فيما تقلصت وجهات السياحة الداخلية في الكويت بسبب تداعيات أزمة تفشي فيروس كورونا المستجد (كوفيد 19)، تضاعفت متاعب المواطنين في البحث عن متنفس لهم في بلادهم للخروج والتنزه وقضاء أوقات ممتعة، نتيجة غياب الخريطة والإستراتيجية السياحية الداخلية التي تحدد أماكن وخيارات عديدة للتنزه خلال عطلة الصيف، حيث لا يجد أبناء البلد أمامهم إلا خيارات قليلة جدا مقارنة بما يجدونه خارج الكويت، وفي ظل أزمة كورونا فقد قلت حركة السفر بغرض السياحة، فأصبح المواطن داخل بلاده لا يجد أماكن جاذبة للسياحة، كما كان يجدها قبل ذلك. وعلى الرغم من أن الكويت تتمتع بشريط ساحلي، وببعض المتاحف الزاخرة بالمقتنيات المتميزة، والأسواق القديمة، إلا أن السياحة الداخلية تعد تجربة فقيرة نتيجة عدم التخطيط لها، حيث تسير الأمور بطريقة عشوائية. وفيما يستعد قطاع السياحة لاستقبال الضيوف من شتى أقطار العالم، اعتباراً من بداية أغسطس المقبل، يعاني المواطنون من وجود خلل في تطوير هذا القطاع المهم والحيوي الذي لا يعود بالفائدة على أبناء الوطن والبعيد عن الطموحات المرجوة، كما أنه لا يوفر فرص عمل للشباب، لاسيما في فصل الصيف الذي يعتبر موسم التنزه والترفيه والإجازات الطويلة.«الراي» استطلعت آراء المختصين والمواطنين حول هذه القضية المهمة، حيث يقول اختصاصي التسويق السياحي والمدير السابق لمعهد السياحة التابع للهيئة العامة للتعليم التطبيقي والتدريب نبيل الخضري: «إذا قلنا إن السياحة الداخلية مفهوم علمي اقتصادي متكامل، فإن هذا الأمر غير موجود في الكويت، لكن المتوفر بعض من الأنشطة السياحية الترفيهية التي بالإمكان تنضوي تحت مسمى السياحة الداخلية».وأشار الخضري إلى أن «الوضع الحالي يعد صناعة سياحة عشوائية بعيدة عن أي تنسيق أو أهداف مشتركة تخدم هدفاً وطنياً واحداً، حيث تتمركز السياحة العشوائية الداخلية لدينا بثلاثه قطاعات: الأول هو قطاع الإيواء ويعتمد على الشاليهات سواء منتجعات رسمية أو أهلية فردية، والقطاع الثاني المجمعات التجارية التي أصبحت المتنفس الأساسي لأغلب أفراد المجتمع المحلي، أما القطاع الثالث فهو التغذية، حيث أصبحت الكويت من أشهر البلدان الخليجية في عدد المطاعم وتنوعها، والتي ساهمت وسائل التواصل الاجتماعي بقوة في انتشارها، وكل تلك القطاعات المحلية التي تخدم السوق المحلي في المقام الأول خسرت خسارة كبيره نظير توقف تام لمدة تجاوزت الثلاثة أشهر وحتى مع عودة الأعمال، إلا أن هناك طريقاً طويلاً، قبل أن تعود الأمور لنصابها السابق».وبسؤاله عن الاحتياجات لتكون الكويت وجهة سياحية مميزة، أكد الخضري ضرورة وجود خطة شاملة محددة الأهداف، ومحددة النتائج المراد الوصول إليها، وألا تكون بعيدة عن الواقع الحالي بشكل مبالغ به، حيث يجب أن يتم تنفيذ هذه الخطة على مرحلتين، الأولى مدتها خمس سنوات والثانية عشر سنوات، بالإضافة لوجود إيمان قوي عند أصحاب القرار بضرورة تفعيل هذه الصناعة وتطويرها، لما لها من آثار إيجابية اقتصادية كبيرة، سواء من ناحية تدوير العملة وتنشيطها، أو من ناحية توفير فرص عمل جديدة للمواطنين. وأوضح أن الدولة تحتاج إلى الاعتماد على المتخصصين الكويتيين في هذا المجال بدلاً من الاستعانة فقط بالخبراء الأجانب الذين لا يفقهون ولن يفهموا طبيعة المجتمع الكويتي ولا ما يميزه من غيره، فعندما يقومون بتحليلاتهم ونظرياتهم سيبنونها على تجارب دول أخرى، حتى لو كانت عربية مثلاً، وستكون ناقصة وعقيمة، بالإضافة لذلك لا بد من تفعيل الدولة لمشروع الحرير وتطوير الجزر الذي سيكون له دور كبير وضخم جداً بوضع الكويت على الخريطة السياحية العالمية، بما يتناسب مع حجمها، داعياً إلى توفير ميزانية للترويج السياحي، فبدون ميزانية محدده تهتم بهذا المجال لن تستطيع توصيل ما تملكه للشرائح المستهدفة بالشكل السليم، ولن تحقق أهدافك بالشكل المطلوب.وأكد الخضري أن هناك ثلاثة أمور يجب تطبيقها للنهوض بالسياحة الداخلية، أولها الاعتماد على الكوادر الوطنية للاستشارات والتخطيط، وثانيها تعويض خسائر كورونا، حيث سيحتاج القطاع السياحي المحلي وقتاً للتعافي، وثالثها القضاء على العشوائية الموجودة في الأماكن السياحية.من جانبه، قال محمد جاسم الفضلي، أمر مستغرب أن يكون لدينا بالكويت بحر يتجاوز 150 كيلومتراً، وليس لدنيا منتجعات ومنتزهات كافية، لدينا جزيرة مهجورة منذ أكثر من 30 عاماً وهي مؤهلة لأفضل مناخ سياحي بحري، ولا يوجد لدينا مدن ملاهٍ عالمية، أسوة بالدول المجاورة.وطالب الفضلي بأن تكون هناك نظرة جادة لتنشيط السياحة الداخلية والنهوض بها على جميع المستويات، حتى يجد المواطنون والمقيمون مكاناً مناسباً يقضون به أوقات فراغهم وإجازاتهم، بدلاً من السفر إلى بلدان أخرى.بدورها، رأت منى البحوة أن غياب الحملات الدعائية لترويج السياحة وراء تراجع دعمها، لأنه بدون دعم إعلامي وتسويق، لن تكون هناك سياحة فلا توجد إعلانات عن تخفيضات أو عروض تسويقية في زيارة الأماكن السياحية.وأضافت البحوة أن تشجيع السياحة الداخلية أمر مطلوب في ظل الظروف التي يشهدها العالم من إغلاق، وذلك للترفيه عن المواطنين، بعد العزل نتيجة تفشي فيروس كورونا إلى جانب أن الكويت تضم مناطق سياحية مميزة لا تقل جمالاً عن مثيلاتها في دول الخليج والدول الأخرى، فما نحتاجه الدعم والتسويق الجيد.وشددت على ضرورة الاهتمام بالساحل البحري والسياحة البحرية التي تحفز المواطنين والمقيمين على زيارتها، وحتى الضيوف من دول الخليج العربي لما فيها من فائدة كبيرة على الاقتصاد لتحريك عجلة التنمية.من جانبه، قال سليمان جابر إن «الأماكن السياحية في الكويت مناسبة، وتلبي نوعاً ما رغبات الناس، من خلال توافر المجمعات التجارية والشواطئ والشاليهات والجزر، مؤكداً أن هذه الأماكن تشكل متنفساً للسياحة، تسهم في تخفيف ضغوط الحياة، لاسيما بعد جائحة كورونا.وأشار إلى أن وجود تلك الأماكن السياحية لا يعنى أن الوضع السياحي جيد، بل يحتاج إلى تطوير وزيادة عدد المواقع السياحية ومضاعفتها.أما محمد حمدان، أوضح أن السياحة داخل البلاد لا تلقى أي تشجيع، على الرغم من أن لدينا مناطق رائعة، وساحلاً ممتداً على الخليج العربي، ولو تم استغلال هذه الإمكانيات الاستغلال الأمثل فسوف تؤدي إلى انتعاش الاقتصاد. وأضاف أن تنوع المرافق السياحية قليل، ولا يرتقي إلى المستوى المطلوب، وهذا لن يحقق المردود الاقتصادي.

لقطات

شواطئ عصية على المواطنين

تعتبر الشواطئ العامة أكثر الأماكن السياحية التي تتم زيارتها يومياً بشكل كبير، إلا أن الدخول إلى بعض الشواطئ عصي على المواطنين، بسبب الاغلاق غير المبرر أو عدم استغلالها بالشكل الصحيح، إلى جانب عدم وجود حمامات وغرف خاصة بتغيير الملابس.

حوادث الغرق ... تضاعفت

لا يخلو صيف من حوادث الغرق، التي تضاعفت في الفترة الاخيرة، مع تسجيل وفيات بسبب تعرض الكثيرين للغرق أثناء السباحة في مياه الخليج، في حين تغيب الجهات المختصة بحفظ سلامة الأفراد على الشواطئ وفي أماكن السباحة، فلا توجد فرق الإنقاذ البحري للتعامل مع الجمهور، والتي يجب أن تقوم بدورها بالعمل على الحد من تهور واندفاع الشباب في السباحة على الشواطئ.

أسعار تأجير الشاليهات خيالية أصبحت أسعار تأجير الشاليهات الخاصة خيالية، لدرجة عدم قدرة بعض الأسر على تحملها، علاوة على ذلك فإنه لا توجد شواغر لحجز تلك الشاليهات التي تلقى طلباً كبيراً، حيث وصل سعر بعضها إلى 300 دينار في اليوم الواحد، ناهيك عن الأسعار الخيالية في «الويك إند».