إن ما نجده على سبيل المثال في الساحة السياسية الكويتية من صراعات وطروحات ومسالك سياسية لا ينم الا عن السذاجة والبداهة وانعدام الحس السياسي، والعقلية السياسية التي تستطيع ان تتفاعل مع الاحداث وتحركها وفقاً لمصلحة الوطن العليا، ولهذا نجد أن الأصل في العمل السياسي الكويتي هو الطائفة، أو القبيلة، أو العشيرة، أو الاسرة، وان تغلفت هذه المبادئ، والأهداف التي في ظاهرها جميلة، غير ان فحواها ومحتواها مستمد من سلوكهم السياسي الانتهازي، والمصلحي وعلى هذا نجد ان ادارة الصراع ليست حكمة بل تحكمها المصالح الشائهة، والفكر العتيق، والرؤية الساذجة، إلى جانب تعلق غالبية المجتمع وفئاته بالايديولوجيات والعقائد المقبلة من ظلمات التاريخ، وما عليك في هذا الصدد الا ان تلقي نظرة خاطفة على ما جرى ويجري في الساحة الكويتية، وتحديدا في المدة الأخيرة في انتخابات المجلس البلدي، وغيره من انتخابات الجمعيات التعاونية، أو الخدمية، أو المهنية، أو الثقافية لتكشف صدق ما نذهب اليه. والعجيب اننا لسنا نعيش في جزيرة نائية مغلقة من جهاتها الست فالبلد بلد مفتوح، والأفكار تجيء اليه من أطراف الدنيا، والمعلومات، والثقافات، وتقنياتها متوافرة في كل مكتب، ومنزل، وهي متاحة للجميع، ومع ذلك فأفكارنا ثابتة آسنة، ومناهجنا عتيقة صدئة، وعقولنا لا تستجيب لتطورات العالم وما يجري فيه من تغيرات تتحول في كل يوم وساعة من النقيض الى النقيض.
أما النخبة الثقافية والسياسية في الكويت فأسيرة للانفعال وردود الأفعال أكثر من أن تتعامل، أو تعالج الافكار والظواهر بنحو عقلاني، وبفهم عميق يعتمد الواقع والمنطق. والحق ان النخبة لم تقم بأدوارها المطلوبة منها، بل انها لم تتحمل مسؤولياتها الاخلاقية في عملية التنوير، وبناء ثقافة سياسية، أصيلة وثرية تكون هي الأصل الأصيل في معالجة المشكلات، والأزمات، وعلى رأسها أزمة التخلف، والسذاجة السياسية والعمل الارتجالي، والفوضوي البعيد عن فهم معاني الدولة، والسلطة، والحزب، والقانون، وغيرها من المفردات التي فرغ منها العالم المتقدم، والتي غدت من أساسيات وأصول العمل السياسي فيها، ولهذا نجد هذه الدول تنعم بالوفاق والاستقرار.
ومن أراد الدليل فنظرة واحدة الى ما يحدث عندنا في هذه الأيام في مجلس الوزراء من اتخاذ قرارات، وبعد ذلك يتم الغاؤها، وكذلك ما يحدث في مجلس الأمة من تخبط وانحراف في استخدام الأدوات الدستورية.
اما في الطرف المقابل فهناك من يفهم السياسة وصاحب رؤية مستقبلية ومتنورة، وهو النائب الأخ مرزوق الغانم الذي نوّر شاشة «الراي» بطرحه، وعرضه لمعالجة المديونيات، ورده على البعض ممن لا يفقه السياسة وألاعيبها، وكيفية معالجة الأمور بالحكمة، والفكر السليم وابداء رأيه في مسألة صعود رئيس الوزراء للمنصة ودفاعه عمن يطبق القانون فسر يا بوعلي على هذا الدرب، وهذا المنهج، والفكر والطرح الراقي والمتميز.
علي غلوم محمد
كاتب كويتي
ali_gh93@hotmail.com