يدور في الوقت الحالي جدل كبير، وتجاذبات بين أخذ ورد في ما يتعلق بإداء واجب العزاء في الميت، سواء من حيث اتباع الجنازة أو الحضور إلى بيت أهل المتوفى لتقديم واجب العزاء، في ظل الحصار الذي تفرضه جائحة فيروس كورونا المستجد «كوفيد 19» على التجمعات والمناسبات الاجتماعية والشرعية.وبين من يتشدد في توخي الأجر بحضور الجنازة أو تعزية أهل الميت شخصياً، ومن يرى أن الظروف تفرض نوعاً من الحذر وتوخي السلامة، مستمداً رأيه من أن الدين الإسلامي دين يسر، ويحرص في الدرجة الأولى على سلامة الإنسان، فتحت «الراي» الملف، بحثاً عن سؤال كيف لنا إدراك أجر تشييع الجنائز، وتعزية ذوي الميت، طمعاً بالأجر من الله؟ واستطلعت الرأي الشرعي لعدد من علماء الدين في التعزية عبر اتصال الهاتف والرسائل عبر مواقع التواصل الاجتماعي، وما اذا كانت تساوي في الأجر أو تجزئ، عن تشييع الجنازة وتعزية ذوي المتوفى، فكان الإجماع على أنه في ظل ما تمر به البلاد من وباء، واتخاذ ولي الأمر للتدابير الوقائية التي حالت دون القيام بالأفعال الواجبة والمسنونة، فإن التعزية، من خلال هذه الوسائل تتيح للمسلم الحصول على الأجر من الله لعذر المنع الحائل عن تأديتها عيناً.فقد أكد الشيخ حاي الحاي أن «التعزية في وسائل الاتصال والتواصل الاجتماعي تكفي المسلم عن اتباع الجنازة والتعزية المباشرة، وذلك التزاماً بطاعة الله من خلال طاعة ولي الأمر، حيث إن البلاد تمر بجائحة كورونا والتي تتغذى على الاختلاط والتجمعات، وفيها خطر عظيم على المسلمين».وقال الحاي لـ«الراي» إن «الاحتراز والحذر واجبان، والله سبحانه وتعالى أمرنا بأخذ الحذر والحيطة، وكل الأمور تجري بمقادير الله، ونحن الآن نعاني ونعيش تحت وطأة وباء كورونا المستجد، فهنا الحكومة جزاها الله خيراً أخذت العديد من الاحتياطات، لحماية الأنفس من منع التجول وغيره وقد أصابت بهذا». وأضاف أن «هذا الوباء يتغذى على المخالطة والتجمعات، ورأت الحكومة أن تأخذ احتياطاتها وهذا شيء طيب فحتى المساجد التي تتوق لها قلوبنا قد منع المسلمون منها طاعة لولي الأمر».وتابع «نظراً لما تقدم وتواصيا لطاعة ولي الأمر فإن التعزية عبر الهاتف والواتساب ومواقع التواصل الاجتماعي نرى أنها تقوم مقام تشييع الجنازة من خلال تعزية أخاك المسلم وهو أمر محمود. وما يتم به الواجب فهو واجب وعلينا أن نعزي اخواننا بالهاتف ونصبرهم وهو أمر طيب».بدوره، قال الشيخ خالد السعيدي لـ«الراي»إن«حكم الله في هذا الأمر ظاهر، قال الله تعالى (ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا) والفقير تتوق نفسه وتهفو لزيارة بيت الله، ولكن الله أسقط هذا الأمر عنه لعدم الاستطاعة»، مبينا أن أهل العلم بينوا أن الدين هو جلب المنفعة وما حصل من إجراءات قصد من خلالها جلب المنفعة للبلاد والعباد.وأضاف «من أصول الدين جلب المنفعة ودرء المفسدة، والشرع قائم بذلك، والله يكتب للمسلم أجر كل ما كان يفعله قبل الوباء وهذه الظروف، وقد أفتى أهل العلم بالالتزام بإجراءات السلطات الرسمية لمكافحة انتشار فيروس كورونا، والله سبحانه وتعالى يعلم ما في القلوب، وعليه ان عزينا بالاتصال او الرسالة كفى، ووصل هذا الاحساس لذوي الميت وكتب الأجر إن شاء الله».وأشار السعيدي الى أن «الأعظم من التعزية والتي تعتبر سنة، هو حظر الجماعة وارتياد المساجد، والله يعذرنا فيهما، لأن الاجتماع فيهما قد يؤدي الى كارثة أو إصابة الناس، وكذلك فاتباع الجنازة وتشييعها والتعزية قد تؤدي الى النتيجة ذاتها، وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم في الوباء والطواعين أنه لا يرد الصحيح على السقيم، والسقيم لا يخرج من مكانه حتى لا ينتشر».من جهته، قال عميد كلية الشريعة في جامعة الكويت الدكتور فهد الدبيس لـ«الراي» إن «كل ما فرضته الدولة من إجراءات وقائية واحترازية في ظل جائحة فيروس كورونا المستجد، هو واجب الاتباع»، مشيراً الى أنه «جاز إغلاق المساجد ووقف الجمع والجماعة، وهي من الواجبات، فلا يجوز إغلاق المساجد ويعتبر تعدياً وظلماً في غير هذه الاحوال واتباع الجنائز من السنن».وأضاف الدبيس «وعليه فإن حكم اتباع الجنائز سنة، ومراعاة للحالة الراهنة ومنعاً لانتقال العدوى فلا ينبغي مخالفة إجراءات الدولة. كما أن التعزية المقصود منها التواصل مع المعزى إن كان بالاتصال او عبر الرسائل».