مصائب الأزمة المالية فوائد للإنترنت ومأساة للمطبوعات
يا ورق مين يشتريك؟
كيف تنقذ جريدتك؟
| حنان سليمان |
تمر صناعة الصحافة في الولايات المتحدة بأزمة خطيرة تهدد مستقبلها كمشروع تجاري هادف للربح في ظل اتساع ظاهرة الإعلام الرقمي، أو الإلكتروني حيث يعتمد كثير من الأميركيين، خاصة فئة الشباب، على شبكة الإنترنت في متابعة الأخبار اليومية، ومعرفة أحدث المعلومات.
ورغم أن هذه الظاهرة ليست جديدة، إلا أن آثارها باتت أكثر وضوحاً في الأشهر الأخيرة بعد أن ارتفعت خسائر الصحف الورقية بسبب الأزمة المالية العالمية، ليضاف محور المشاكل المالية إلى محور المنافسة الشرسة التي تواجهها من شبكة الإنترنت، التي باتت مصدراً أساسيّاً لكثيرين في استقاء المعلومات، بما يزيد من التحديات التي تواجهها الصحافة الأميركية.
طبعات إلكترونية فقط
العامل الرئيس في هذه الأزمة هو المعركة الدائرة بين الصحف الورقية وشبكة الإنترنت والتي دفعت بصحيفة عريقة مثل «كريستيان ساينس مونيتور» لإلغاء طبعتها الورقية والاكتفاء بنسخة إلكترونية على موقعها على الإنترنت، في خطوة جريئة اتخذتها في أكتوبر 2008 بعد قرن كامل من الصدور ورقيّاً.
وعلى المنوال ذاته، سارت المؤسسات الإعلامية التكنولوجية الدولية فصدرت مجلتا «بي سي وورلد»، و«إنفو وورلد» في طبعات إلكترونية فقط، وهو ما فسره باتريك ماكجفرن رئيس «مجموعة البيانات العالمية» التي تصدر المجلتين بالقول: «الطبعات الورقية أصبحت أخبار الأمس. إذا كانت هناك أخبار فإن الناس يريدون سماعها بأسرع ما يمكن».
وحسب تحقيق مطول نشرته صحيفة «ذا سولت ليك تريبيون» في أزمة الصحافة المطبوعة بعنوان «هل الصحف ملعونة؟»، فإن معظم الصحف والمحطات التلفزيونية تنشر أخباراً على المواقع الإلكترونية، وآلاف المدونات المستقلة حتى أن وكالة «أسوشيتد برس» قدرت زيادة نسبة تصفح موقع «الجزيرة» الإخباري باللغة الانكليزية في فترة الحرب على غزة في يناير الماضي بستة أضعاف، موضحة أن معظم المتصفحين كانوا داخل الولايات المتحدة، وذلك في الوقت الذي كانت إسرائيل تمنع فيه الشبكات الإخبارية الأميركية مثل «سي إن إن» وغيرها من وسائل الإعلام الأجنبية من دخول الأراضي الفلسطينية.
وقد رصد مركز «بيو للأبحاث» في تقرير صدر له أخيراً هذا الواقع المرير للصحافة الأميركية عام 2008 راسماً صورة متشائمة لعام 2009. وقال التقرير الذي حمل عنوان «Newspapers face a challenging calculus... Online growth, but print losses are bigger»: «إنه بات من المؤكد أن مزيداً من الأميركيين يتجهون الآن للإنترنت لمعرفة الأخبار مقابل انخفاض قراء الصحف المطبوعة أو الورقية». وأوضح التقرير المبني على استطلاع لاستهلاك الإعلام الإخباري أن 39 في المئة من المبحوثين يقرأون صحيفة يومية سواء كانت ورقية أو إلكترونية في مقابل 43 في المئة عام 2006، بينما انخفضت نسبة قراء النسخة الورقية من الصحيفة من 34 في المئة إلى 25 في المئة خلال هذين العامين. وحسب تقرير سابق للمركز عام 2006، فإن نحو 50 مليون أميركي يتابعون الأخبار على شبكة الإنترنت.
