اعتادت دول المنطقة الاتجاه نحو خيار إصدار سندات الديون في الأوقات التي تتعرض فيها أسعار النفط إلى التراجع، وهي تمضي على هذا الخيار حتى تتعافى الأسعار مجدداً، إلا أن الوقت الراهن يشير إلى أن هناك مشكلة قد تتعرض لها هذه الدول، إذ إن لا أحد يعرف في ما لو كان بمقدور الأسعار أن تعود إلى التعافي.وبحسب تقرير نشره موقع «Oil Price»، شهد العام الحالي إعـــــــلان عدد مــن الدول إصداراتها للسندات، منهـــــــا الإصــــــدار الذي أعلـــــــنت أبوظبي عن إطلاقه الشهر الماضي بقيمة 5 مليارات دولار ويمتد استحقاقه لـ50 عاماً، وكذلك ما كشفته إمارة دبي عن عزمها إطلاق أول إصدار دين منذ 2014.وأوضح التقرير أن اقتصادات المنطقة، خصوصاً تلك التي لا تعتمد إيرادات موازناتها على تصدير سلعة واحدة، ممثلة بالنفط، بإمكانها الاعتماد على الاقتراض للاستمرار فترة طويلة. وأفاد تحليل حديث لوكالة «رويترز»، بأن آفاق النمو لاقتصادات الخليج تكتنفها سحب قاتمة، فيما تؤكد «Oil Price»، في تقريرها أن حكومات المنطقة تفعل الشيء نفسه الذي تفعله دائماً، حيث تتجه إلى خيار تخفيض الإنفاق العام والاقتراض، إلا أن هذه المرة يبدو أن الأزمة غير مسبوقة، وقد تجد هذه الحكومات نفسها في مأزق، في الوقت الذي تنتظر فيه عودة أسعار النفط.وطبقاً لتقرير سابق صادر عن صندوق النقد الدولي، فإن دول الخليج، باستثناء قطر، من المتوقع أن تستمر في تسجيل عجز بموازناتها خلال العام الحالي، مع ترجيحات بأن تتعرض عُمان لأكبر عجز بواقع 16.9 في المئة. ومع أن ذلك ليس بالأمر الاستثنائي الذي تواجهه المنطقة، تظهر المعضلة في عدم وجود مساحة للمناورة متاحة أمام حكومات المنطقة.وفي الوقت الذي أوضح فيه التقرير أن اهتمام المستثمرين بالسندات الجديدة التي تصدرها المنطقة قد يكون قوياً، إلا أنه أوضح أنه لا يمكن تقدير مدى احتمالية أن يظل الاهتمام قوياً لمزيد من إصدارات الديون المقبلة في حال استمرت أسعار النفط في التأرجح حول 40 دولاراً للبرميل، وهو سعر أقل بكثير من مستويات التعادل لميزانيات الخليج.وأضاف التقرير «فيما قد يكون منعطفاً قاسياً، فإن هذا الوضع غير المسبوق يخنق محاولات اقتصادات الخليج لتنويع اقتصاداتها بعيداً عن النفط، وهذا واضح بشكل بارز في السعودية، التي لديها هدف طموح يتمثل في أن تصبح اقتصاداً متنوعاً بحلول عام 2030، على أن يتم تمويل تلك الرؤية عبر الإيرادات النفطية التي انهارت العام الحالي مع انتشار وباء كورونا على مستوى العالم، الأمر الذي جعل المملكة تضاعف ضريبة القيمة المضافة 3 مرات وتخفض الإنفاق العام».ولفت إلى أن الدول الخليجية الأخرى المنتجة للنفط تقلص إنفاقها العام كون هذا هو المنفذ الوحـيد لها الذي يمـكن خفـضه إلى حد كبير، إلى جانب الامتيازات الممنوحة للمواطنين، والتي من غير المرجح أن تكون خطوة شعبـــية، مبــــيناً أن تخفيضات الإنفاق والاقتراض هما عنوان اللعبة الخليجية وسط الأزمة الحالية.وأشار إلى أن الخطر في هذه اللعبة يكمن في أنه إذا لم تتعافَ الأسعار قريباً، فقد تتحول إلى حلقة مفرغة تزعزع استقرار المنطقة بأكملها.ووفقاً للتقرير، قد تحتاج هذه الاقتصادات إلى تجربة كتابة قواعد لعب جديدة، بإصلاحات اقتصادية فعلية لجعلها أكثر مرونة في مواجهة أزمات النفط.