«إذا لم تطع أمك فستطيع زوجة أبيك» مثل ألباني
(1)
نصحنا السيد توني بلير في دراسته بتوجيه المواطنين للعمل في القطاع الخاص، كون القطاع الحكومي متخماً بالموظفين، وهو غير قادر على استيعاب التزايد في أعداد المتقدمين للعمل. وللمستر توني في ذلك مبرراته التي استقاها من واقع البلاد ومن استشرافه هو لمستقبلها، فهو أخذ بعين الاعتبار الانخفاض في عائدات النفط، وعدم تواؤم مخرجات التعليم مع حاجات البلاد البشرية والتنموية وسوى ذلك من العوامل.
(2)
ليس بيننا وبين السيد بلير خصومة، ولا لنا مع الحكومة ثارات الزير سالم، لكن لنا مع المواطنين حلف استراتيجي ووحدة مسار ومصير، لذا اعذرونا عما سنكتب، فلا نحن مناوئون لحكومتنا «الرشيدة» ولا نحن معادون لمستر توني.
إضافة لذلك لسنا ضد التجار ورجال الأعمال من «الهوامير» أو حتى «الزرازير»، اللهم إلا أن لنا خصومة مع تجار الإقامات فقط!
(3)
من منطلق إنساني تأثرنا جميعاً بقيام بعض الشركات بتسريح بعض عمالها وموظفيها من الوافدين، ولو تحرك حينها المعنيون بالملف الاقتصادي لما وصلنا لدرجة استغناء بعض الشركات عن موظفيها من المواطنين، وفي المبدأ فإن المواطن والوافد سواسية في الرزق، الذي أبى البعض إلا أن يقطعوه ويحيلوا أولئك «المفنشين» إلى مستدينين يعانون «الامرين» لتأمين قوت أولادهم.
وكل ذلك حصل للصدفة في ظل غياب مجلس الأمة المنحل، وفي غفلة من الحكومة، فلا وزير الشؤون تحرك ولا وزير المالية، ولم نسمع صوتاً يقول ان على الحكومة التزاما أدبيا وأخلاقيا تجاه المسرحين من مواطنيها، الذين ورطتهم الحكومة بتشجيعهم على العمل في القطاع الخاص بدل الحكومي.
(4)
لسنا بذاك التفاؤل لنقول ان القطاع الخاص يشعر بالتزام تجاه المواطنين، كما هي الحال في القطاع الحكومي، فالأمان في الوظيفة الحكومية أكبر بكثير، والأمان بيد الله أولاً وأخيراً.
واسمحوا لنا هنا بأن نكون واقعيين، فمن اتجه للقطاع الخاص من الكويتيين هم صفوة ونخبة وليسوا بطالة مقنعة، فهؤلاء لم ترضهم روتينية ورتابة العمل الحكومي الذي يجمد امكاناتهم، ويحيلهم إلى مجرد أرقام لا معنى لها إلا في سجلات الرواتب والبطالة المقنعة.
نعم أيها السادة، إن المواطنين العاملين في القطاع الخاص هم من خيرة امكانات الكويت البشرية وطاقاتها المبدعة الذين عرفوا أن «اللي ما يعرفك ما يثمنك»، أو ممن لم يطق الانتظار في بيوتهم حتى يأتي دورهم في التوظيف فبادروا وتخلصوا من الاتكالية على الحكومة وانطلقوا لبناء مستقبلهم بأيديهم، لكن ذلك لم يشفع لهم ولم يحمهم من «التفنيش» ولا داعي للاستغراق في سبب ذلك، فالأمور أكثر من واضحة والمثل يقول «الصيت عالي والبطن خالي»!
(5)
إن السؤال الأهم الآن هو ماذا على الحكومة أن تفعل لهؤلاء، هذا إن كانت تشعر، أصلاً، بواجب تجاه المسرحين من مواطنيها، وما الذي ستقدمه لهم، إن كان بإمكانها أن تقدم شيئاً!
وللحقيقة لم نسمع حتى الآن من بين كل المصرحين من أي طرف حكومي كلاما منطقيا ومقنعا حول التعامل بجدية مع هذا الملف الإنساني، فكل من صرح ركب الموجة ليظهر على صفحات الصحف، أو تهرب من اجابة عن سؤال إعلامي بإجابة مبهمة!
فعدد المسرحين ليس كبيراً إن كان هناك قرار باستيعابهم في القطاع العام، فألفان ومئتان من الموظفين ليس رقماً تعجز أمامه الحكومة إن هي أرادت ألا تعجز والمثل يقول «من سوى تسواله»!
لكن ذلك يجب أن يلفت الأنظار أكثر لقانون العمل الأهلي الذي لم يتمكن من حماية هؤلاء، وهم مواطنون، من التسريح التعسفي، فما بالك بالمستضعفين من المقيمين!
إن الحكومة اليوم أمام اختبار جدي لمدى تحملها للمسؤولية تجاه مواطنيها، وهي أمام امتحان عسير لتعديل القوانين بما يجنب المواطنين سلبيات التشريعات الحالية التي تهدر حقوقهم وتضيع أرزاقهم ومستقبل أبنائهم، ومن هنا نناشد سمو رئيس الوزراء الوقوف بكل حزم تجاه الشركات التي لم تحترم التزاماتها من جهة، والوقوف بجانب إخوانه وأبنائه ممن كانوا الضحايا الحقيقيين للأزمة المالية و«النار بدايتها شرارة» كما يقول المثل.
خالد عيد العنزي
كاتب وصحافي كويتي
Al_malaas@hotmail.com