وذكر التقرير الذي صدر في فبراير الماضي أن نصف مستهلكي الأخبار الإلكترونية يتصفحون مواقع إخبارية بطرق غير مباشرة عن طريق تتبع الروابط الإلكترونية الخاصة بقصص إخبارية بعينها، مقابل 41 في المئة يتصفحون الصفحات الرئيسية للمنظمات الإخبارية بشكل مباشر. وقال 64 في المئة من الجمهور الشباب، أقل من 25 عاماً، إن تصفحهم للقصص الإخبارية يكون غالباً بشكل غير مباشر، فيما يكون أكثر من ربع متصفحي هذه المواقع (28 في المئة) من الحاصلين على تعليم عالٍ وهم يتصفحون في الغالب للموقع الإلكتروني لصحيفتهم الورقية.
وجاءت مواقع «ياهو»، و«إم إس إن»، و«سي إن إن» في مقدمة المواقع المتصفحة بنسب 28 في المئة، و19 في المئة، و17 في المئة على الترتيب، تليها الصحف بنسبة 13 في المئة وفي مقدمتها الصحف المحلية بنسبة 7 في المئة، ثم «نيويورك تيمز» بنسبة 4 في المئة، و«وول ستريت جورنال»، و«يو إس إيه توداي»، و«واشنطن بوست» بنسبة 2 في المئة لكل منها، وجاء موقع «جوجل» في المركز الرابع بنسبة 11 في المئة.
الشباب يقودون التحول
ورغم انخفاض مقروئية الصحف بشكل عام، فإن عدد قراء الصحف الإلكترونية في ازدياد ملحوظ (من 9 في المئة عام 2006 إلى 14 في المئة عام 2008) حتى بات قراء الصحف الإلكترونية يمثلون أكثر من ثلث قراء الصحف بعد أن كانوا أقل من الربع عام 2006، وهو ما يفسره التقرير بأنه يعكس التحول الذي تحدثه الأجيال الشابة في قراءة الصحف. وأضاف التقرير أن نسبة قراء الصحف الورقية والإلكترونية في أوساط مواليد عام 1977 وما بعد ذلك (جيل Y) في عام 2008 تقارباً كثيراً (16 في المئة يقرأون صحيفة ورقية فقط أو ورقية وإلكترونية في مقابل 14 في المئة يقرأون النسخة الإلكترونية فقط أو الإلكترونية والمطبوعة) بعد أن كان قراء الصحف المطبوعة يصلون إلى أكثر من ضعف قراء
الصحف الإلكترونية.
أما في أوساط الجيل الأكبر أو «جيل» X (مواليد الفترة بين 1965-1976)، فان إحصائيات عام 2008 تظهر أن 21 في المئة يقرأون صحيفة ورقية فقط (أو ورقية وإلكترونية) مقابل 18 في المئة للصحف الإلكترونية، بعد أن كانت النسب 30 في المئة للصحف المطبوعة و13 في المئة للنسخة الإلكترونية عام 2006.
أما مواليد أعوام 1946-1964 أو «Baby Boomers» والأجيال الصامتة أو العظيمة (مواليد قبل عام 1946)، فإن نسبة مقروئية الصحف في أوساطهم تظل مرتفعة عن الأجيال الشابة، ولكن مع ذلك فإن نسبة قراء الصحف في أوساط Baby Boomers قد انخفضت من 47 في المئة إلى 42 في المئة من عام 2006 إلى 2008 وكان الانخفاض الأكبر في قراء الصحف الورقية التي انخفضت من 42 في المئة إلى 34 في المئة.
وأضاف التقرير أن مقروئية الصحف شهدت دوماً فجوة بين الأجيال مدللاً بإحصائيات تم جمعها عام 1998 توضح أن عدد قراء الصحف في أوساط «الأجيال الصامتة» كان أكثر من ضعف عددهم في أوساط «جيل X» بنسبة 65 في المئة مقابل 31 في المئة.
الرابح الأكبر
هذا الانخفاض في مقروئية الصحف المطبوعة شمل الفئات العمرية كافة في الفترة بين (1998-2008) بالشكل التالي:
65 في المئة مقابل 53 في المئة بالنسبة للأجيال الصامتة (مواليد قبل عام 1946)
48 في المئة مقابل 38 في المئة بالنسبة لـ Baby Boomers (مواليد أعوام 1946-1964)
31 في المئة مقابل 26 في المئة بالنسبة لجيل X (مواليد الفترة بين 1965-1976)
22 في المئة مقابل 21 في المئة بالنسبة لجيل Y (مواليد عام 1977 وما بعد ذلك)
أما بالنسبة للاعتماد على الإنترنت كمصدر أساسي في متابعة الأخبار، فقد كانت الزيادة في مقروئيتها في الفترة من (2004-2008) كالتالي:
29 في المئة مقابل 38 في المئة لجيل X
28 في المئة مقابل 33 في المئة لجيل Y
25 في المئة مقابل 28 في المئة لـ Baby Boomers
14 في المئة مستقرة حتى الآن بالنسبة للأجيال الصامتة والعظيمة
وقد شهد الاعتماد على الراديو لمعرفة الأخبار انخفاضاً مماثلاً مثل الصحف المطبوعة، وكانت النسب في الفترة من (1998-2008) كالتالي:
54 في المئة مقابل 38 في المئة لـ Baby Boomers
49 في المئة مقابل 41 في المئة لجيل X
44 في المئة مقابل 30 في المئة للأجيال الصامتة والعظيمة
28 في المئة مقابل 29 في المئة لجيل Y
ويعتبر التلفزيون هو الرابح الأكبر في وسائل الإعلام التقليدية مقارنة بالصحف والراديو، إذ شهدت نسبة مشاهدته في الفترة بين (1998-2008) استقراراً نسبيّاً فيما زادت نسبة المشاهدة عند إحدى الفئات العمرية كالتالي:
74 في المئة مقابل 73 في المئة للأجيال الصامتة والعظيمة
56 في المئة مقابل 61 في المئة لـ Baby Boomers
52 في المئة مقابل 54 في المئة لجيل X
43 في المئة مقابل 42 في المئة لجيل Y
أوضاع متردية
أما العامل الثاني في هذه الأزمة فهو الأزمة المالية الخانقة التي ضربت صناعة الصحافة في مقتل فلم تعد هناك صحيفة أميركية كبرى واحدة إلا وتواجه مشاكل مالية حتى أن صحيفة «ذا روكي ماونتن نيوز» قررت الإغلاق لتصبح أول صحيفة أميركية كبرى تقرر الإغلاق بسبب انخفاض التوزيع وأرباح الإعلانات معلنة استسلامها في المعركة الشرسة التي تدور مع الإعلام الإلكتروني، كما هددت شركة «هرست» منذ بضعة أسابيع بإغلاق صحيفة «سان فرانسيسكو كرونيكل» وعمرها حوالي قرن ونصف القرن (144 عاماً) إذا لم تجد حلاًّ يوقف نزيف الخسائر المتتالية سواء بتخفيض النفقات أو بيع الصحيفة.
ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد، فقد باعت صحيفة «نيويورك تايمز» طابقاً من مقرها الرئيس في نيويورك الذي يتكون من 52 طابقاً مقابل 225 مليون دولار في سبيل الحصول على سيولة مالية رفعت أسهم الصحيفة في البورصة، كما أعلنت مجموعة «ماكلاتشي» الصحفية، وهي ثالث أكبر مجموعة صحافية أميركية، إلغاء 1600 وظيفة أي الاستغناء عن 15 في المئة من موظفيها بسبب نقص أرباح الإعلانات، فيما ألغي المؤتمر السنوي لصناعة الصحافة لعام 2009 مما يعكس حجم الأزمة التي تمر بها الصحافة الأميركية.
وحسب موقع «Paper Cuts» المعني برصد عدد الموظفين الذين تم تسريحهم لتقليص النفقات، فإن 15590 ألف موقع في غرف الأخبار تم إلغاؤه العام الماضي، كما تم تسريح 2700 شخص منذ مطلع العام الحالي وحتى الآن.
ولما كان جمهور الصحف يتجه للإنترنت لمعرفة الأخبار، فإنه يبدو من الطبيعي أن تسخر المؤسسات الصحافية كل جهدها ومواردها لتطوير مواقعها بما يعني أن الإعلانات تكون أكثر على النسخ الإلكترونية للجرائد من النسخ الورقية.
هذه الأوضاع المتردية التي تعيشها الصحافة الأميركية في الوقت الحالي وصفها الكاتب مايكل مالوني في مقال له على موقع محطة «إيه بي سي نيوز» الأميركية بأنها نقطة تحول في تاريخ الصحف، موضحاً أن صناعة الصحف ظلت تتهاوى بشكل حلزوني محزن خلال العقد الحالي. وأضاف مالوني أن القائمين على هذه الصحافة أدركوا أن هذا التراجع الذي تشهده الصحف الأميركية ليس موقتاً.
وكان مالوني من أوائل المحذرين من موت الصحف الورقية في مارس 2005 حين دعا القائمين على صناعة الصحافة للاعتراف بوفاة الصحف الورقية بسبب الثورة التكنولوجية.
وفي مطلع شهر مارس (2009)، وضعت شركة «24/7 وول ستريت». قائمة بعشر صحف يومية كبرى يتوقع أن توقف طبعتها الورقية، أو تغلق نهائيّاً في الفترة المقبلة، وذلك اعتماداً على القوة المالية للمؤسسات الإعلامية الناشرة لهذه الصحف، وحجم المنافسة المباشرة لهذه الصحف في السوق وحجم الخسائر. وتضم القائمة صحف «فيلادلفيا ديلي نيوز»، و«مينيابوليس ستار تريبيون»، و«ميامي هيرالد»، و«ديترويت نيوز»، و«بوسطن جلوب»، و«سان فرانسيسكو كرونيكل»، و«شيكاغو صن تيمز»، و«نيويورك ديلي نيوز»، و«فورت وورث ستار تلجرام»، وأخيراً «كليفلاند بلين ديلر».
* عن «تقرير واشنطن»
تمر صناعة الصحافة في الولايات المتحدة بأزمة خطيرة تهدد مستقبلها كمشروع تجاري هادف للربح في ظل اتساع ظاهرة الإعلام الرقمي، أو الإلكتروني حيث يعتمد كثير من الأميركيين، خاصة فئة الشباب، على شبكة الإنترنت في متابعة الأخبار اليومية، ومعرفة أحدث المعلومات.
ورغم أن هذه الظاهرة ليست جديدة، إلا أن آثارها باتت أكثر وضوحاً في الأشهر الأخيرة بعد أن ارتفعت خسائر الصحف الورقية بسبب الأزمة المالية العالمية، ليضاف محور المشاكل المالية إلى محور المنافسة الشرسة التي تواجهها من شبكة الإنترنت، التي باتت مصدراً أساسيّاً لكثيرين في استقاء المعلومات، بما يزيد من التحديات التي تواجهها الصحافة الأميركية.
طبعات إلكترونية فقط
العامل الرئيس في هذه الأزمة هو المعركة الدائرة بين الصحف الورقية وشبكة الإنترنت والتي دفعت بصحيفة عريقة مثل «كريستيان ساينس مونيتور» لإلغاء طبعتها الورقية والاكتفاء بنسخة إلكترونية على موقعها على الإنترنت، في خطوة جريئة اتخذتها في أكتوبر 2008 بعد قرن كامل من الصدور ورقيّاً.
وعلى المنوال ذاته، سارت المؤسسات الإعلامية التكنولوجية الدولية فصدرت مجلتا «بي سي وورلد»، و«إنفو وورلد» في طبعات إلكترونية فقط، وهو ما فسره باتريك ماكجفرن رئيس «مجموعة البيانات العالمية» التي تصدر المجلتين بالقول: «الطبعات الورقية أصبحت أخبار الأمس. إذا كانت هناك أخبار فإن الناس يريدون سماعها بأسرع ما يمكن».
