في كرة القدم تحدّيات لا تُحصى تدخل، في صلبها، ضرورة النيل من الخصم، كان مَن كان، في سبيل تجاوزه واعتلاء منصة تتويج.«النيل من الخصم» بلغة الرياضة يبقى في إطار «المقبول»، وداخل «المستطيل الأخضر»، لا خارجه إلا في ما خص تعزيز الصفوف بالعناصر.وبالتالي، أن تتمنى فشل «خصمك» أمام الغير كي تستفيد أنت من ذاك الفشل، يبقى أمراً مقبولاً، لا بل مباحاً.ما حصل مع ليفربول الإنكليزي، في الموسم الجاري، تجاوز كل هذه الحدود، وصولاً إلى بروز من كان «حاقداً» على اقترابه من التتويج بلقب الدوري للمرة الأولى بعد انتظار دام 30 عاماً.جاءت جائحة «كورونا» في وقتها بالنسبة إلى كثيرين ممن لا يودون رؤية هذا الصرح العملاق متوّجاً في نهاية المطاف. جرى تعليق الـ«بريمير ليغ»، وكثر الحديث عن إلغاء الموسم. في هذه الأثناء، ارتفع منسوب الشك لدى مشجعي النادي المترنّحين بين الأولوية الصحية التي فرضت نفسها «واجباً» وبين الحنين إلى كسر جبل الجليد بينهم وبين اللقب الغالي.لم تنقل صحيفة أو وكالة تصريحاً لمن هم في صلب ليفربول يدعون إلى استكمال الموسم في ظل الجائحة. كان موقف النادي مثالياً. وبالتالي، سيأتي تتويج «الحمر» باللقب، في الموسم الراهن، مستحقاً دون شك، ليس فقط على أرض الملعب، بل أخلاقياً قبل كل شيء. وخير دليل على ذلك تصريحات المدرب الألماني يورغن كلوب الذي كان دائم الحرص على التذكير بقيمة أرواح البشر مقارنةً بالإنجازات في مضمار الرياضة التنافسية. صحيح أن الأندية كانت تعي التأثير السلبي لإلغاء الموسم على إيراداتها، خصوصاً من البث التلفزيوني، وسعت إلى إحياء المنافسات، معتمدةً أولاً وأخيراً، على عامل خارج عن إرادتها يتمثل في تراجع حالات الإصابة بالفيروس، بيد أن الوضع اختلف تماماً في صفوف المشجعين ممن «يعادون» ليفربول، وكم هم كثر، وذلك بالنظر إلى شعبية النادي، ليس فقط في مدينته، بل في مختلف أرجاء بريطانيا والعالم.اللافت أن «الحقد» وصل بكثيرين إلى حد رفض فكرة تتويج ليفربول باللقب في حال اتخذ القرار بعدم استكمال الموسم، وهو ما حصل في فرنسا التي أوقف دوريها وتوّج باريس سان جرمان باللقب لكونه المتصدر وقت اتخاذ القرار.تجدر الإشارة إلى أن الفارق النقطيّ بين سان جرمان ووصيفه مرسيليا كان يبلغ 12 نقطة عند التوقف مع مباراة أقل لفريق العاصمة، بينما بلغ الفارق بين ليفربول ووصيفه مانشستر سيتي عند التوقف 25 نقطة مع مباراة أقل للأخير.اليوم، يعود كلوب إلى قيادة كتيبته التي أمتعت عشاق اللعبة، من حلفاء وخصوم، من خلال مواجهة إيفرتون، «العدو اللدود» في المدينة ذاتها.النتيجة لن تؤثر في منطقية تتويج ليفربول، عاجلاً أم آجلاً، مع تبقي 9 مراحل على الختام، وحاجة المصري محمد صلاح وزملائه إلى 6 نقاط فقط لبلوغ المراد.عودة ليفربول، اليوم، هي «انتصار للحق» و«إحقاقٌ للحق». فقد خاض، حتى الساعة، 29 مباراة، فاز في 27 منها، تعادل في واحدة وخسر واحدة.كشفت أزمة «كورونا» الكثير من الأحقاد المقبولة في رياضة تنافسية ككرة القدم، غير أنه لم يكن ثمة بدٌّ من الحسم في الملعب، ليس انطلاقاً من شعارات واهية من قبيل «إرادة الإنسان تتغلّب على الصعاب»، بل من باب تتويج مَن يستحق بما يستحقه.