كبير مسؤولي الشؤون السياسية في الأمم المتحدة سابقاً قال لـ «الراي» إن الرئيس ليس فوق القانون

نوار: فليذهب البشير حتى يعيش السودان

u0625u0628u0631u0627u0647u064au0645 u0646u0648u0627u0631
إبراهيم نوار
تصغير
تكبير
|القاهرة - من حنان عبدالهادي|
أكد كبير مسؤولي الشؤون السياسية سابقاً في بعثة الأمم المتحدة لمساعدة العراق الدكتور إبراهيم نوار أن هناك مبادرة يقوم بها حزب «الجبهة الديموقراطي» لتجنيب السودان ما تعرض له العراق العام 2003، وقد وجهت المبادرة إلى القوى السياسية السودانية، ويشارك في المبادرة الحزب الحاكم في السودان، وغيره من الأحزاب الأخرى مؤكدة على محاكمة البشير حتى لا يتعرض السودان للعقوبات. وأشار نوار، في حوار مع «الراي» في القاهرة، إلى أن محاكمة أولمرت لم تتم لأن العرب لم يطالبوا بها، غير أن الأمم المتحدة تعد الآن ملف اتهام ضد أولمرت. وقال إن ملف البشير في المحكمة الجنائية الدولية منذ العام 2004، وأن المحكمة طلبت من الرئيس السوداني محاكمة المسؤولين عن الجرائم في دارفور، إلا أنه رفض، بل قام بترقية المسؤول الأول عن المجازر. وطالب نوار البشير بأن يذهب حتى تبقى السودان، لأنه ليس فوق القانون. وهذا نص ما دار معه من حوار:
• طرحتم مبادرة خاصة للدفاع عن السودان وليس عن الرئيس البشير، فلماذا طرحتم تلك المبادرة في الوقت الحالي؟
- المبادرة قام بها حزب «الجبهة الديموقراطية» في مصر للدفاع عن السودان وليس البشير، وهدفها تجنيب السودان ما تعرض له العراق العام 2003، وتجنيب الشعب السوداني مأساة أن يقع عليه نوع من الضغط الدولي في صورة عقوبات، أو في صورة تدخل عسكري، والمبادرة وجهت للقوى السياسية السودانية، ويشترك مع حزب «الجبهة» في المبادرة الحزب الحاكم نفسه، «المؤتمر الوطني»، والحزب الحاكم الآخر، وهو شريك في السلطة، «الحركة الشعبية» الذي يمثل بمقتضى اتفاقية «نيفاشا» ثلث السلطة في السودان. ويشارك فيها أيضاً حركة «العدل والمساواة»، وحركة «جيش التحرير السوداني»، و«الجبهة الشعبية لتحرير السودان»، وعدد من المنظمات المعنية بمستقبل السودان سواء كانت منظمات سياسية، أو منظمات مجتمع مدني. والحوار مستمر، وسيتم التوصل لوثيقة تنتج عن هذا الحوار، وسوف يكون لها آلية للتنفيذ، وهدفها الأساسي في الوضع الحالي تخفيف الأعباء، والمعاناة الإنسانية الموجودة في معسكرات اللاجئين، وتأمين سلام وأمن المواطنين السودانيين في معسكرات اللاجئين والنازحين، وضمان استمرار العملية السياسية السلمية في السودان، واستمرار عملية المصالحة بين القوى المختلفة، وإجراء الانتخابات في موعدها الدستوري في النصف الثاني من هذا العام، وفي الوقت نفسه المساهمة في تقديم بعض المساعدات، أو المعونات إلى النازحين واللاجئين في دارفور.
• لكن هناك بعض القوى السياسية السودانية أكدت أن الشعب سيقف مع الرئيس البشير، وأن الرئيس السوداني لن يسلم نفسه ولن يسلمه شعبه للمحكمة الجنائية الدولية؟
- ذلك ما حدث في عراق صدام حسين عندما كان هناك مطالبة أن يبتعد صدام عن السلطة ليجنب العراق الحرب، لكن صدام قام بتنظيم مظاهرات لتقول إن العراق كله فداء له، وما حدث أن صدام تم إعدامه، وأبناؤه قتلوا، والعراق تمت استباحته ويعاني حتى الآن من مأساة يعلم الله متى يخرج منها، ونحن لا نريد للسودان أن يلقى هذا المصير. ومن السهل جداً على البشير أن ينظم مظاهرات داعمة، وأن يدفع الموظفين ليقفوا لتحيته، ومن السهل أن يطبع صوره في كل مكان، وأن يخرج يرقص وهو مرتدياً الريش الملون. لكن السودان يتعرض لخطر عقوبات، وحظر تدخل عسكري والمظاهرات لن تفعل شيئاً لأنه للأسف الحكام في عالمنا العربي لا يعرفون شيئاً اسمه سيادة القانون، والرئيس في بلده معتاد على أنه فوق القانون فكيف يفرض عليه قانون، وهو معتاد في بلده أنه فوق المساءلة فكيف يذهب للمحاكمة.
• لكن ألا ترى أن المحكمة الجنائية الدولية تكيل بمكيالين فهناك أولمرت وليفني وبوش وغيرهم من قتلة الأبرياء فلماذا يتم تجريم عمر البشير فقط؟
- هل نحن مع محاكمة من يرتكب جرماً في حق شعبه أم لا؟ إذا كنا مع محاكمة من يرتكب جرماً في حق شعبه، فالبشير قد ارتكب جرماً في حق الشعب السوداني واعترف بذلك، وصدام حسين ارتكب جرائم في حق الشعب العراقي. وأولمرت لم يرتكب جرائم في حق شعبه، لكن ارتكب جرائم حرب في حق الفلسطينيين، وهذا ليس مبرراً، لكن إذا قلنا إن جرائم الحرب يعاقب عليها. فيجب أن يعاقب البشير وأيضاً بعاقب أولمرت لأننا لو لم نعاقب البشير فالمجتمع الدولي سيقول أيضاً إنه لن يعاقب أولمرت وحتى نثبت مصداقيتنا فلابد من معاقبة البشير. والمشكلة والخطأ يكمن في الدول العربية، فهل الدول العربية قدمت ملفاً للمحكمة الجنائية الدولية تطلب فيه محاكمة أولمرت... أنا ليس لدىّ علم أن أي دولة عربية قدمت ملف اتهام ضد أولمرت، لكن لدىّ علم أن الأمم المتحدة تجهز ملف اتهام لأولمرت. وبالنسبة للبشير فهناك ملف اتهام جاهز ومقدم، ونظرته المحكمة الجنائية الدولية، وقامت بفحصه، وطالبت البشير بتصحيح الأخطاء، ومحاكمة المسؤولين عن الجرائم التي ارتكبت في معسكرات اللاجئين.
• لكن المسؤولين السودانيين يؤكدون على إنجاز 90 في المئة من السلام في دارفور في الوقت الذي طالبت المحاكمة الجنائية فيه بتجريم البشير فلماذا ذلك الوقت؟
- المحكمة الجنائية الدولية طالبت البشير بتصحيح الأخطاء وتركت له فرصة من 2005 حتى 2009 ومرت أربعة أعوام من مطالبة الأمم المتحدة له لمحاكمة المسؤولين عن تلك الجرائم، لكن البشير قام بترقية المسؤول الأول عن المجازر أحمد هارون وعينه وزير دولة للشؤون الإنسانية. وهذا تحدٍ سافر للعالم كله.
• هل لقيت مبادرة الدفاع عن السودان هوى لدى الأحزاب السودانية؟
- لا نزال نناقش ذلك الأمر، وهدف المبادرة قاطع وواضح يتمثل في الدفاع عن السودان وليس الدفاع عن البشير، فالبشير لا يعنينا في الأمر، لكن ما يعنينا هو الشعب السوداني وكلنا متفقون على ذلك، لأن المبادرة تضم الحزب الحاكم الموجود في الاجتماعات وممثلا لمدير مكتبهم في القاهرة.
