ذكر تقرير لوكالة بلومبرغ أن التقدم في تنويع الإيرادات بعيداً عن النفط في دول الخليج كان متبايناً، كما هو الحال مع محاولات كبح جماح الإنفاق، في الوقت الذي ارتفع فيه الدين الحكومي كنسبة من الناتج المحلي الإجمالي في جميع أنحاء المنطقة منذ 2014. وفي هذا السياق، أوضح التقرير أن السعودية ستشهد عجزاً مالياً للعام السابع على التوالي خلال العام الحالي في الوقت الذي تتجه فيه الإمارات أيضاً إلى عجز قياسي، مبيناً أن ذلك يشير إلى الحاجة إلى إجراءات وإصلاحات اقتصادية جذرية لمكافحة الأزمة المزدوجة لأسعار النفط المنخفضة والركود العالمي.وبحسب التقرير، تحظى كل من السعودية والإمارات والكويت وقطر بقوة مالية تأتي على شكل احتياطيات عملة كبيرة للدفاع عن ربط عملاتها، بينما تبدو كل من عُمان والبحرين الأكثر ضعفاً، نظراً لماليتهما العامة غير المستقرة واحتياطياتهما المتوترة، ووفقاً لصندوق النقد الدولي، تحتاج البحرين إلى سعر نفط يبلغ 95.6 دولار للبرميل لضبط ميزانيتها، بينما تحتاج عُمان إلى سعر 86.8 دولار للبرميل. وأفادت «بلومبرغ» بأنه رغم ما يتعرض له ربط العملات منذ عقود في منطقة الخليج من ضغوط في أسواق النفط المتدهورة، إلا أن هذا الارتباط بقي مستمراً دائماً، لافتة إلى أنه وفقاً للظروف الحالية، ومع بلوغ أسعار الطاقة أدنى مستوياتها التاريخية، وما سببه تفشي فيروس كورونا من ركود يضغط على الميزانيات الحكومية بشكل لم يسبق له مثيل وتعرض بعض العملات الخليجية لضغط المضاربين، فإن مسألة ربط هذه العملات تواجه اختباراً أكثر صرامة.وأشار التقرير إلى أنه في الوقت الذي شرعت فيه السعودية بتعزيز إنتاج النفط الخام في مارس الماضي، راهن التجار من خلال سوق المشتقات على أن عملات المنطقة ستضعف في غضون عام، موضحاً أن مثل هذا السيناريو من الممكن أن يحدث فقط إذا تخلت الدول عن ربط عملاتها. ولفت إلى أن الدول الخليجية تدير ربط العملات أو إدارة أنظمة الصرف الأجنبي منذ أوائل السبعينات، حيث تربط الكويت الدينار بسلة من العملات يعتقد أن الدولار الأميركي المهيمن عليها، بينما ترتبط العملات الخليجية الأخرى بالدولار فقط، منوهاً إلى أن الربط ساعد بلدان المنطقة في ظل تسعير النفط والغاز بالدولار على حمايتها من تقلبات أسواق الطاقة، وسمح للبنوك المركزية بتجميع احتياطيات العملات الأجنبية في الأوقات الجيدة. وأضاف التقرير «لا تزال معظم دول الخليج تعتمد بشكل كبير على النفط لدفع الرواتب، حيث تحصل السعودية على نحو ثلثي عائداتها من النفط، و90 في المئة من إيرادات الكويت نفطية، لذا فإن انخفاض الأسعار وضع اقتصادات المنطقة تحت ضغط كبير. ومع تهاوي سعر خام برنت بأكثر من النصف في مارس الماضي، استنفدت السعودية 27 مليار دولار من احتياطيات بنكها المركزي من العملات الأجنبية، وهو انخفاض بأكثر من 5 في المئة».رغم ذلك، بيّن التقرير أن نظام العملات في دول الخليج نجا من اختبارات صارمة، بما في ذلك سنوات متتالية من انخفاض أسعار النفط في التسعينات، وفترة ضعف الدولار قبل الأزمة المالية في عام 2008، وانهيار آخر لأسعار النفط في 2014.
تخفيض العملة يزيد خطر التضخم
أوضح تقرير «بلومبرغ» أنه إضافة إلى تحفيز المضاربين على تحدي ربط العملات الأخرى، فإن أي تخفيض لقيمة العملة من شأنه أن يزيد من خطر عدم السيطرة على التضخم من خلال ارتفاع تكاليف الاستيراد، وتقليل القدرة الشرائية للناس وتآكل الدخول الحقيقية، كما أنه سيقلل من قيمة المدخرات المحلية، وقد يدفع تدفق رؤوس الأموال إلى الخارج مع قيام المواطنين بنقل أموالهم لحماية قيمتها. أوضح تقرير «بلومبرغ» أنه إضافة إلى تحفيز المضاربين على تحدي ربط العملات الأخرى، فإن أي تخفيض لقيمة العملة من شأنه أن يزيد من خطر عدم السيطرة على التضخم من خلال ارتفاع تكاليف الاستيراد، وتقليل القدرة الشرائية للناس وتآكل الدخول الحقيقية، كما أنه سيقلل من قيمة المدخرات المحلية، وقد يدفع تدفق رؤوس الأموال إلى الخارج مع قيام المواطنين بنقل أموالهم لحماية قيمتها. وأضاف «بالنظر إلى أن النفط والغاز المسعّرين بالدولار لا يزالان المسيطرين على الصادرات، فمن غير المرجح أن تحقق اقتصادات المنطقة الكثير من عملات ضعيفة، وتشمل الخيارات المتاحة للدول بعد ربط العملات الانتقال إلى سعر صرف عائم مُدار، أو بالنسبة لأولئك المرتبطين بالدولار، ربط عملاتهم بسلة عملات متعددة، كما فعلت الكويت في 2007».