في أجواء الحريات المطلقة وسهولة الاتصال، وكثرة الآراء والانفتاح على الأفكار مع شيوع الجهل، وضعف الثقافة الإسلامية خصوصاً في جيل الشباب، قد يقع الإنسان المسلم في ناقض من نواقض الإسلام وهو لا يعلم، وهذا يكون إما بالاعتقاد أو بالقول أو بالفعل، وهذا يستوي فيه الجاد والمازح.قال تعالى: «ولئن سألتهم ليقولن إنما كنا نخوض ونلعب قل أبالله وآياته ورسوله كنتم تستهزئون».. التوبة 65، ونظراً لخطورة هذا الأمر وانتشاره مع تساهل كثير من الناس به، أحببتُ الإشارة إليه باختصار حتى يكون المؤمن والمؤمنة على حذر ممّا يرى ويسمع وينقل، ولكي يحتاط لدينه ويحصن نفسه من براثن الجاهلية وإن تعصرنت وتمدنت بلباس الحضارة اليوم، وإنما تنوع الكفر هذا التنوع بسبب اختلاف مواقف الناس تبعا لمشاربهم تجاه الحق الذي أرسل الله به رسله، وأنزل به كتبه، فأقول: أول أنواع الكفر هو كفر الجحود، وهو أن يتيقن الإنسان بقلبه: أن الإسلام حق ولكنه يكتم ذلك ويكذبه بلسانه، ويحاربه بكل وسيلة، وهذا مثل كفر فرعون بموسى عليه السلام، وكفر اليهود بالرسول محمد صلى الله عليه وسلم.والثاني من نواقض الإسلام كفر العناد: وهو أن يقرَّ الإنسان بالإسلام ولكنه لاينقاد له بغضاً واستكباراً ومعارضةً لله ورسوله، فهو وإن كان مصدقاً بهذا الحق، فإن معاداته ومعاندته له تنافي هذا التصديق، وذلك مثل كفر إبليس فإنه لم يجحد أمر الله ولا قابله بالإنكار، وإنما تلقاه بالاستكبار. قال تعالى: «إلا إبليس استكبر وكان من الكافرين»، ص 74، والثالث من النواقض: كفر الإعراض، وهو أن يعرض الإنسان عن الإسلام، لا يصدقه ولا يكذبه ولا يصغى له ولايسمعه، عمداً واستهتاراً، وقد يزعم في قرارة نفسه، أنه لا يناسب العصر ولا الحضارة المدنية! وحقوق الإنسان؟قال تعالى: «كتابٌ فُصّلت آياته قرآناً عربياً لقوم يعلمون* بشيراً ونذيراً فأعرض أكثرهم فهم لايسمعون».وهذا الكفر أعم من التكذيب، فكل من كذب الرسول كافر، وليس كل كافر مكذباً، بل من يعلم صدقه ويقر به ومع ذلك يبغضه، أو يعاديه فهذا في الحقيقة غير مؤمن، أو من أعرض فلم يعتقد لا صدقه ولا كذبه فهو كافر وليس بمكذب. والرابع من النواقض: كفر النفاق، وهو أن يكفر بالله باطناً ولكنه يذعن له وينقاد في الظاهر، فيصلي مع المسلمين، ويصوم ويحج، كل ذلك من أجل المصلحة في الدنيا وهو كفر النفاق، وهذا حال المنافقين في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم، حيث كانوا يصلون معه في مسجده، ولكنهم يخفون الكفر في صدورهم. والخامس: كفر الشك ويكون في كثرة مطالعة أو سماع الشبهات أو الشهوات، فيضل القلب ويتردد في الشك، ولا يستمر على هذه الحال إلا إذا ألزم نفسه الإعراض عن النظر في آيات صدق الرسول صلى الله عليه وسلم، فلا يسمعها ولا يلتفت إليها ويستولي على قلبه الشيطان، فيزين له الشبهات والشهوات، ويخالط الفجرة والفساق الذين أعرضوا عن الله ونسوه فأنساهم أنفسهم. وهكذا ينتهي به المطاف إلى الكفر والشك بالله. وأخيراً: كفر التكذيب، فهذا القسم يقع من الكفار، ويقع من بعض الجهلة، وبعض ضعاف الإيمان، فمن الناس من يكفر بلسانه وقلبه، ولا يقبل ماجاء به الرسول صلى الله عليه وسلم، بل يعتقد كذبه. قال تعالى: «حتى إذا جاؤوا قال أكذبتم بآياتي ولم تحيطوا بها علماً أمّاذا كنتم تعملون» النمل 84.هذه الأنواع المتقدمة تُخرج الإنسان من دائرة الإيمان وتُدخله دائرة الكفر، وهي ستة: الجحود والعناد والإعراض والنفاق والشك والتكذيب.الخلاصة: قال صلى الله عليه وسلم: (تُعرض الفتن على القلوب كعرض الحصير عوداً عوداً، فأي قلب أشربها نكتت فيه نكتة سوداء).