مشاريع عمي ودجاجة أمي: القصة التي نسمعها بين الفينة والأخرى، إما في تظاهرة ثقافية أو ندوة علمية أو حتى في صالون أدبي، وهي الدجاجة التي تنقنق أو تكاكي قالبة الدنيا رأساً على عقب، توقظ النائم، وتحرك الجدار الساكن، تربك نواميس الحياة اليومية في البيوت وكأن القيامة قد قامت، وكل ذلك من أجل بيضة وضعتها في مكان ما قد يكون هذا المكان حقيراً وقد يكون مميزاً، وهي على يقين بأن هذه البيضة لا تسمن ولا تغني من جوع ، وإذا كان لها بريق حين وضعها فسرعان ما ينطفئ هذا البريق مخلفاً وراءه رائحة نتنة كريهة .في حين أن السمكة الصامتة الهادئة التي تنظر إليك بحياء وخجل، تضع ملايين البيض دونما ضجيج، وبسرعة فائقة تخرج منه الأسماك الصغيرة ويكون بعضها غذاء لمن حولها والبعض الآخر يكبر وينمو ويسمن ليشبع كروشنا - نحن - قاطني اليابسة التي لا تشبع أبدا (سبحان الله وبحمده .. سبحان الله العظيم). ولعلي أتساءل: كيف تفوق علينا الغرب؟! وذلك حينما أرى أن عمّي يتحدث عن مشاريعه في كل مناسبة وفي كل جلسة ولا يفرّق بين المقام والمقال، لقد هدر وقته وصادر وقتنا حتى فقدت هذه المشاريع قيمتها وأصبحت بضاعة مستهلكة للإعلام، وسلعة رديئة للمارة قبل تنفيذها - هذا إذا نفذت أصلا - ! لقد بذل الغالي والنفيس لتسويقها والترويج لها، استنفد ميزانيته، وسطا على ميزانيتنا، وتعدى على ميزانية الآخرين.إن هذه المشاريع التي يتحدث عنها عمّي أخذت منه في تسويقها أكثر مما أعطته، فما قيمتها إن لم تدر علينا بالمال والمنفعة .لقد تفوق علينا الغرب لأنه يهتم بصاحب المشروع، ثم يحدد المدة الزمنية لبدء المشروع والانتهاء منه، ويقوم برصد ميزانية مفصّلة على جودة المشروع لا زيادة ولا نقصان، بعد ذلك يحيل المشروع إلى آلية التنفيذ، وينتقل بصمت إلى مشروع آخر... ثم آخر... ثم .. آخر... وما زال عمّي يحدثنا عن خطة تطوير المشاريع وكيفية النهوض بها بطريقة فجة وسمجة!
* كاتب وباحث لغوي كويتيfahd61rashed@hotmail.com