين لإعلان انتصاره، وهو ما يثير جدال قد يصل إلى المحاكم، وقد يستغرق حسمه أسابيع، بل أشهر، وهو جدال يعوّل عليه ترامب للبقاء في البيت الأبيض تحت ذريعة أن «الديموقراطيين قاموا بسرقة الانتخابات وتزويرها».

وزيادة في التعقيد، رفض ترامب، في المناظرة وبطلب من المحاور وبايدن، إدانة المجموعات المتطرفة، بل هو دعاها إلى البقاء «على أهبة الاستعداد»، وهو ما اعتبرته المجموعات طلب رئاسي إليها بالاستعداد للانخراط في أعمال عنف في حال أظهرت النتائح خسارة ترامب، وهو ما سيعترض عليه الرئيس ويصفه بالتزوير.

سيناريو ترامب للقضاء على الانتخابات بدلاً من محاولة الفوز بها أرعب أميركيين كثيرين، وهو ما اعتبره كثيرون سبباً في محاولة ترامب كذلك القضاء على المناظرة بدلاً من خسارتها، وهو السبب الذي دفع الرئيس الأميركي إلى مقاطعة بايدن بشكل متكرر إلى درجة استفزت نائب الرئيس السابق ودفعته للتوجه إلى ترامب بالقول: «اخرس يا رجل».

كيفية التعامل مع ترامب في حالة خسارته الانتخابات صارت تقلق أميركيين كثيرين وتدفعهم لمضاعفة جهودهم للتصويت لبايدن والانضمام لحملته بهدف الحاق هزيمة ضخمة بترامب تحرمه فرصة أن تكون النتائج متقاربة بشكل يسمح له بالتشكيك بها أو الاعتراض عليها.

وفي السياق ذاته، يسعى قطب اليسار داخل الحزب الديموقراطي المرشح السابق للرئاسة، السيناتور بيرني ساندرز، إلى تكثيف حملاته الانتخابية لتحفيز قاعدة مؤيديه وحملهم على التصويت لبايدن. وكانت غالبية مؤيدي ساندرز امتنعت عن الاقتراعات في العام 2016 لمصلحة هيلاري كلينتون، بل إن بعض مؤيديه اقترعوا لترامب.

هذه المرة، يحذّر ساندرز مؤيديه بالقول إن الخيار هو ليس بين بايدن أو ترامب، ولا هو خيار بين الديموقراطيين والجمهورية، بل هو خيار بين الديموقراطية الأميركية نفسها وترامب.

أرقام استطلاعات الرأي لاتزال تشير لخسارة فادحة سيتكبدها الرئيس الأميركي ستحرمه الفوز بولاية ثانية، وستنتزع الغالبية من حزبه الجمهوري في مجلس الشيوخ وتعطيها للديموقراطيين، هذا ما لم تحدث مفاجآت تقلب الموازين، وهذا إن ثبتت صحة استطلاعات الرأي، خصوصاً مع اعتبار صحيفة «نيويورك تايمز» أن تطبيق نسبة الخطأ في الاستطلاعات في انتخابات 2016 على استطلاعات الرأي تظهر أن الفائز سيكون ترامب، ولكن التنبؤ بنسبة الخطأ هو بنفس صعوبة التنبؤ بالفائز في الانتخابات.

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي