شاكر عبدالكريم الصالح / عصف ذهني / المجلس البلدي منقوص

تصغير
تكبير
يعتقد الكثير أن عضوية المجلس البلدي تقتصر فقط على ذوي المؤهلات الهندسية دون غيرهم، ويدافع هؤلاء بضراوة عن هذا الرأي، ودفاع هؤلاء لا يستند إلى حقائق وحجج، وإنما مستندون على العرف العام والمشاع بين الناس. وللحكم على هذا الرأي بموضوعية، وللتوصل إلى مدى صحته يجب الرجوع إلى الأساس التشريعي للمجلس البلدي والبلدية، وهو القانون رقم 5 لسنة 2005 في شأن بلدية الكويت الذي نظم كل ما يتعلق في شؤون البلدية، لنرى ماذا قال.
أوضحت المادتان (12) و(26) من القانون سالف الذكر اختصاصات المجلس البلدي وبلدية الكويت، إذ تضمنت المادة (12) عدد ثلاثة عشر اختصاصاً للمجلس، بينما أوردت المادة (26) عدد إحدى عشرة مسألة تنفيذية تحت إشراف البلدية، وعند الوقوف على إجمالي تلك البنود الأربعة والعشرين والنظر فيها بتروٍ ودقة، يتبين أنها متنوعة ومتشعبة في اتجاهات عدة، منها القانوني والإداري والهندسي والمالي والجمالي والصحي والتخطيطي وغيرها، هذا أولاً.
ثانياً: نسبة البنود ذات الشق الهندسي لا تتعدى عشرين في المئة من جملة البنود، بينما نسبة كل من الشق التخطيطي والشق المتعلق بالصحة العامة كل على حدة يفوق وزن الشق الهندسي.
ثالثاً: الهندسة كعنوان عام تتفرع منها تخصصات دقيقة، على سبيل المثال: الهندسة المدنية أو المعمارية أو الكهربائية أو الكيمياوية أو الميكانيكية أو البترولية أو الإلكترونية أو الفيزيائية، حتى هندسة الكمبيوتر وغيرها، وحاجة المجلس البلدي فإنها تتركز على بعض هذه التخصصات وليس كلها كما هو يتداول وسارٍ بين الناس.
لذلك ليس من الحكمة ومن غير المناسب أن تكون الصبغة العامة لمرشحي البلدي من المهندسين، لأن من شأن ذلك إيجاد اختلال في المنظومة المتكاملة لأهداف وأعمال هذا الجهاز، ويترك فراغاً كبيراً في استكمال الاختصاصات المنصوص عليها للقيام بمهامه على أكمل وجه.
وفي الوقت نفسه هذا لا يعني أن الهندسة غير مرغوبة، العنصر الهندسي مطلوب، إلا أن دوره يأتي كمرحلة لاحقة بعد العناصر التالية، وهي الرؤية والتخطيط والإدارة، فهذه العناصر الثلاثة هي الأسس التي يقوم عليها أي بنيان مهما كانت طبيعته ونوعه، وهذه الركائز تعتبر الشرارة الأولى للانطلاق نحو آفاق واعدة بطريقة سليمة وثابتة وقوية... إذاً لا يمكن بأي حال من الأحوال اختزال عضوية البلدي في المهندسين فقط، فالمجلس بحاجة كذلك إلى المخططين والإداريين والماليين والصحيين وأصحاب الفنون والاقتصاديين والقانونيين، وذلك من أجل إيجاد كيان متكامل ومتوازن وغير منقوص.
شاكر عبدالكريم الصالح
كاتب كويتي
sh-al-saleh@windowslive.com
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي