ماتخافوش...!!

تصغير
تكبير
| د. سعيد فهمي |
رمضان كريم... وكل عام وانتم دايما طيبين... وربنا يكرمنا جميعا ويتقبل صيام عباده المؤمنين... ويرحمنا برحمته ويلبي دعاء الساجدين العابدين... قولوا جميعا آمين...!
رمضان كريم، وربنا يهون علينا أيامنا، وتكبر بلادنا بينا وتتحقق كل أحلامنا، وترضى علينا الحكومة وتنسينا عذابنا وآلامنا، وتحل مشاكلنا ونشوف الخير حوالينا وقدامنا...!
رمضان كرم، وربما ينور طريقنا حتى ولو بفانوس، ونحس بالأمل جوانا ولا نلاقي بيننا عبوس، والشباب يلاقي شغلانة ولا يكون بينهم عاطل أو موكوس، ويزيد الخير عالناس وتدوق طعم الفلوس، ويهون علينا دنيتنا ويزيل من أيامنا الكابوس، ويلاقي كل واحد حظه ولا نلاقي بيننا منحوس، ويبارك في بلدنا ويكفيها شر اليهود والماجوس، وفوق كده جماعات المهجر وأدعياء الدين وملوك الاحتكار والبلطجة والجاموس...!
لكن سيبك انت من الحاجات دي والشكليات، وتعالى نعمل زي الحاج حسين اللي غاوي مسلسلات... وأهي حاجة بتشغل وقته بدل القعدة على القهاوي وكلام خد وهات. وأهه بيكفي خيره شره ويتقي الحوار مع مراته والمشاحنات، ولا يتناقش معاها في مصاريف المدارس والعيد ولوازمهم والحاجات، ولا يعكنن على نفسه ولا يدخل في سفسطة ومهاترات، أحسن حاجة يعملها يقعد قدام التلفزيون ويتفرج عالمسلسلات، وأهي فرصة يشوف ويتفرج عالفنانين والفنانات، وايه آخر أخبار الفن ومستوى الحكاوي والسيناريوهات، وايه آخر أخبار عمليات الشد والتجميل للفنانات المتصابيات...!
عم حسين كان غاوي يتفرج على مسلسل نور الشريف، صاحب المسلسلات الهادفة صاحبة الفكر الراقي النظيف، واللي بتحذرنا من حاجات كتير في حياتنا اثرها شديد ومخيف، حاجة كده زي التلوث والانفلونزا والاحتكار وشكل الرغيف...! لكن لما شاف عنوان المسلسل استغرب ولا عجبوش، وحس ان العنوان مضروب وبعيد عن الواقع ومغشوش، العنوان كان اسمه على ما أظن ما تخافوش...!
إزاي الناس ما يخافوش وايه هي الحكاية وأصل القضية، وليه ما يخافوش وهم مرعوبين من الأيام اللي الجاية، عم حسين سرح في الخيال وفكر في عياله وأيامهم المستقبلية، وفكر في الدنيا لقاها لا بتتغير والأحوال زي ما هي...! لو الدروس الخصوصية زي الطاعون بتنهش في قوت الناس، ومصاريف المعيشة مش بتكفي البيوت والأسعار زي الكناس، ولو المستشفيات بتسبب العدوى بدل العلاج والمريض محتاس، لو الوظائف بتتوزع بالواسطة على ناس وناس، والحكومة بتفرض عالناس رسوم وضرائب من غير احساس، يبقى إزاي عاوزين الناس ما يخافوش...؟
لو الكهرباء والماء بتزيد دايما اسعارها، ولو جيت تعمل أي مشروع حتلاقي عشوائية ضريبية تتكوى بنارها، ولو عاوز تقضي مصلحة لازم تدفع علشان تقصر مشوارها.
ولو ليك معاملة في أي مكان يا إما تدفع يا تدوق مرارها، يبقى إزاي يا عم نور تيجي وتقول ما تخافوش...! لو الحكومة بتتعامل مع انفلونزا الخنازير من غير استعداد، وتسيب اصحاب الاحتكار زي السيف على رقاب العباد، وفارضة علينا قوانين عتيقة من أيام الأجداد، وتلاقي مافيش بينها وبين المواطن أي محبة أو وداد، يبقى ازاي تقولوا للناس ما تخافوش...! لما تبقى الفاكهة والخضراوات بتتروى بمياه المجاري، لما تلاقي النيل بيقتلوه ويلوثوه وانت مش داري، لما تبقى الحياة بتزيد صعوبتها والناس بتعاني، ولما الهبيشة بتزيد والفقر بيهبش في الناس يا عيني بتلالي، لما المواطن بيرخص يوم بعد يوم ولا فيه مسؤول بيبالي... يبقى إزاي مايخافوش...!
لما تلاقي الشباب بيهرب على بلد اليهود، ويوماتي بيحاول يهرب من الحدود، أو يروحوا يرموا نفسهم في البحر اللي يغرق أو يموت، لو تلاقي كل يوم بتزيد بين المواطن والمسؤول السدود، يبقى إزاي مايخافوش...!
عم حسين صعب عليه حاله وحال الناس، وفجأة اتلخبط وضرب أخماس في أسداس، وقام من قدام التلفزيون مكتئب كده ومحتاس، وحس وكأن قلبه انقبض وملاه وسواس خناس، راح ساب كل حاجة وجرى عالسرير حافي من غير مداس...!
الحاج حسين زعل قوي من مؤلف ماتخافوش، وسكت وقال في نفسه أكيد دي ناس مابيفهموش، ده عنوان أكيد مفبرك أو حكومي أو مغشوش، يا خسارة وقتي وعمري اللي ضاع كله فاشوش...!
وجري وراح عالسرير ونام وهو موتور، وطلب يصحوه وقت السحور، ويارب عقبال ما يصحى ويهضم الفول تتغير الأمور، وياريت فعلا مانخافش ونقلع الطرطور، وكل مسلسل وانت بخير يامواطن ياطيب يا أمور...!
[email protected]
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي