حوار / استبعد أن يكون هناك تحرك في مجلس الأمن بخصوص توجيه اتهام نصرالله والمطالبة بمحاكمته

شهاب لـ «الراي»: «حزب الله» خطط لسيناريو التخريب وعندما فشل انتقل إلى سيناريو تشويه صورة مصر وتقزيم دورها

تصغير
تكبير
| القاهرة - من سلطان العزيزي |
شدد وزير الدولة للشؤون القانونية والمجالس النيابية في مصر مفيد شهاب، على أن بلاده لن تقف مكتوفة الأيدي تجاه أي عمل عدائي يستهدف أمنها وسلامة أراضيها. وقال في حوار مع «الراي»، تناول قضية «تنظيم حزب الله»، «إننا أمام قضية مكتملة الأركان، وتحتوي على اعترافات المتهمين، اضافة الى اعتراف الأمين العام لحزب الله (السيد) حسن نصرالله بضلوع أعضاء من حزب الله في القضية».
ورفض شهاب ما أسماه محاولات نصرالله، «تبرير فعلته على أنها دعم للمقاومة الفلسطينية»، قائلا: «عايزين نبطل نعمل القضية الفلسطينية شماعة نعلق عليها أوزارنا». ولفت إلى أن «حزب الله خطط لسيناريو تدميري يقوم على ارتكاب جرائم - مؤثّمة قانونا - بهدف إثارة القلاقل، وزعزعة الاستقرار المصري». وشدد شهاب على أن القانون المصري، هو الذي سيحاكم مرتكبي هذه الجرائم - في حال ثبوتها عليهم - لأنها وقعت على الأراضي المصرية، مستبعدا أن يكون هناك تحرك مصري في مجلس الأمن بخصوص توجيه اتهام نصرالله والمطالبة بمحاكمته.

وفي ما يأتي نص الحوار:
 
• كيف تنظرون إلى قضية «تنظيم حزب الله»؟
- المسألة لا تحتاج الى تقويم، لأن الأمر يتعلق بقضية جنائية تجرى فيها التحقيقات على مدار الساعة، ولم تنته حتى الآن لنستطيع تقويمها، أما إن كنت تسأل عن القضية نفسها، فنحن أمام عمل أمني مشرف لأجهزة الأمن المصرية التي استطاعت أن تحبط مخططا عدائيا كان يستهدف زعزعة الأمن.
وهناك جريمة مكتملة الأركان، والتحقيقات والمتابعة كانت تتم منذ فترة، وتم ضبط التنظيم، والناس اعترفوا بأنفسهم، ثم اعترف بعد ذلك حسن نصرالله نفسه، وكنه حاول أن يبرر فعلته بادعائه بوجود هذه العناصر داخل الأراضي المصرية بهدف مساعدة الفلسطينيين.
• لكن ربما كان الهدف فعلا مساعدة الفلسطينيين؟
- عايزين نبطل نعمل القضية الفلسطينية شماعة نعلق عليها كل الأوزار، التي تحدث، وأي عمل لدعم القضية الفلسطينية، والشعب الفلسطيني، على عينا وعلى رأسنا، إنما لا بد أيضا أن يكون هذا العمل من خلال كل ما هو مشروع.
• البعض - ومنهم «حزب الله»، يبررون ذلك بوجود حصار شديد على الفلسطينيين، وعجزهم عن مساعدتهم بطرق مشروعة، ما تعليقك؟
- حتى لا نتحدث عن تبريرات واهية، لا بد أن نطرح تساؤلا مهما، هل المساعدات تكون عن طريق تهريب السلاح، واستخدام جوازات سفر مزورة، وتخطيط لعمليات عدائية؟ ولماذا يجب أن تتم هذه العمليات من على الحدود المصرية والأراضي المصرية؟
الغاية لا تبرر الوسيلة، ومصر لن يستطيع أحد أن يزايد على دورها المحوري والتاريخي في المنطقة العربية، ودورها الذي لا يستطيع أحد أن ينكره تجاه القضية الفلسطينية على وجه الخصوص.
وهناك طرق كثيرة لدعم القضية والشعب الفلسطيني، والأمثلة المصرية في ذلك كثيرة جدا، وفي الحقيقة قول حسن نصرالله بأن مصر تمنع تهريب الأسلحة الفلسطينيين يذكرني بالنغمة النشاز نفسها التي حاولت معه بعض القوى الأخرى ترديدها عندما اختزلت القضية الفلسطينية في معبر رفح.
ولا بد أن يعرف القاصي والداني، أنه لا توجد دولة في العالم كله تسمح بوجود اتفاق في أراضيها لتهريب الأسلحة منها إلى دولة أخرى، وإذا كان هذا أمرا ملحا وضروريا، فلا بد أن يكون منظما وبالاتفاق في ما بين الطرفين شرط أن يكون الهدف منه مشروع، مثل النفق الرابط بين انكلترا وفرنسا تحت المانش، وليس في شكل سري أو لتهريب الأسلحة أو المخدرات أو المواد المتفجرة، أو الأموال المزورة... هذا أمر مرفوض تماما.
ويجب أن يعرف حسن نصرالله وغيره، أنهم إن أرادوا أن يدعموا القضية الفلسطينية عن طريق مصر وأراضيها، فلا بد أن يكون ذلك بالطرق المشروعة، وبموافقة المصريين أولا.
• وهل تعتقد أن تصريحات نصرالله التي أطلقها في أعقاب الكشف عن التنظيم داخل مصر جاءت استكمالا للسيناريو السابق، والحملة العدائية التي شنها ضد مصر خلال الحرب على غزة؟
- هناك سيناريوات - وليس سيناريو واحد - الأول هو سيناريو التدمير وارتكاب الجرائم المؤثمة قانونا، وإثارة القلاقل وزعزعة الأمن والاستقرار المصري. وعندما أحبطت قوات الأمن هذا المخطط، بدأ نصرالله في مرحلة التبرير والتحول إلى السيناريو الثاني أو الخطة البديلة، وهي محاولة تشويه صورة مصر وإظهارها على أنها تتخلى عن واجباتها تجاه الفلسطينيين والقضية الفلسطينية.
وبدلا من أن يدين نصرالله هذا التصرف أو يقدم الاعتذار عنه، وجدناه يحاول إبعادنا وإبعاد غير العارفين ببواطن الأمور وحقيقتها عن الموضوع الأساسي واللجوء إلى الحيلة القديمة التي لجأ إليها وقت الحرب على غزة، وهي تشويه صورة مصر، وهذا مخطط قديم حاولت قوى عدة بالتحالف مع «حزب الله» تنفيذه خلال الحرب على غزة في محاولة فاشلة ويائسة لتقزيم الدور المصري، وتحميل مصر مسؤولية ما يحدث داخل فلسطين، وكل إنسان عاقل لا يمكن أن تنطلي عليه هذه الحيلة أو هذه الادعاءات، خصوصا أن الشعب المصري بكل أطيافه رفضوا محاولته الفاشلة التي طلب فيها من المصريين والقوات المسلحة أن تنقلب على النظام، وأعطوه درسا حقيقيا في معنى الدولة والوطنية، وأكدوا له أن مصر وشعبها ليسا تنظيما أو ميليشيات.
• وهل تعتقد أن هذه الرسالة وصلت الى نصرالله؟
- بالتأكيد، ولا بد أن يعرف الجميع أن الأولوية الأولى عند الرئيس المصري، ومن خلفه الحكومة والشعب بأكمله، المحافظة على أمن وسلامة الأراضي المصرية، ويأتي بعد ذلك أي شيء وليس قبله.
• في الشأن البرلماني، أنتم وزير الدولة للشؤون القانونية والمجالس النيابية، هل سيتوقف الدور عند إصدار البيانات أم أنه سيكون هناك تحرك على مستوى البرلمانات العربية؟
- في الحقيقة، إن الحاكم في هذا الموقف هو مجريات الأحداث، وما ستكشفه الأيام المقبلة، ولأن القضية لا تتعلق بمسألة الأمن القومي، ولا تزال في طور التحقيقات تفاعل البرلمان معها، وأدانها وعبر عن استيائه منها في شكل رسمي.
ويوما بعد يوم ستتضح الأمور، وعندما اعترف نصرالله بتورط أحد عناصره في هذا التنظيم، ثم بدأ يكذب في أصل الموضوع، تحرك البرلمان أيضا، وتحرك النواب، واظهروا مشاعرهم، وأعلنوا مواقفهم، ثم كان هناك تحرك آخر على المستوى الديبلوماسي، وبالتأكيد ستكون هناك مواقف أخرى تعبر عنها في حينها، وأيضا ترد بها على أي تصريحات أو ادعاءات تخرج على لسان «حزب الله».
• في الفترة الأخيرة، كشفت الأحداث على الصعيد العربي مدى حجم الشرخ الموجود في جدار الأمة العربية، وبذلت مصر جهودا كبيرة في إطار المصالحة العربية، هل مستقبل المصالحة سيتأثر بهذه القضية؟
- مرة أخرى أكررها لك، وللكل، يجب ألا نجعل من المصالحة العربية «شماعة»، ويخرج أحد ليقول، «من أجل المصالحة العربية تغاضي يا مصر عما يحدث على أراضيك من أعمال تخريبية أو تدميرية، ودخول غير مشروع لعناصر معينة، لأن ذلك من الممكن أن يؤثر سلبا على المصالحة العربية».
وأنا أقول لهم، لا وألف لا... المصالحة العربية يجب أن تكون صحيحة وتقوم على نيات صادقة، وتعاون حقيقي، وعلى أساس احترام القانون، وأنا أتصور أن من الضروري - وهذا حادث الآن - أن يساندنا ويؤيدنا العالم العربي في موقفنا من حماية أمننا وسلامة أراضينا، وتأكيدنا لسيادتنا على الأراضي المصرية، وكل شبر فيها. ويجب أن يسكت المزايدون ويعرفون أن مصر لا تتاجر بدورها، وما تفعله في المنطقة، وأنها أيضا لن تقبل أن يتاجر أحد به أو يستغله.
