لا تغركم الشكليات والمظاهر... لا يعجبنكم من لبس ثوب وغترة أو بدلة و«كشخ»... لا يغرنكم حملة الشهادات العليا والكفاءة العلمية، ولا تستعجلوا على الحكم في ما يخص مكافحة الفساد.سأترك الحديث مفصّلاً لعنوان المقال عبر قصص لم نتعلّم وفيها عِبر.روي في الأثر أن أعرابياً رث الثياب ذاهباً يحمل جرته، رأى أفصح الشعراء وهم ذاهبون إلى دار الخليفة وذهب معهم وعندما رآه الخليفة سأله مستغرباً: «ما حاجتك أيها الرجل؟» فقال البيت المشهور «ولما رأيت القوم شدوا رحالهم... إلى بحرك الطامي أتيت بجرتي» فملأها له ذهباً، وعندما خرج الأعرابي وزّع الذهب على الفقراء، وحينما علم الخليفة وسأله عن فعلته، قال: «يجود علينا الخيرون بمالهم... ونحن بمال الخيرين نجود» وضاعف له العطية.هذا في ما يخص المظاهر التي نغتر بها كثيراً، وكيف أن الكريم يظل كريماً في عطائه وقد يكون مالك العلم والمعرفة «الثقافة» أشبه بذلك الإعرابي، الذي ذهل الخليفة من عمق شعره وحكمته مع أنه لا يوحي بذلك.ونتذكر عندما تقدم الصحابي أبي ذر الغفاري وهو صحابي جليل طالباً توليته على إحدى الولايات، فضرب الرسول صلى الله عليه وسلم على منكبه ثم قال «يا أبا ذر إنك ضعيف، وإنها أمانة، وإنها يوم القيامة خزي وندامة إلّا مَنْ أخذها بحقها، وأدى الذي عليه فيها».نفهم أن كثيراً من حملة الشهادات وإن كانت من جامعات مرموقة يبقى مصنفاً كمتعلم، وقد يكون صالحاً لكنه وفق معايير تولية الأشخاص للمناصب القيادية لا يستحق المنصب، إلّا المصلح من حملة المؤهل المدعوم بالخبرة وحسن السيرة والسلوك وصاحب قرار ورؤية.لا تدخل في النوايا، بسطنا لك الزبدة، فنحن إلى حد الآن لم نُحسن الاختيار سواء من نواب، وزراء، وقياديين.وفي جانب مكافحة الفساد، كثير من القضايا تغلق وتحفظ وعدم الاستدلال على العنوان، رغم أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال في الحديث الشريف: «لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطعت يدها»!لذلك، وبعد أن تولّد لدينا يقين بأن الفساد ورموزه قد امتدت أذرعته في جميع مؤسساتنا، فنحن أمام حل لا يقبل الشكليات أو «البريستيج» أو المجاملة.... نريد رجال دولة و «بس»!
الزبدة:رأيتم ماذا حلّ بنا في الأيام الأخيرة... ناس «اغترّ البعض بهم» واتضح أنهم فاسدون، وإن لبسوا أجمل الثياب وسكنوا «فللاً فخمة»، مظاهر روّج لها السفهاء وقد قال الله عز وجل: «ولا تؤتوا السفهاء أموالكم».عجيبة هي تركيبتنا الثقافية، يأتيك مَنْ يتصدر المجالس ويتحدث عن الإصلاح وحُسن الاختيار، وهو عملياً يخالف فعله قوله، وعجيب أمر مؤسساتنا وأصحاب القرار يتوقعون الإصلاح عبر المحاصصة وقيادات «الشو»!هذه «السالفة ورد غطاها»... والله المستعان.
terki.alazmi@gmail.com Twitter: @Terki_ALazmi