وحسب تحقيق مطول نشرته صحيفة «ذا سولت ليك تريبيون» في أزمة الصحافة المطبوعة بعنوان «هل الصحف ملعونة؟»، فإن معظم الصحف والمحطات التلفزيونية تنشر أخباراً على المواقع الإلكترونية، وآلاف المدونات المستقلة حتى أن وكالة «أسوشيتد برس» قدرت زيادة نسبة تصفح موقع «الجزيرة» الإخباري باللغة الانكليزية في فترة الحرب على غزة في يناير الماضي بستة أضعاف، موضحة أن معظم المتصفحين كانوا داخل الولايات المتحدة، وذلك في الوقت الذي كانت إسرائيل تمنع فيه الشبكات الإخبارية الأميركية مثل «سي إن إن» وغيرها من وسائل الإعلام الأجنبية من دخول الأراضي الفلسطينية.
وقد رصد مركز «بيو للأبحاث» في تقرير صدر له أخيراً هذا الواقع المرير للصحافة الأميركية عام 2008 راسماً صورة متشائمة لعام 2009. وقال التقرير الذي حمل عنوان «Newspapers face a challenging calculus... Online growth, but print losses are bigger»: «إنه بات من المؤكد أن مزيداً من الأميركيين يتجهون الآن للإنترنت لمعرفة الأخبار مقابل انخفاض قراء الصحف المطبوعة أو الورقية». وأوضح التقرير المبني على استطلاع لاستهلاك الإعلام الإخباري أن 39 في المئة من المبحوثين يقرأون صحيفة يومية سواء كانت ورقية أو إلكترونية في مقابل 43 في المئة عام 2006، بينما انخفضت نسبة قراء النسخة الورقية من الصحيفة من 34 في المئة إلى 25 في المئة خلال هذين العامين. وحسب تقرير سابق للمركز عام 2006، فإن نحو 50 مليون أميركي يتابعون الأخبار على شبكة الإنترنت.
وذكر التقرير الذي صدر في فبراير الماضي أن نصف مستهلكي الأخبار الإلكترونية يتصفحون مواقع إخبارية بطرق غير مباشرة عن طريق تتبع الروابط الإلكترونية الخاصة بقصص إخبارية بعينها، مقابل 41 في المئة يتصفحون الصفحات الرئيسية للمنظمات الإخبارية بشكل مباشر. وقال 64 في المئة من الجمهور الشباب، أقل من 25 عاماً، إن تصفحهم للقصص الإخبارية يكون غالباً بشكل غير مباشر، فيما يكون أكثر من ربع متصفحي هذه المواقع (28 في المئة) من الحاصلين على تعليم عالٍ وهم يتصفحون في الغالب للموقع الإلكتروني لصحيفتهم الورقية.
وجاءت مواقع «ياهو»، و«إم إس إن»، و«سي إن إن» في مقدمة المواقع المتصفحة بنسب 28 في المئة، و19 في المئة، و17 في المئة على الترتيب، تليها الصحف بنسبة 13 في المئة وفي مقدمتها الصحف المحلية بنسبة 7 في المئة، ثم «نيويورك تيمز» بنسبة 4 في المئة، و«وول ستريت جورنال»، و«يو إس إيه توداي»، و«واشنطن بوست» بنسبة 2 في المئة لكل منها، وجاء موقع «جوجل» في المركز الرابع بنسبة 11 في المئة.
الشباب يقودون التحول
ورغم انخفاض مقروئية الصحف بشكل عام، فإن عدد قراء الصحف الإلكترونية في ازدياد ملحوظ (من 9 في المئة عام 2006 إلى 14 في المئة عام 2008) حتى بات قراء الصحف الإلكترونية يمثلون أكثر من ثلث قراء الصحف بعد أن كانوا أقل من الربع عام 2006، وهو ما يفسره التقرير بأنه يعكس التحول الذي تحدثه الأجيال الشابة في قراءة الصحف. وأضاف التقرير أن نسبة قراء الصحف الورقية والإلكترونية في أوساط مواليد عام 1977 وما بعد ذلك (جيل Y) في عام 2008 تقارباً كثيراً (16 في المئة يقرأون صحيفة ورقية فقط أو ورقية وإلكترونية في مقابل 14 في المئة يقرأون النسخة الإلكترونية فقط أو الإلكترونية والمطبوعة) بعد أن كان قراء الصحف المطبوعة يصلون إلى أكثر من ضعف قراء
الصحف الإلكترونية.
