تسببت موجة الإخلاءات التي شهدتها العمارات الاستثمارية، إضافة إلى التوقعات بتراجع أسعار المنازل، في تعثر العديد من الصفقات العقارية في القطاعين الاستثماري والسكني خلال الفترة الماضية.ووفقاً لمصادر في القطاع، فإن الشواغر المتزايدة في العديد من العمارات التي وُقّعت عقود ابتدائية لبيعها خلال الفترة الماضية، وصلت إلى نصف الشقق في بعضها، ما يُنذر بتراجع الإيجارات وبالتالي انخفاض أسعار العقارات الاستثمارية، الأمر الذي تسبب في فسخ الكثير من العقود التي أبرمها مستثمرون لشراء تلك العمارات. من ناحيته، لفت نائب رئيس اتحاد الوسطاء العقاريين، عماد حيدر، إلى عدم إتمام عدد من الصفقات العقارية خلال الفترة القريبة الماضية، أغلبها على عقارات استثمارية، وبعضها على عقارات سكنية في مناطق متفرقة من البلاد.وقال حيدر لـ«الراي» إن الإخلاءات التي شهدتها عقارات استثمارية، بعد توقيع عقود بيعها المبدئية، وبالتالي تراجع دخل تلك البنايات عن المتفق عليه بين البائع والمشتري، حدت بكثير من المشترين إلى طلب إلغاء صفقاتهم، في حين كانت التوقعات بهبوط أسعار العقارات في القطاع السكني سبباً كافياً لتراجع المشترين وتفضيلهم الاحتفاظ بـ«الكاش»، من أجل اقتناص الفرص بعد انتهاء وباء «كورونا». ولفت إلى أن المستثمر يتطلع إلى أن يكون دخل العمارة الاستثمارية بين 7 و8 في المئة، وهذا ما كانت متحققاً بالفعل في أغلب مناطق الكويت، قبل الجائحة، إلا أن الشواغر المتزايدة يوماً بعد يوم في القطاع، خلال الفترة الحالية، تنذر بخفض للأسعار والإيجارات، ما يثبّط من همة كثير من المستثمرين لاتخاذ خطوة الشراء في الوقت الحالي.

ارتفاع الشواغروأشار حيدر إلى أن الخلاف الذي أفضى إلى فسخ الكثير من العقود بين عدد من المستثمرين وأصحاب عمارات خلال الأيام القليلة الماضية، جاء نتيجة أن الاتفاق كان على استلام العمارة من دون أي شواغر، إلا أن المستثمرين تفاجؤوا بعد كتابة العقود الابتدائية بارتفاع الشواغر في العمارات المشتراة لحدود وصلت إلى 50 في المئة، ما دفعهم إلى طلب فسخ العقد، رغم الأسعار المغرية غير المشهودة في الفترة الماضية، مبيناً أن المناطق الاستثمارية الأكثر تضرراً وتراجعاً حتى الآن، هي المهبولة ومن بعدها الجليب ثم خيطان. وذكر أن المادة 75 من القانون التجاري تنص على أنه «إذا عدل المشتري عن الصفقة خسر ما تم دفعه، ويتحمل عمولة الوسيط، وإذا عدل البائع رد ما تم استلامه ومثله ويتحمل عمولة الوسيط»، ضارباً مثالاً بأنه إذا تمت كتابة عقد مبدئي لدى الوسيط بين البائع والمشتري، ودفع المشتري عربوناً بنحو 5 آلاف دينار ومن ثم عدل عن إتمام الصفقة فإنه يخسر الـ5 آلاف دينار ويتحمل عمولة الوسيط، أما في حال عدول البائع فإنه يرد الـ5 آلاف ويدفع مثلها للمشتري، كما أنه يتحمل في الوقت نفسه عمولة الوسيط.ونصح حيدر بعدم التسرع بدفع «عربونات» كبيرة في الوقت الحالي لحفظ خط للرجعة في ظل سوق يكتنفه الغموض، وعدم وجود رؤية واضحة لما ستؤول إليه الأمور بعد انجلاء هذه الأزمة، مؤكداً أن «الكاش» في الوقت الراهن أفضل من العقار، حيث يتوجه أغلب المستثمرين الآن إلى استغلال ارتفاعات الذهب وهبوط الدولار إلى جانب اقتناصهم للفرص في العقار الخارجي، الذي هبطت أسعاره بنسب كبيرة في مختلف دول العالم، في حين أن الهبوط في الكويت لا يزال بسيطاً، ويعتبر تصحيحاً.

حركة تنقلاتمن جانبه، نوه الباحث في الشأن العقاري، عبدالرحمن الحسينان، إلى حركة تنقلات للعديد من المستأجرين من العمالة الوافدة من الشقق الأغلى والأوسع إلى الشقق الأضيق والأرخص خلال الفترة الماضية، بسبب تخفيض رواتبهم، إلى جانب مغادرة الكثير منهم البلاد، ما أدى إلى شواغر كثيرة في أغلب البنايات بالكويت.وأكد أن ذلك دفع الكثير من المتعاقدين ابتدائياً على شراء عقارات إلى الرجوع عن الشراء في ظل تسارع الإخلاءات في البنايات التي توجهوا لشرائها، لا سيما في مناطق مثل المهبولة وخيطان وجليب الشيوخ.وذكر أن المستأجرين الآن يبحثون في الغالب عن الشقة بغرفة واحدة وصالة، بسبب الضائقة التي يمرون بها، إما لتخفيض رواتبهم أو بسبب عدم وضوح الرؤية حول أوضاع الشركات التي يعملون بها، مشيراً إلى أن المكاتب العقارية تعاني من مشكلة تهرب طرفي العقد من دفع العمولة، رغم أن القانون رقم 308 لوزارة التجارة يُحتم عليهم القيام بذلك.ولفت إلى توجه المستثمرين نحو العقار السكني، لأنه أعلى عائداً من الاستثماري الذي بدأ يشكل عائقاً من ناحية تكلفة الكهرباء والماء والحارس وغيرها من الأمور، التي تقلل من عوائده، إذ إن عائد العقار السكني يصل إلى 10 في المئة، في حين أنه لا يتعدى الـ7 في المئة في «الاستثماري».

40 في المئة انخفاضاً متوقعاً للعقار الاستثماري

قال حيدر إنه إذا استمرت أزمة «كورونا» خلال الفترة المقبلة، فإن قطاع العقار في الكويت سيتأثر كثيراً، وستنخفض الأسعار في العقار الاستثماري ما بين 30 و40 في المئة، لا سيما وأن الكويت تعاني من هبوط كبير في أسعار النفط منذ فترة إضافة إلى العجز المالي الكبير في الميزانية وانعكاسات «كورونا».وفيما يخص العقار السكني، لفت حيدر إلى أنه يعتبر من الأمور الأساسية للمواطنين، وإذا حصل هبوط في الأسعار، فإن حدود الانخفاض ستكون ما بين 20 و 30 في المئة.