تركة أولمرت الضارة

تصغير
تكبير
حكمنا وفقاً للتصريحات التي صدرت عن تسيبي ليفني وايهود اولمرت في حفل حزب «كاديما» الأخير، يبدو أنهم قد سكروا هناك بدرجة كبيرة. ليفني التي أرسلت علامات التحذير في الأجواء، وعبرت عن احباطاتها، وتتطرقت لتصريحات افيغدور ليبرمان في مراسم تبادل الوزارات في وزارة الخارجية. على حد قولها: «ليبرمان شطب خلال عشرين دقيقة أعواماً من الجهود والمساعي لدفع عملية السلام».
لكن ستكون هناك حاجة للكثير من الوقت من أجل اصلاح الضرر الذي ألحقته هي واولمرت بمصالح إسرائيل من خلال المفاوضات التي أداراها مع محمود عباس واتباعه، من خلال الاعتقاد بأنها ستقود إلى «اتفاق الرف». لن يكون من السهل إزالة التنازلات المفرطة التي اقتراحاها باسم إسرائيل. اولمرت يتفاخر بحماقة في أن التنازلات التي عرضها على الفلسطينيين هي أكبر عرض يحصلون عليه في أي وقت من الأوقات. هو يقصد على ما يبدو أن هذه التنازلات أكبر من تلك التي اقترحها ايهود باراك على ياسر عرفات في يناير 2001 في طابا. وتضمنت العودة الكاملة إلى حدود حزيران 1967 وتقسيم القدس والخروج من جبل الهيكل.
من الممكن فقط تخمين ما اقترحته ليفني واولمرت في مساعيهما الأخيرة اليائسة للتشبث بالحكم. ذريعة باراك كانت أن مساعيه المخزية رمت إلى البرهنة للعالم عن التوصل إلى اتفاق مع عرفات مسألة مستحيلة. أما اولمرت وليفني فيدعيان أنهما كانا قريبين كالشعرة من احراز الاتفاق مع الفلسطينيين، وأن تطرف الناخب الإسرائيلي هو وحده الذي حال من دون الوصول إلى هذا الاتفاق.
باراك هو الذي فرض سابقة مواصلة الحكومة تقديم التنازلات باسم إسرائيل حتى بعد أن فقدت تأييد الشعب والكنيست، من خلال الادعاء السخيف بأنها طالما بقيت في منصبها فإنها تحتفظ بصلاحياتها ولذلك من حقها أن تجري المفاوضات في المسائل المصيرية. ولكن حتى بعد أن تم صد باراك وحزبه على يد الناخب، واصل أنصاره الادعاء بأن الشروط التي وافقوا عليها ستكون الشروط التي سيقوم عليها كل اتفاق مستقبلي. بكلمات أخرى يقولون لنا أنهم قد نجحوا في فرض هذه الشروط على أي حكومة ستحكم في البلاد في المستقبل.
هذا بالضبط ما حاول اولمرت وليفني القيام به في المفاوضات التي أجرياها في العام الأخيرة مع محمود عباس، ولكن بينما كان بإمكان باراك أن يدعي بدرجة معينة من الحق أنه كان هناك سبب للاعتقاد بأن عرفات سينفذ الوعود التي التزم بها، كان واضحا من البداية أن عباس لا يستطيع ذلك. المفاوضات التي جرت معه كانت مفاوضات وهمية ليس بإمكانها أن تحقق شيئاً باستثناء الحاق الضرر بمصالح إسرائيل الحيوية. هذا لأن التنازلات التي تمت في اطارها ستلاحق إسرائيل في أي مفاوضات مستقبلية.
ادعاء ليفني بأن على حكومة نتنياهو أن تكون ملتزمة بالسياسة التي وضعتها حكومة اولمرت، حولت العملية الديموقراطية إلى مهزلة لأن هذه السياسة التي تجسدت في عملية «أنابوليس» قد رفضت من قبل الشعب في إسرائيل في الانتخابات الأخيرة.
اولمرت استغل حفلة الوداع التي نظمها حزب «كاديما» على شرفه ليدعي أن عملية «انابوليس» قد حظيت باعتراف دولي بإسرائيل، وأنه بفضل هذه العملية أصبح ملايين الناس في العالم يعتبرون إسرائيل حقيقة قائمة. فهل هناك حاجة للتذكير بأن الاعتراف الدولي بإسرائيل قد تحقق قبل 61 عاماً من خلال حكومة دافيد بن غوريون، وأن شجاعة جنود إسرائيل هي التي حولت إسرائيل الى حقيقة مفروضة قائمة؟
المفاوضات الوهمية التي أجراها اولمرت وليفني لم تخدم هذا الاعتراف بشيء، وفي المقابل تركت من وراءها ذيلاً طويلاً من الاضرار التي تحتاج مدة طويلة لاصلاحها.
موشيه ارنس
«هآرتس»
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي