الاستجواب لا يخيف ... أنتم الخائفون!


">">أكثر المتضررين من استجواب النائب مسلم البراك للوزير جابر الخالد هم النافخون في الكير والمطبلون بالتصعيد والمهددون بالويل والثبور وعظائم الامور وممتهنو التحريض لدى المراجع العليا والاقطاب. هؤلاء لا يؤمنون في دواخلهم إلا بالرأي الواحد والصوت الواحد ويخشون حقيقة لفظ كلمة الدستور لأنها تعني الديموقراطية والرقابة والمحاسبة.
لنتذكر فقط كيف كان المشهد قبل الاستجواب الحالي أو الاستجوابات السابقة. فريق معروف برموزه وأشخاصه يعتبر أي مساءلة نيابية مؤامرة مباشرة ضده. ثم يسرب ويمرر ويدفع ويعمّم في اتجاه أن هذه «المؤامرة» تستهدف النظام أو هيبة النظام. ثم يحشد الاصوات بضرورة التصدي لهذه «المؤامرة» ولو اقتضى الامر تعليق الدستور، ثم يسوّق لنظرية أن الحكم قدم «منسفه» وما عليه الآن إلا أن يستل «سيفه».
هذا الفريق المعروف برموزه واشخاصه أوجد حالة غير مسبوقة في النظام السياسي الكويتي. حالة من ضيق الصدر والانغلاق والازدراء بالرأي الآخر. حالة «جاهلية» تنكر أي علاقة بين النظام والدستور وتنسى ان النظام لن يعود نظاما بلا دستور. حالة صورت بعض اخطاء النواب وكأنها «مؤامرة» من سلطة كاملة على سلطة أخرى متجاهلة الوكالة الشعبية المعطاة لهذه السلطة... وهذا الفريق كان الاكثر تضررا من الاستجواب الاخير.
لماذا؟
حصل الاستجواب وقال البراك ما عنده بعدما قدم المحاور، وقال الوزير الخالد ما عنده مفنّدا المحاور. تحدث المؤيدون والمعارضون وجميعهم قدموا الحجج التي تدعم مداخلاتهم، وقدم طلب طرح الثقة وتم تحديد موعد جلسة التصويت على طرح الثقة. عملية سياسية ديموقراطية من أرقى ما تكون، رعاها في الدرجة الأولى صاحب السمو الامير الذي كانت استقبالاته المتكررة للنواب لافتة، والذي كرر أمامهم عبارة تحمل اكثر من دلالة مفادها أن لا خير في ممثل للأمة لا يُسائل وزيرا اذا رأى انه اخطأ، مع تشديده الدائم على ضرورة التزام آداب الحوار والخلاف والاختلاف والابتعاد عن التجريح وحصر الاستجواب في محاوره... وهكذا كان.
حصل الاستجواب والحكم الآن لممثلي الشعب. هم يقررون في ضوء سماعهم لحجج الطرفين، ولا داعي لان يتحرك الفريق إياه لادعاء انه يجمع الاصوات لدعم الوزير كما لا حاجة لصدور أي تصريح من رموزه يدافع عن موقف الحكومة في الشكل ويؤزم الامور في الجوهر، وبالتأكيد ايضا وايضا لا حاجة للتسريبات والتمريرات الاعلامية والسياسية للقول بان من قدم الاستجواب فاز أو من تقدم ضده الاستجواب فاز. لا الوزير يحتاج الى هذا «الدعم الملغوم» وهو الذي أبلى بلاء حسنا في الردود، ولا النائب البراك تخيفه «التهويسات» او تدفعه الاستفزازات الى اعلان مواقف جارحة تخرج الاستجواب من صورته الراقية... دعوا الامور لممثلي الشعب كل حسب قناعته وحاولوا انتم ان تتغيروا على قياس البلد بدل العمل كل الوقت لتغيير كل شيء في البلد على قياسكم.
ومبعث الخوف الاساسي لدى المتضررين هو تعميم نموذج الاستجواب الحالي مستقبلا، فالوزير الخالد صعد المنصة وقال ما عنده وربما لا يملك غيره الجرأة والقدرة، خصوصا اذا كان يعيش لعقود مثل «امرأة القيصر» فوق الشبهات. الوزير الخالد التقى البراك في منتصف الطريق بالنسبة الى شبهة التنفيع في اعلانات الانتخابات وما رافقها من هدر حيث حولها إلى النيابة للتحقيق فيها، فهل يستطيع غيره من الوزراء أن يقف على المنصة ويتحدث عن عشرات وربما مئات الملايين التي ذهبت بلا حسيب أو رقيب؟
الاستجواب الحالي نجح بمجرد تطويقه شبهة الهدر في عقد اعلاني وتحويل القضية الى النيابة العامة، فحفظ الاموال العامة هدف اساسي للسلطتين... لكنه كان «بروفة» حقيقية لاستجوابات مقبلة بدأ المرشحون لها يتحسسون منذ اليوم ذقونهم.
الاستجواب ليس «تخروعة» ولا يخيف إلا... الخائفين.
جاسم بودي
لنتذكر فقط كيف كان المشهد قبل الاستجواب الحالي أو الاستجوابات السابقة. فريق معروف برموزه وأشخاصه يعتبر أي مساءلة نيابية مؤامرة مباشرة ضده. ثم يسرب ويمرر ويدفع ويعمّم في اتجاه أن هذه «المؤامرة» تستهدف النظام أو هيبة النظام. ثم يحشد الاصوات بضرورة التصدي لهذه «المؤامرة» ولو اقتضى الامر تعليق الدستور، ثم يسوّق لنظرية أن الحكم قدم «منسفه» وما عليه الآن إلا أن يستل «سيفه».
هذا الفريق المعروف برموزه واشخاصه أوجد حالة غير مسبوقة في النظام السياسي الكويتي. حالة من ضيق الصدر والانغلاق والازدراء بالرأي الآخر. حالة «جاهلية» تنكر أي علاقة بين النظام والدستور وتنسى ان النظام لن يعود نظاما بلا دستور. حالة صورت بعض اخطاء النواب وكأنها «مؤامرة» من سلطة كاملة على سلطة أخرى متجاهلة الوكالة الشعبية المعطاة لهذه السلطة... وهذا الفريق كان الاكثر تضررا من الاستجواب الاخير.
لماذا؟
حصل الاستجواب وقال البراك ما عنده بعدما قدم المحاور، وقال الوزير الخالد ما عنده مفنّدا المحاور. تحدث المؤيدون والمعارضون وجميعهم قدموا الحجج التي تدعم مداخلاتهم، وقدم طلب طرح الثقة وتم تحديد موعد جلسة التصويت على طرح الثقة. عملية سياسية ديموقراطية من أرقى ما تكون، رعاها في الدرجة الأولى صاحب السمو الامير الذي كانت استقبالاته المتكررة للنواب لافتة، والذي كرر أمامهم عبارة تحمل اكثر من دلالة مفادها أن لا خير في ممثل للأمة لا يُسائل وزيرا اذا رأى انه اخطأ، مع تشديده الدائم على ضرورة التزام آداب الحوار والخلاف والاختلاف والابتعاد عن التجريح وحصر الاستجواب في محاوره... وهكذا كان.
حصل الاستجواب والحكم الآن لممثلي الشعب. هم يقررون في ضوء سماعهم لحجج الطرفين، ولا داعي لان يتحرك الفريق إياه لادعاء انه يجمع الاصوات لدعم الوزير كما لا حاجة لصدور أي تصريح من رموزه يدافع عن موقف الحكومة في الشكل ويؤزم الامور في الجوهر، وبالتأكيد ايضا وايضا لا حاجة للتسريبات والتمريرات الاعلامية والسياسية للقول بان من قدم الاستجواب فاز أو من تقدم ضده الاستجواب فاز. لا الوزير يحتاج الى هذا «الدعم الملغوم» وهو الذي أبلى بلاء حسنا في الردود، ولا النائب البراك تخيفه «التهويسات» او تدفعه الاستفزازات الى اعلان مواقف جارحة تخرج الاستجواب من صورته الراقية... دعوا الامور لممثلي الشعب كل حسب قناعته وحاولوا انتم ان تتغيروا على قياس البلد بدل العمل كل الوقت لتغيير كل شيء في البلد على قياسكم.
ومبعث الخوف الاساسي لدى المتضررين هو تعميم نموذج الاستجواب الحالي مستقبلا، فالوزير الخالد صعد المنصة وقال ما عنده وربما لا يملك غيره الجرأة والقدرة، خصوصا اذا كان يعيش لعقود مثل «امرأة القيصر» فوق الشبهات. الوزير الخالد التقى البراك في منتصف الطريق بالنسبة الى شبهة التنفيع في اعلانات الانتخابات وما رافقها من هدر حيث حولها إلى النيابة للتحقيق فيها، فهل يستطيع غيره من الوزراء أن يقف على المنصة ويتحدث عن عشرات وربما مئات الملايين التي ذهبت بلا حسيب أو رقيب؟
الاستجواب الحالي نجح بمجرد تطويقه شبهة الهدر في عقد اعلاني وتحويل القضية الى النيابة العامة، فحفظ الاموال العامة هدف اساسي للسلطتين... لكنه كان «بروفة» حقيقية لاستجوابات مقبلة بدأ المرشحون لها يتحسسون منذ اليوم ذقونهم.
الاستجواب ليس «تخروعة» ولا يخيف إلا... الخائفين.
جاسم بودي