أما في أوساط الجيل الأكبر أو «جيل» X (مواليد الفترة بين 1965-1976)، فان إحصائيات عام 2008 تظهر أن 21 في المئة يقرأون صحيفة ورقية فقط (أو ورقية وإلكترونية) مقابل 18 في المئة للصحف الإلكترونية، بعد أن كانت النسب 30 في المئة للصحف المطبوعة و13 في المئة للنسخة الإلكترونية عام 2006.
أما مواليد أعوام 1946-1964 أو «Baby Boomers» والأجيال الصامتة أو العظيمة (مواليد قبل عام 1946)، فإن نسبة مقروئية الصحف في أوساطهم تظل مرتفعة عن الأجيال الشابة، ولكن مع ذلك فإن نسبة قراء الصحف في أوساط Baby Boomers قد انخفضت من 47 في المئة إلى 42 في المئة من عام 2006 إلى 2008 وكان الانخفاض الأكبر في قراء الصحف الورقية التي انخفضت من 42 في المئة إلى 34 في المئة.
وأضاف التقرير أن مقروئية الصحف شهدت دوماً فجوة بين الأجيال مدللاً بإحصائيات تم جمعها عام 1998 توضح أن عدد قراء الصحف في أوساط «الأجيال الصامتة» كان أكثر من ضعف عددهم في أوساط «جيل X» بنسبة 65 في المئة مقابل 31 في المئة.
الرابح الأكبر
هذا الانخفاض في مقروئية الصحف المطبوعة شمل الفئات العمرية كافة في الفترة بين (1998-2008) بالشكل التالي:
65 في المئة مقابل 53 في المئة بالنسبة للأجيال الصامتة (مواليد قبل عام 1946)
48 في المئة مقابل 38 في المئة بالنسبة لـ Baby Boomers (مواليد أعوام 1946-1964)
31 في المئة مقابل 26 في المئة بالنسبة لجيل X (مواليد الفترة بين 1965-1976)
22 في المئة مقابل 21 في المئة بالنسبة لجيل Y (مواليد عام 1977 وما بعد ذلك)
أما بالنسبة للاعتماد على الإنترنت كمصدر أساسي في متابعة الأخبار، فقد كانت الزيادة في مقروئيتها في الفترة من (2004-2008) كالتالي:
29 في المئة مقابل 38 في المئة لجيل X
28 في المئة مقابل 33 في المئة لجيل Y
25 في المئة مقابل 28 في المئة لـ Baby Boomers
14 في المئة مستقرة حتى الآن بالنسبة للأجيال الصامتة والعظيمة
وقد شهد الاعتماد على الراديو لمعرفة الأخبار انخفاضاً مماثلاً مثل الصحف المطبوعة، وكانت النسب في الفترة من (1998-2008) كالتالي:
54 في المئة مقابل 38 في المئة لـ Baby Boomers
49 في المئة مقابل 41 في المئة لجيل X
44 في المئة مقابل 30 في المئة للأجيال الصامتة والعظيمة
28 في المئة مقابل 29 في المئة لجيل Y
ويعتبر التلفزيون هو الرابح الأكبر في وسائل الإعلام التقليدية مقارنة بالصحف والراديو، إذ شهدت نسبة مشاهدته في الفترة بين (1998-2008) استقراراً نسبيّاً فيما زادت نسبة المشاهدة عند إحدى الفئات العمرية كالتالي:
74 في المئة مقابل 73 في المئة للأجيال الصامتة والعظيمة
56 في المئة مقابل 61 في المئة لـ Baby Boomers
52 في المئة مقابل 54 في المئة لجيل X
43 في المئة مقابل 42 في المئة لجيل Y
أوضاع متردية
أما العامل الثاني في هذه الأزمة فهو الأزمة المالية الخانقة التي ضربت صناعة الصحافة في مقتل فلم تعد هناك صحيفة أميركية كبرى واحدة إلا وتواجه مشاكل مالية حتى أن صحيفة «ذا روكي ماونتن نيوز» قررت الإغلاق لتصبح أول صحيفة أميركية كبرى تقرر الإغلاق بسبب انخفاض التوزيع وأرباح الإعلانات معلنة استسلامها في المعركة الشرسة التي تدور مع الإعلام الإلكتروني، كما هددت شركة «هرست» منذ بضعة أسابيع بإغلاق صحيفة «سان فرانسيسكو كرونيكل» وعمرها حوالي قرن ونصف القرن (144 عاماً) إذا لم تجد حلاًّ يوقف نزيف الخسائر المتتالية سواء بتخفيض النفقات أو بيع الصحيفة.
ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد، فقد باعت صحيفة «نيويورك تايمز» طابقاً من مقرها الرئيس في نيويورك الذي يتكون من 52 طابقاً مقابل 225 مليون دولار في سبيل الحصول على سيولة مالية رفعت أسهم الصحيفة في البورصة، كما أعلنت مجموعة «ماكلاتشي» الصحفية، وهي ثالث أكبر مجموعة صحافية أميركية، إلغاء 1600 وظيفة أي الاستغناء عن 15 في المئة من موظفيها بسبب نقص أرباح الإعلانات، فيما ألغي المؤتمر السنوي لصناعة الصحافة لعام 2009 مما يعكس حجم الأزمة التي تمر بها الصحافة الأميركية.
وحسب موقع «Paper Cuts» المعني برصد عدد الموظفين الذين تم تسريحهم لتقليص النفقات، فإن 15590 ألف موقع في غرف الأخبار تم إلغاؤه العام الماضي، كما تم تسريح 2700 شخص منذ مطلع العام الحالي وحتى الآن.
ولما كان جمهور الصحف يتجه للإنترنت لمعرفة الأخبار، فإنه يبدو من الطبيعي أن تسخر المؤسسات الصحافية كل جهدها ومواردها لتطوير مواقعها بما يعني أن الإعلانات تكون أكثر على النسخ الإلكترونية للجرائد من النسخ الورقية.
هذه الأوضاع المتردية التي تعيشها الصحافة الأميركية في الوقت الحالي وصفها الكاتب مايكل مالوني في مقال له على موقع محطة «إيه بي سي نيوز» الأميركية بأنها نقطة تحول في تاريخ الصحف، موضحاً أن صناعة الصحف ظلت تتهاوى بشكل حلزوني محزن خلال العقد الحالي. وأضاف مالوني أن القائمين على هذه الصحافة أدركوا أن هذا التراجع الذي تشهده الصحف الأميركية ليس موقتاً.
وكان مالوني من أوائل المحذرين من موت الصحف الورقية في مارس 2005 حين دعا القائمين على صناعة الصحافة للاعتراف بوفاة الصحف الورقية بسبب الثورة التكنولوجية.
وفي مطلع شهر مارس (2009)، وضعت شركة «24/7 وول ستريت». قائمة بعشر صحف يومية كبرى يتوقع أن توقف طبعتها الورقية، أو تغلق نهائيّاً في الفترة المقبلة، وذلك اعتماداً على القوة المالية للمؤسسات الإعلامية الناشرة لهذه الصحف، وحجم المنافسة المباشرة لهذه الصحف في السوق وحجم الخسائر. وتضم القائمة صحف «فيلادلفيا ديلي نيوز»، و«مينيابوليس ستار تريبيون»، و«ميامي هيرالد»، و«ديترويت نيوز»، و«بوسطن جلوب»، و«سان فرانسيسكو كرونيكل»، و«شيكاغو صن تيمز»، و«نيويورك ديلي نيوز»، و«فورت وورث ستار تلجرام»، وأخيراً «كليفلاند بلين ديلر».
* عن «تقرير واشنطن»