لا شك أن الارتباك الذي رافق إعلان الحكومة عن تطبيق الحظر الكلي في البلاد، لمحاصرة تفشي فيروس كورونا المستجد، لا يبرر مطلقاً مظاهر الفوضى والزحام التي شهدتها الأسواق والجمعيات والشوارع، غداة إعلان الحظر، في مشاهد ضربت في مقتل كل إجراءات الشهرين الماضيين التي تركزت على وقف المخالطة وتطبيق مبدأ التباعد الاجتماعي، لوقف الإصابة بالفيروس. فحالة الاختناق والتزاحم أمام الأسواق وفروعها المختلفة، تنذر بخطر شديد، في ما لو كان من بين المتزاحمين من يحملون الفيروس، ونأمل ألا نرى أعداداً تكسر الرقم القياسي الذي سجل يوم الجمعة الماضي بإعلان 641 حالة إصابة في يوم واحد.فحالة الاندفاع غير المتعقل التي شهدناها على مدى يومي السبت والأحد، وقبلهما يوم الجمعة بدرجة أقل، تعكس غياب الوعي والجهل التام بحقيقة كل الإجراءات الحكومية القاضية بتباعد الناس لمنع انتقال العدوى. فمع كل تحفظاتنا على أسلوب إعلان الحظر الكلي، وعدم وضوح الرؤية في آلية التطبيق، إننا لا نجد مبرراً لكل مظاهر الفوضى التي رأيناها، وهي مظاهر سبق أن شهدنا مثيلتها عشية الإعلان عن تطبيق الحظر الجزئي، التي سرعان ما أثبتت عدم صحة تصرفات الناس بالتهافت على تخزين الأغذية في البيوت، وسط تأكيدات حكومية بتوفر الأغذية بما يفوق الحاجة، حيث عادت الأمور إلى نصابها بعد أيام من دخول قرار الحظر الجزئي، عندما وجد المواطنون والمقيمون كل ما يحتاجون متوافراً وفي المتناول. واليوم يتكرر المشهد نفسه، مع علم الجميع بتوفر كل السلع والمستلزمات الضرورية لهم، خصوصاً أن هناك تنظيماً كبيراً خططت له الحكومة وتنفذه حالياً.وسبق لنا أن تطرقنا إلى قرار الحظر الكلي في مقال سابق - منذ شهر تقريباً - تحت عنوان «تحديات الحظر الكلي» وأبدينا فيه الملاحظات التي تعوق تطبيق القرار، وهو ما عملت الحكومة خلال شهر من العمل بصمت على تداركه، فكانت خطوة حجز مواعيد التسوق في الجمعيات والأسواق الرائدة التي تحقق الهدف بتأمين مستلزمات المستهلكين بسهولة ويسر، إضافة إلى السماح لمنافذ بيع الأغذية بتقديم خدماتها، ما يؤكد أن الحظر الكلي يطبق برفاهية، على عكس كل مظاهر الفوضى والعنف التي رافقت إعلان الحظر في دول أخرى، القريبة ومنها البعيدة، وإن كنا نأخذ فقط على الحكومة غموض آلية تطبيق الحظر عند إعلانه مساء يوم الجمعة، وهو ما أوحى للمواطنين والمقيمين أن هناك مشكلة، فكانت المظاهر غير الحضارية، وكان يفترض التصرف السريع للسلطات المعنية لمنع التجمع وتحقيق الإجراءات الاحترازية الصحية عند أي تجمع، ولا سيما أمام الأسواق الموازية التي لا يوجد من ينظم وقوف المتسوقين خارجها، على غرار الجمعيات التعاونية التي نجد أمام كل منها جيشاً من المتطوعين يقوم على التنظيم وتحقيق الاشتراطات، وهي مهمة أثبت شباب الكويت أهليتهم بالقيام بهذا الواجب الوطني.ويبقى الأمل الآن أن تجري الأمور وفق ما هو مرسوم لها، من دون أن تحدث أي مشكلات، وأن يساهم الحظر في تطويق انتشار الفيروس ويعكس اتجاه سهم الإصابات، للوصول إلى إعلان السيطرة عليه ووقف تغلغله في المجتمع.

h.alasidan@hotmail.comDAlasidan@