• هل تشمل المبادرة تواجداً للمنظمات العربية داخل السودان خصوصا بعد طرد المنظمات الإنسانية الدولية؟
- المبادرة تضم شقين أحدهما سياسي، والآخر إنساني، والشق الإنساني تتولاه المنظمات الإنسانية ونحن لا نريد منظمات إنسانية أجنبية تقوم بالدور، نريد منظمات إنسانية عربية. لكن لا توجد منظمات إنسانية عربية معينة في السودان، وهناك مليونا سوداني ماتوا في حرب الجنوب لم يمد أحد يده إليهم، واليوم هناك مليونا نازح ولاجئ في السودان لم يساعدهم أحد لماذا، ولماذا لم تخرج مظاهرات من أجل السودان كما خرجت من أجل فلسطين؟، لماذا لا نخرج في مظاهرات لمساندة السودانيين الذين يعانون معاناة إنسانية شديدة من المشاكل الموجودة والتي أدت إلى نزوح مليوني مواطن سوداني وهذا هو الجانب الإنساني؟ أما الجانب السياسي وهو مرتبط باستمرار العملية السلمية في السودان، وهو اتفاق «أبوجا» الذي يضمن وجود انتخابات مقبلة وأن هذه الانتخابات تخلق سلطة على أساس ديموقراطي وذلك ما نريده أن يحدث، لأن ذلك إن لم يحدث فمعناه تخريب العلاقة بين الشمال والجنوب مرة أخرى، ومعناه استمرار حزب «المؤتمر الوطني» في السلطة لفترة طويلة مقبلة، وتعريض السودان لخطر أشد.
• بعض السياسيين في السودان يؤكدون أن من حرك الدعوة ضد البشير في المحكمة الجنائية الدولية هو أحد أفراد التمرد عبدالواحد نور الذي فتح مكتباً له في إسرائيل، وينوي فتح سفارة للسودان في إسرائيل عندما يتم انتخابه رئيسا للسودان... فهل ذلك صحيح؟
- ذلك ليس له علاقة تماماً بالدعوة ضد البشير، فمنذ عام 2004 تمت إحالة الدعوة ضد البشير للمحكمة الجنائية الدولية، وفي العام 2006 أعطت المحكمة للرئيس البشير الفرصة لعمل لجان تحقيق وتقصي حقائق لمحاكمة المسؤولين عن الجرائم التي ارتكبت في معسكرات اللاجئين، وفي دارفور بشكل عام، ووقف تسليح الجنجويد. وتم تقديم برنامج كامل للبشير لتنفيذه لكن البشير لم ينفذه، فما علاقة ذلك بإسرائيل ولماذا نخلط الأوراق، هل نخلط الأوراق لنبرر قتل مواطنين أبرياء من قبل الحاكم؟ ذلك شيء غير مقبول، وغير مبرر أن نجد أي تبرير لتفويت الحاكم من جريمة انتهاك حقوق شعبه، سواء انتهك هذه الحقوق بشكل سافر من خلال قتل الناس، أو بشكل غير مباشر بأن يحرمهم من الديموقراطية، ويقيد حرية الرأي، ويمنع حق الاجتماع والتنظيم وهي كلها انتهاكات ترتكب كل يوم. والسودان أصبح حالة صارخة.
• ماذا لو لم يمثل الرئيس البشير أمام المحكمة أو ينفذ قرارها؟
- للأسف الشديد القانون الدولي له قواعد، القانون الدولي يفرض عقوبات على البلد كله، وسيعاني السودان من عقوبات اقتصادية تفرض على الحكومة وهي المطالبة بتسليمه، ويمكن أن يكون الحل الأخير والنهائي الحل العسكري. ولن يكون ذلك الحل من أجل البشير لكن من أجل منع كارثة إنسانية في دارفور، فإذا حلت في دارفور حالة كوليرا واحدة فسوف تنتشر في جميع الدول لأنه ليس هناك دواء، أو أطباء، والظروف المناخية سيئة للغاية، ولو ظهرت حالة كوليرا واحدة يمكن أن يكون ذلك مبرراً للحل العسكري لحماية المدنيين.
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي