على قدر أهل العزم تأتي العزائم
وتأتي على قدر الكرام المكارم
وتعظم في عين الصغير صغارها
وتصغر في عين العظيم العظائم
أبو الطيب المتنبي
(1)
للكويت حظ لا يضاهيه حظ، فما عجزت عنه القمم التي جرت من أجل المصالحة جاء إلى قمة الكويت الاقتصادية بكل أريحية.
إنه حظ الكويت وحكمة أميرها الحكيم الذي عرف كيف يغتنم الفرصة التي تأتي مرة كل قرن أو لا تأتي أبداً. اقتنص الفرصة الذهبية ليسجل هدفاً هو الأغلى في عالم السياسة العربية منذ عقود.
فقلوب العرب كلهم تدعو اليوم لصاحب السمو وللكويت على ما أنجزته قمة المصارحة والمصالحة، وهي القمة التي كان يخطط لها أن تكون قمة متخصصة اقتصادياً، فإذا بها تصطاد عصفوري الاقتصاد والسياسة بحجر واحد.
هذه هي الكويت، العربية الإسلامية، التي تجمع ولا تفرق، والتي لا يشك أحد بنواياها، فقد اعتاد العرب والمسلمون منها الطيبة والخير، حتى من أساء إليها أخجلته طيبتها واختشى على دمه (هذا إن كان عنده دم)!
(2)
عندما دعا صاحب السمو الأمير إلى قمة الكويت الاقتصادية والتنموية والاجتماعية كان يقصد منها بناء اقتصاد عربي متين، وتكامل قوي تصل نتائجه المباشرة إلى المواطن العربي مباشرة، وكان يود أن تدخل السعادة إلى قلب كل عربي. وهذا ما تحقق له مرتين، فالتحضيرات على مدى عام كامل لم تذهب هباءً، وثمار القمة الاقتصادية لم تتأثر بما طغى على القمة من هموم مأساة غزة. بل إن العكس جرى، فزادت السياسة من قيمة قمة الاقتصاد وأغنتها بتحقيق نتائج لم تخطر ببال أكثر المتفائلين من العرب، فحوّلت قمة الكويت أحزان أهلنا في غزة إلى أمل اجتاح العالم العربي من أقصاه إلى أقصاه، وكأن دماء أطفال ونساء وشيوخ غزة لم تذهب هباء، وهي لم تذهب هباء بإذن الله، فمنّ الله على أهل غزة بنصر الصامدين، ومن على العرب كلهم بنعمة المصالحة.
(3)
بالطبع لا يمكن أن يتكلم أحد عن المصالحة العربية من دون أن يشيد بمن فتح أبواب المصالحة على مصراعيها، وهذه الوقفة الجبارة لخادم الحرمين الشريفين الذي علم الجميع كيف يتصرف الكبار، وعرف كيف يداوي جراح غزة النازفة ببلسم التضامن العربي وتجاوز الخلافات بين الأشقاء. فأغلق ملفات الماضي بما حوته كله من خلافات وأزمات ورماها وراء ظهره، ودعا أشقاءه كلهم ليفعلوا مثل ما فعل، فلبوا نداءه فوراً ليسجلوا سابقة تاريخية للعرب... العرب كلهم. فألف شكر لك يا خادم الحرمين الشريفين على هذا الموقف الذي سيسطره التاريخ بأحرف من ذهب.
(4)
بالأمس عادت الكويت إلى ساحة السياسة العربية بقوة وفاعلية وإيجابية، فأثبتت أن هذا البلد الصغير بمساحته، الكبير بقلبه وقادته، يتمكن من صنع التاريخ في الاقتصاد وفي السياسة، وكما عملت الكويت طوال تاريخها على تعزيز الاقتصاد العربي بتقديم الهبات والمساعدات والقروض الميسرة، ها هي اليوم تشهد ولادة هذا التكتل العربي الجديد الذي سيرتبط اسمه دوماً بمكان مولده الأول، وهي نقلة نوعية في أسلوب وأهداف العمل الاقتصادي الاستراتيجي الهادف إلى تحويل العرب إلى قوة اقتصادية لا يستهان بها، وذلك كله بمشروع طموح وعصري مبني على أسس علمية، يحكمه العقل وليس القلب فقط، وبمبادئ بسيطة أعلنها صاحب السمو في خطاب الافتتاح، حين قال بتحييد الاقتصاد عن السياسة، وإشراك القطاع الخاص في هذا المشروع الطموح، وعدم الإصرار على الإجماع عند اتخاذ القرارات المتعلقة به. وكما في الاقتصاد ها هي الكويت في السياسة تحوّل مستقبل العرب من التخاصم والمحاور إلى التوحد والتعاضد. فمبروك للكويت وأميرها وأهلها هذا الإنجاز التاريخي المزدوج، ومبروك للعرب كلهم.
ماسيج:
- عاد ملف إسقاط القروض إلى الواجهة من جديد، فها هو يصبح مجالاً لاقتراحات النواب ويسبب صداعاً للحكومة الجديدة، والله يستر من هم التأزيم فوق هم القروض!
- خرج الرئيس التنفيذي لمؤسسة البترول الكويتية على موظفيه بفتوى تبريرية جديدة، مفادها أن الأزمة المالية هي السبب الحقيقي في الغاء صفقة «الداو»، شكل صفقة «الداو» صارت ملطشة، الكل يدعيها والكل ينكرها وما أحد يعرف راسها من رجولها!
- ملفان اختفيا من مكتب عميد معهد التكنولوجيا بقدرة قادر، فهل وصلنا إلى هذا الدرك الأسفل يا وزيرة التربية؟
- وزارة الصحة ستدرب المعلمين على الإسعافات الأولية، هذا الجهد كله كي يحلوا أزمة من يدفع رواتب «السسترات» هم أم التربية، والله عيب يا عين عذاري!
- كل يوم تطالعنا الصحف بإحصائية جديدة لتعديات أزالتها فرق الإزالة، فإن كانت الأرقام صحيحة فليتفضل أحد من المسؤولين ويكشف عن العدد الحقيقي للتعديات على أملاك الدولة!
- أخيراً تحركت وزارة الصحة وقررت وضع تقييم ضعيف مع النقل للطبيب الكويتي الذي يرتكب خطأ طبياً، وفصلا من العمل للطبيب الوافد الذي يقوم بخطأ طبي، وما فائدة المريض الذي يرتكب الخطأ الطبي بحقه من هكذا إجراء؟
- ظاهرة السرقات بدأت بالتزايد أخيراً، خصوصاً سرقة السيارات، فأين وزارة الداخلية من هذه الظاهرة التي تهدد الأمن والمواطن؟
خالد عيد العنزي
كاتب وصحافي كويتي
Al_malaas@hotmail.com
وتأتي على قدر الكرام المكارم
وتعظم في عين الصغير صغارها
وتصغر في عين العظيم العظائم
أبو الطيب المتنبي
(1)
للكويت حظ لا يضاهيه حظ، فما عجزت عنه القمم التي جرت من أجل المصالحة جاء إلى قمة الكويت الاقتصادية بكل أريحية.
إنه حظ الكويت وحكمة أميرها الحكيم الذي عرف كيف يغتنم الفرصة التي تأتي مرة كل قرن أو لا تأتي أبداً. اقتنص الفرصة الذهبية ليسجل هدفاً هو الأغلى في عالم السياسة العربية منذ عقود.
فقلوب العرب كلهم تدعو اليوم لصاحب السمو وللكويت على ما أنجزته قمة المصارحة والمصالحة، وهي القمة التي كان يخطط لها أن تكون قمة متخصصة اقتصادياً، فإذا بها تصطاد عصفوري الاقتصاد والسياسة بحجر واحد.
هذه هي الكويت، العربية الإسلامية، التي تجمع ولا تفرق، والتي لا يشك أحد بنواياها، فقد اعتاد العرب والمسلمون منها الطيبة والخير، حتى من أساء إليها أخجلته طيبتها واختشى على دمه (هذا إن كان عنده دم)!
(2)
عندما دعا صاحب السمو الأمير إلى قمة الكويت الاقتصادية والتنموية والاجتماعية كان يقصد منها بناء اقتصاد عربي متين، وتكامل قوي تصل نتائجه المباشرة إلى المواطن العربي مباشرة، وكان يود أن تدخل السعادة إلى قلب كل عربي. وهذا ما تحقق له مرتين، فالتحضيرات على مدى عام كامل لم تذهب هباءً، وثمار القمة الاقتصادية لم تتأثر بما طغى على القمة من هموم مأساة غزة. بل إن العكس جرى، فزادت السياسة من قيمة قمة الاقتصاد وأغنتها بتحقيق نتائج لم تخطر ببال أكثر المتفائلين من العرب، فحوّلت قمة الكويت أحزان أهلنا في غزة إلى أمل اجتاح العالم العربي من أقصاه إلى أقصاه، وكأن دماء أطفال ونساء وشيوخ غزة لم تذهب هباء، وهي لم تذهب هباء بإذن الله، فمنّ الله على أهل غزة بنصر الصامدين، ومن على العرب كلهم بنعمة المصالحة.
(3)
بالطبع لا يمكن أن يتكلم أحد عن المصالحة العربية من دون أن يشيد بمن فتح أبواب المصالحة على مصراعيها، وهذه الوقفة الجبارة لخادم الحرمين الشريفين الذي علم الجميع كيف يتصرف الكبار، وعرف كيف يداوي جراح غزة النازفة ببلسم التضامن العربي وتجاوز الخلافات بين الأشقاء. فأغلق ملفات الماضي بما حوته كله من خلافات وأزمات ورماها وراء ظهره، ودعا أشقاءه كلهم ليفعلوا مثل ما فعل، فلبوا نداءه فوراً ليسجلوا سابقة تاريخية للعرب... العرب كلهم. فألف شكر لك يا خادم الحرمين الشريفين على هذا الموقف الذي سيسطره التاريخ بأحرف من ذهب.
(4)
بالأمس عادت الكويت إلى ساحة السياسة العربية بقوة وفاعلية وإيجابية، فأثبتت أن هذا البلد الصغير بمساحته، الكبير بقلبه وقادته، يتمكن من صنع التاريخ في الاقتصاد وفي السياسة، وكما عملت الكويت طوال تاريخها على تعزيز الاقتصاد العربي بتقديم الهبات والمساعدات والقروض الميسرة، ها هي اليوم تشهد ولادة هذا التكتل العربي الجديد الذي سيرتبط اسمه دوماً بمكان مولده الأول، وهي نقلة نوعية في أسلوب وأهداف العمل الاقتصادي الاستراتيجي الهادف إلى تحويل العرب إلى قوة اقتصادية لا يستهان بها، وذلك كله بمشروع طموح وعصري مبني على أسس علمية، يحكمه العقل وليس القلب فقط، وبمبادئ بسيطة أعلنها صاحب السمو في خطاب الافتتاح، حين قال بتحييد الاقتصاد عن السياسة، وإشراك القطاع الخاص في هذا المشروع الطموح، وعدم الإصرار على الإجماع عند اتخاذ القرارات المتعلقة به. وكما في الاقتصاد ها هي الكويت في السياسة تحوّل مستقبل العرب من التخاصم والمحاور إلى التوحد والتعاضد. فمبروك للكويت وأميرها وأهلها هذا الإنجاز التاريخي المزدوج، ومبروك للعرب كلهم.
ماسيج:
- عاد ملف إسقاط القروض إلى الواجهة من جديد، فها هو يصبح مجالاً لاقتراحات النواب ويسبب صداعاً للحكومة الجديدة، والله يستر من هم التأزيم فوق هم القروض!
- خرج الرئيس التنفيذي لمؤسسة البترول الكويتية على موظفيه بفتوى تبريرية جديدة، مفادها أن الأزمة المالية هي السبب الحقيقي في الغاء صفقة «الداو»، شكل صفقة «الداو» صارت ملطشة، الكل يدعيها والكل ينكرها وما أحد يعرف راسها من رجولها!
- ملفان اختفيا من مكتب عميد معهد التكنولوجيا بقدرة قادر، فهل وصلنا إلى هذا الدرك الأسفل يا وزيرة التربية؟
- وزارة الصحة ستدرب المعلمين على الإسعافات الأولية، هذا الجهد كله كي يحلوا أزمة من يدفع رواتب «السسترات» هم أم التربية، والله عيب يا عين عذاري!
- كل يوم تطالعنا الصحف بإحصائية جديدة لتعديات أزالتها فرق الإزالة، فإن كانت الأرقام صحيحة فليتفضل أحد من المسؤولين ويكشف عن العدد الحقيقي للتعديات على أملاك الدولة!
- أخيراً تحركت وزارة الصحة وقررت وضع تقييم ضعيف مع النقل للطبيب الكويتي الذي يرتكب خطأ طبياً، وفصلا من العمل للطبيب الوافد الذي يقوم بخطأ طبي، وما فائدة المريض الذي يرتكب الخطأ الطبي بحقه من هكذا إجراء؟
- ظاهرة السرقات بدأت بالتزايد أخيراً، خصوصاً سرقة السيارات، فأين وزارة الداخلية من هذه الظاهرة التي تهدد الأمن والمواطن؟
خالد عيد العنزي
كاتب وصحافي كويتي
Al_malaas@hotmail.com