وهنا أتساءل: هل كانت ترضى أي دولة عربية أخرى - التي تسعى الى المصالحة معها - أن يكون في أراضيها أنفاق سرية؟ هل تقبل سورية أن يكون لديها أنفاق سرية إلى داخل إسرائيل؟ وهل يقبل الأردن مثلا أن يكون لديه هذه الأنفاق، ويستخدمها ناس يقومون بعمليات تخريبية؟ يقينا لا، ونحن لا نقبل ذلك لغيرنا، وبالتالي على الآخرين ألا يقبلوا ذلك لمصر.
وهنا لا بد أن نتذكر إسراع حسن نصرالله خلال الحرب الأخيرة على غزة بأن ينفي أن يكون الصاروخان اللذان انطلقا من جنوب لبنان في اتجاه إسرائيل خرجا من عنده أو أمر بإطلاقهما، ووقتها قال إنهم يعرفون متى يتدخلون ويعرفون التوقيت المناسب، لذلك فالذي لا يقبله على نفسه لا يقبله لغيره.
وكيف يريد أن يقوم بما يدعيه أنه أعمال لوجيستية لدعم المقاومة من حدود دولة أخرى، ولماذا لا يقوم بها من جنوب لبنان؟ ثم أي أعمال مقاومة هذه التي تتطلب استئجار منازل مواجهة لقناة السويس يتم من خلالها رصد حركة الملاحة في القناة.
المسألة لا تتعلق بالمصالحة العربية، أو دعم القضية الفلسطينية. يجب أن يتفهم حسن نصرالله أن من حق كل دولة أن تحمي أمنها وتمارس سيادتها على أراضيها - مصر ليست دولة مستباحة لأي شخص أو جهة أو دولة - مصر للمصريين فقط، وليست لأحد غيرهم، ولا أتصور أن عربيا واحدا يقبل أن يتجاوز عن معاقبة من يقوم بالتخريب في بلدنا.
• البعض ومنهم نواب في البرلمان المصري طالبوا بتقديم نصرالله إلى المحكمة الدولية، والبعض الآخر اقترح أن توجه مصر اتهاما مباشرا له في مجلس الأمن استنادا إلى اعترافه؟
- هذا الأمر في الغالب يحدث عندما تكون المتورطة في هذه الأعمال التحريضية العدائية، دولة وليس شخصا. أي أن يكون الأمر متعلقا بالعلاقات الدولية، لكن «حزب الله» تنظيم حزبي وأعضاؤه الذين أرسلهم لتنفيذ هذا المخطط ارتكبوا جريمة التخطيط لتنفيذ عمليات عدائية، وبالتالي تسري عليهم أحكام قانون العقوبات المصري.
• من المعروف أن قانون العقوبات المصري، ومن اسمه يتضح أنه ينظم أحوال وعقوبات الجرائم التي يرتكبها المصريون، فهل تسري أحكامه على غير المصريين أم أن لهم وضعا آخر في القانون؟
- ثبت من التحقيقات الأولية التي أجرتها النيابة العامة أن هؤلاء الأشخاص بدأوا في التخطيط والشروع في ما خططوا له من أعمال تخريبية، وأظهرت التحقيقات أنهم استأجروا منازل ومباني مواجهة في شكل مباشر لقناة السويس، وعدداً من المنازل على الحدود المصرية - الفلسطينية، وأشياء أخرى كشفت عنها التحقيقات، اضافة الى ان اعترافات المتهمين أنفسهم تؤكد تورطهم في التهم المنسوبة لهم، وبالتالي، وطبقا لنص المادة الأولى من قانون العقوبات التي تقول إنه تسري أحكام هذا القانون على أي جريمة ترتكب في القطر المصري.
أي أن هذا القانون تطبق أحكامه على أي جريمة تحدث على الأراضي المصرية بغض النظر عن مرتكبيها، طالما أنها وقعت داخل الأراضي المصرية، لأن العبرة هنا هي سلامة وأمن الإقليم، ولا يهمنا أن يكون اسمه، أحمد أو جورج مصري أو أجنبي، رجل أو سيدة أسود الوجه أو أبيض. وبالتالي ما يهمنا هو الجريمة في حد ذاتها، وهل تهدد الأمن المصري أم لا، ولذلك فإن القانون المصري هو الذي سيطبق على المتهمين إذا ثبتت إدانتهم، لأنهم قاموا بجرائم مؤثمة تمس أمن الإقليم المصري.
• وما الخطوة التي من الممكن أن تتخذها مصر في حال ما حدث فيها، أي عمل عدائي، طالما أن طريق مجلس الأمن والمحكمة الدولية أصبح مغلقا؟
- قول واحد، مصر لن تقف مكتوفة الأيدي إذا كان هناك أي تحرك عدائي ضدها. نحن لا نعادي أحدا، ونحن من أنصار المصالحة العربية، إنما عندما يتعلق الأمر بالأمن القومي، والدفاع عنه، فإن مصر قادرة على ذلك، ولديها من الوسائل الكثير لترد به على أي شخص أو جهة تحاول العبث بالأمن القومي، وسلامة هذه الأرض والشعب، الذي يعيش عليها.
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي