«الخال» يوسف الغانم هرمٌ رحل وما... هَرِم


بصمت وهدوء وسلام... رحل كما عاش. تاركاً ذكراه تروي سيرته تماماً كما كانت أعماله تحكي عنه. كان يتنصل من الاعتراف بعمل الخير بحكم تواضعه ويرفض الإشارة إلى أدواره السياسية الأساسية التي لعبها من خلف الستار في المراحل المصيرية التي شهدتها الكويت... لكنه لا يستطيع اليوم أن يتنصل من حقيقة الغياب ولا يمكن لأحبابه إلا أن يعترفوا بأنه غادر إلى دنيا الحق.
«الخال» يوسف إبراهيم الغانم، لم نعرف له لقباً أحب إلى قلبه منه. كانت كلمة «الخال» جواز مرور إلى قلبه وعقله فتنفرج أساريره ويفتر ثغره عن ابتسامة الأبوة الفرحة بنجاح ابنها. يغمرك بالأسئلة والاهتمام. يحرص عليك أكثر من حرصك على نفسك ويطاردك برسائل الاطمئنان إذا شعر بأنك مهمل في الصحة أو العمل أو الدراسة.
ما لا يعرفه الناس عن «أبوإبراهيم» أنه رفض كل العروض السياسية التي وصلت إليه على طبق من ذهب مفضلاً العمل الخيري التطوعي لأنه بالنسبة إليه أقرب المناصب إلى الله، ومن هنا كان دوره التأسيسي لجمعية الهلال الأحمر وجمعيات المساعدات الاجتماعية الأخرى واللجنة الشعبية لجمع التبرعات وغيرها.
لعب «الخال» أدواراً أساسية في بلورة الحياة الديموقراطية الكويتية وتطوير النظام السياسي، لكن غالبيتها حصلت بصمت ومن دون أضواء. وربما سيتوقف التاريخ يوماً في محطة ذكريات من عاصره ليكشف مساهمته في بلورة مشروع المجلس التأسيسي وفي مجلس التخطيط عامي 1961 و1962، وقبل ذلك في اللجنة الإدارية للرابطة الكويتية، وقبل ذلك تطوير عمل المجلس البلدي الذي كان عضواً فيه منذ 1950، وربما سيكشف معاصروه ما أخفاه طويلاً عن دوره في الأزمتين السياسيتين اللتين عصفتا بالكويت قبل الغزو وخلال مؤتمر جدة وما تلاه من محاولات لتطوير الحياة السياسية ودعم استقرارها بعد التحرير وصولاً إلى الدور المحوري غير المعلن في أزمة الحكم القصيرة بعد رحيل المغفور له الشيخ جابر الأحمد.
أما عن أدواره الاقتصادية فحدث ولا حرج، إلا ان السمة الغالبة في عمله كانت الوفاء والاخلاص والاستقامة. ويذكر أحد الأعلام الوطنية والسياسية الكويتية العم جاسم القطامي أنه عندما قرر ترك العمل الحكومي كان يوسف إبراهيم الغانم رئيساً لشركة تحمل اسمه ومعه ابن شقيقته شريكاً، فاتصل به وأدخله شريكاً ثالثاً في الشركة رغم ان القطامي لم يكن يملك الحصة المالية التي تؤهله لتلك الشراكة.
«الخال» هرم وطني رحل وما هَرِم. بقي شاباً بفضل روحه الشابة ومجاراته الدائمة لتطورات العصر. قارئ نهم للكتب والصحف والأحداث ومتابع لا يمل ولا يكل.
مدرسة في المحبة والأخلاق يحب الجميع ويحبه الجميع. ما رد سائلاً ولا أدار ظهره لمهمة أو دور أو نداء، لكنه عقد حلفاً مع التواضع واتفاقاً مع السر كي لا تعلم يساره ما قدمت يمينه وكي يترك للآخرين فرصة عشق الأضواء... أما هو فتكفيه راحة الضمير واطمئنانه إلى أداء واجبات الدين والدنيا حين يلاقي ربه.
يقول الرسول عليه الصلاة والسلام: «إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية، أو علم يُنتفع به، أو ولد صالح يدعو له»... و«الخال» يوسف إبراهيم الغانم ترك الثلاثة وأهمها ذريته الصالحة من أبناء وأحفاد نشأوا على القيم التي تشربوها من رجل استثنائي مميز ضن الزمان بأمثاله.
رحم الله «الخال» وألهم أهله وأهل الكويت الصبر والسلوان.
جاسم بودي
«الخال» يوسف إبراهيم الغانم، لم نعرف له لقباً أحب إلى قلبه منه. كانت كلمة «الخال» جواز مرور إلى قلبه وعقله فتنفرج أساريره ويفتر ثغره عن ابتسامة الأبوة الفرحة بنجاح ابنها. يغمرك بالأسئلة والاهتمام. يحرص عليك أكثر من حرصك على نفسك ويطاردك برسائل الاطمئنان إذا شعر بأنك مهمل في الصحة أو العمل أو الدراسة.
ما لا يعرفه الناس عن «أبوإبراهيم» أنه رفض كل العروض السياسية التي وصلت إليه على طبق من ذهب مفضلاً العمل الخيري التطوعي لأنه بالنسبة إليه أقرب المناصب إلى الله، ومن هنا كان دوره التأسيسي لجمعية الهلال الأحمر وجمعيات المساعدات الاجتماعية الأخرى واللجنة الشعبية لجمع التبرعات وغيرها.
لعب «الخال» أدواراً أساسية في بلورة الحياة الديموقراطية الكويتية وتطوير النظام السياسي، لكن غالبيتها حصلت بصمت ومن دون أضواء. وربما سيتوقف التاريخ يوماً في محطة ذكريات من عاصره ليكشف مساهمته في بلورة مشروع المجلس التأسيسي وفي مجلس التخطيط عامي 1961 و1962، وقبل ذلك في اللجنة الإدارية للرابطة الكويتية، وقبل ذلك تطوير عمل المجلس البلدي الذي كان عضواً فيه منذ 1950، وربما سيكشف معاصروه ما أخفاه طويلاً عن دوره في الأزمتين السياسيتين اللتين عصفتا بالكويت قبل الغزو وخلال مؤتمر جدة وما تلاه من محاولات لتطوير الحياة السياسية ودعم استقرارها بعد التحرير وصولاً إلى الدور المحوري غير المعلن في أزمة الحكم القصيرة بعد رحيل المغفور له الشيخ جابر الأحمد.
أما عن أدواره الاقتصادية فحدث ولا حرج، إلا ان السمة الغالبة في عمله كانت الوفاء والاخلاص والاستقامة. ويذكر أحد الأعلام الوطنية والسياسية الكويتية العم جاسم القطامي أنه عندما قرر ترك العمل الحكومي كان يوسف إبراهيم الغانم رئيساً لشركة تحمل اسمه ومعه ابن شقيقته شريكاً، فاتصل به وأدخله شريكاً ثالثاً في الشركة رغم ان القطامي لم يكن يملك الحصة المالية التي تؤهله لتلك الشراكة.
«الخال» هرم وطني رحل وما هَرِم. بقي شاباً بفضل روحه الشابة ومجاراته الدائمة لتطورات العصر. قارئ نهم للكتب والصحف والأحداث ومتابع لا يمل ولا يكل.
مدرسة في المحبة والأخلاق يحب الجميع ويحبه الجميع. ما رد سائلاً ولا أدار ظهره لمهمة أو دور أو نداء، لكنه عقد حلفاً مع التواضع واتفاقاً مع السر كي لا تعلم يساره ما قدمت يمينه وكي يترك للآخرين فرصة عشق الأضواء... أما هو فتكفيه راحة الضمير واطمئنانه إلى أداء واجبات الدين والدنيا حين يلاقي ربه.
يقول الرسول عليه الصلاة والسلام: «إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية، أو علم يُنتفع به، أو ولد صالح يدعو له»... و«الخال» يوسف إبراهيم الغانم ترك الثلاثة وأهمها ذريته الصالحة من أبناء وأحفاد نشأوا على القيم التي تشربوها من رجل استثنائي مميز ضن الزمان بأمثاله.
رحم الله «الخال» وألهم أهله وأهل الكويت الصبر والسلوان.
جاسم بودي