الفرص الضائعة شخصية العام

تصغير
تكبير

مضت 2007 في الكويت كأنها عشر سنوات بحيويتها السياسية وتطوراتها الاقتصادية والاعلامية. بدأت صاخبة وانتهت كذلك، من دون ان يعدم اهل الصخب مناسبة لتحويلها الى حدث.
كل شيء في الكويت طالته يد السياسة. نواب انتقلوا من معسكر الحمائم الى معسكر الصقور والعكس صحيح. وزراء كانوا صقورا فصاروا حمائم همهم الاول والاخير استرضاء النائب وابعاد اي «ملاحظة» عنهم. كتل نيابية تشكلت واتحدت في تكتل انهار سريعا ليضرب الانهيار داخل الكتلة نفسها. الاستجوابات كانت «امر اليوم» التصعيدي بين المجلس والحكومة. التحالفات تبدلت وتغيرت بين ليلة وضحاها ولم يعد المسؤول يعرف من معه ومن ضده وغالبا غالبا ما ردد عبارة «اللهم احمني من اصدقائي، اما اعدائي فانا كفيل بهم». صار بعض اقطاب السلطة حلفاء اساسيين للمعارضة يخططون في الليل ويحصدون النتائج في النهار وصار حلفاء السلطة معارضة يصدحون بالهجوم عليها ليل نهار... واهم ما ميز العام الماضي ان الوزير كان يسمع كل عبارات التأييد والتشجيع والدعم في معركته ضد الاستجوابات ثم يفاجأ بان «استقالته» حاضرة تنتظر توقيعه او توقيع غيره.
الفرص الضائعة كانت بحق شخصية العام، لان السجالات نجحت في خطف المشاريع الاقتصادية والتنموية وشلت كل انواع التطوير الاداري ومنعت اطلاق الخصخصة هنا وهناك واعاقت تطوير البرامج والمناهج التعليمية وساهمت في تعطيل قوانين اساسية للاستثمار وتحريك عجلة الرساميل.
الفرص الضائعة كانت عنوانا لكل شيء، تتحدث عن الراتب فتأتيك الزيادة تصريحات ومزايدات. تتحدث عن التعليم فتتعلم كيف يغض النظر عن مشاكل اساسية في المناهج تعيق عملية التطور العلمي وكيف تثور الثائرة عند اقالة هنا او حادثة هناك لاسباب معروفة. تتحدث عن الاقتصاد فيأتيك الجواب من خلال سلة مصالح متشابكة بين موافق ومعارض تحتاج الى تفكيكها وفك احجيتها سنوات وسنوات. تتحدث عن التجنيس فترى من لا يستحق زميلا لك في المواطنة ومن يستحق زميلا للبؤس والحرمان والاسباب ايضا معروفة. تتحدث عن اسقاط القروض او الفوائد فتتغير التحالفات بقدرة قادر وتصير المواقف على قياس المناطق. تتحدث عن الاستجوابات فتنتقل البنادق من اليمين الى اليسار وبالعكس حسب هوية الوزير وانتماءاته. تتحدث عن الفساد والاصلاح فتكتشف ان فتح المغارة اصعب بكثير من الحديث عنها. تتحدث عن القانون فتستمع الى عزف جماعي ومنفرد حول مبررات الالتفاف و«قانونيته». تتحدث عن وفرة مالية غير مسبوقة بسبب ارتفاع اسعار النفط، فتلمس ضياعا في استغلالها عمليا، فيما تسمع وتقرأ عشرات المشاريع على الورق... واخيرا وليس آخرا تتحدث عن التنمية فتجدها اغنية على لسان كل مسؤول من دون جمهور.
يقولون انه عام يؤسس لتحولات داخلية وسط متغيرات اقليمية، لذلك لا بأس من ضياع فرصة هنا او هناك، وينسون ان الفرص يجب ان تستغل تحديدا في مثل هذه الظروف، وان الكويتيين يستحقون ان تفتح الطرق امام تقدم مجتمعهم ومستقبل ابنائهم... ولكن لا حياة لمن تنادي.
ارقام كثيرة زينت 2007. ارقام كثيرة خرجت من ثنايا الصحف وقاعات المجلس وغرف الحكومة. ارقام كثيرة تجولت بين مجالس الخدمة ودواوين المحاسبة ولجان المناقصات. ارقام كثيرة حلقت فوق رؤوسنا ومرت من حولنا... لكن رقما واحدا فقط علق في رؤوسنا وكان نجمة العام، هو الصفر المكعب الذي لم تنل الكويت غيره.
نقول ذلك من باب الواقعية لا من باب الاحباط. نقوله كي لا تصبح الفرص الضائعة شخصية 2008، فالسنوات ليست زمنا يجري وانما تاريخ يبنى ... والاجيال المقبلة لن تسامحنا على هذا التاريخ.


جاسم بودي

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي