تحذيرات مشددة، مصحوبة بنبرات الأسى على كيانات الأسر المهددة بفعل حالات الطلاق بعد الخمسين أطلقها عدد من الخبراء والأكاديميين في حديثهم لـ«الراي»، مؤكدين أنه يجب التمسك بشريك الحياة والصبر عليه فقد يكون القادم أسوأ، ومتسائلين هل انتهت الرسالة بعدما كبُر الأبناء حتى يبحث أحد الزوجين عن حياة جديدة؟ وهل فعلا سيبدأ بعد الخمسين حياة جديدة بكل تفاصيلها؟فمقولة «أبي أشوف عمري» العبارة السحرية والشيطانية والمفتاح بيد المرأة أو الرجل، لتخريب حياة زوجية امتدت سنين طويلة، متناسين العشرة والمودة وسنوات العمر التي زادت على الثلاثين من الزواج وانجاب الاولاد ورؤية الاحفاد، حيث تجد زوجين تجاوزا الخمسين من العمر وجها لوجه أمام القاضي يعيب أحدهما في الآخر، وكأنهما عدوان وليسا زوجين.أستاذ علم النفس في جامعة الكويت الدكتور خضر البارون، قال إن «هناك أسباباً عدة للطلاق بشكل عام، لكن العمر المتقدم بعد الخمسين يجب أن يكون سن التمحيص والرويّة في ظل وجود الأبناء وسنوات طويلة من العشرة»، مشيراً إلى أن «البعض يدعي انه يريد التجديد وتغيير شريك الحياة بسبب الملل أو عدم الراحة».وأضاف ان «الزوجة قد تكون قد رأت شريكاً آخر لها،وتعتقد ان حياتها ليست في البيت وتربية الأولاد»، مشدداً على أن «الصبر على شريك الحياة له أجر عند الله سبحانه وتعالى، والسعادة ليست في أن يفكر الانسان في مصالحه فقط، فشريك المستقبل قد يكون أسوأ وقد يزيد الهم والغم، فتحملوا ما عندكم وجددوا روتين حياتكم للهروب من الملل». وزاد «هناك حالة من استسهال الطلاق، وخاصة عند النساء لأن القانون يقف في صف المرأة، فبعد عمليات التجميل تقول المرأة لزوجها (الآن بت أحلى منك وأريد التغيير)، وبالمقابل الرجل قد يقول (زوجتي باتت عجوزا وأود التغيير)».بدورها، قالت أستاذة علم النفس في جامعة الكويت الدكتورة فاطمة عياد لـ«الراي» إنه «لا يوجد سبب وحيد للطلاق بل أسباب عدة مختلفة»، مشيرة إلى أن «الطلاق في العالم كله يزيد. أما عندنا، فاستقلالية الشريكين المادية والعاطفية تزيد من نسب الطلاق، وأول ما يأتي على بال المتزوجين في حال الخلاف هو الطلاق»، لافتة إلى أن «الشريعة الاسلامية شددت على محاولات الحل قبل الطلاق».وزادت «بعض النساء بعد الخمسين يعتقدن أنهن قد أدين رسالتهن ويتعين عليهن أن يعشن لأنفسهن، وهنا يجب التنبيه على ضرورة التوعية والتدريب قبل الزواج».أما الدكتور المحامي سعد العنزي فكان له رأي مخالف إذ أكد لـ«الراي» أن «الادعاء بأن تزايد معدلات الطلاق لفئة المتزوجين فوق 50 عاماً مبالغ فيها جداً، نحن في المحاكم ونشاهد ونلاحظ نسبة الطلاق في الكويت، أكثرها ما بين المتزوجين في السنوات الثلاث الاولى، ويوجد أيضاً طلاق للمتزوجين فوق الخمسين، ولكن ليست من بين الأعم الأغلب، وأهل الطلاق ليس لهم سن معينة أو محددة، حيث يقع الطلاق حسب المشاكل السلوكية والضغوط النفسية لكل حالة، ولا تحدد بسن أو عمر أو فئة». وكان عميد كلية العلوم الاجتماعية الأستاذ الدكتور حمود القشعان قد قال في تغريدة له قبل أيام «حذرت ومازلت أحذر من طلاق العشرينيات وطلاق الخمسينيات، فالأول طلاق متعجل والثاني طلاق مؤجل، وكلاهما يأتي نتيجة تأثير الصديقات، وأشباه المدربين والمدربات بما يسمى دورات التنمية البشرية والطاقة». وأضاف القشعان «اكتسبي طاقتك الإيجابية، عيشي حياتك، ابحثي عن ذاتك، استمتعي بحياتك والنهاية، خراب بيوت».في الجانب القانوني، سألت «الراي» مجموعة من المحامين عن ظاهرة طلاق الكبار وأسباب زيادة معدلاتها فكشفت المحامية عذراء الرفاعي ان بعض النساء ترى انها ادت الرسالة وربّت الاولاد وتريد التفرغ لحياتها، وان زوجها حجر عثرة في هذا التوجه، ولذا تطلب الطلاق، مبينة ان هناك اعذاراً قد تدعو للضحك وبعضها للمواساة والوقوف مع الزوجة.واشارت الرفاعي إلى أن «الرجل كذلك يرى ان زوجته لم تعد تكفي رغباته، وخاصة اذا أصابتها الامراض وهو بصحة جيدة، فتبدأ لدية المراهقة المتأخرة، دون مراعاة لشعور زوجته وحياتها التي مضت معه، والعشرة والمودة التي تغافلها وذهب لنزواته، التي قد تصل إلى الخيانة الزوجية». واوضحت ان «الثقافة والوعي بحقوق المرأة ساعداها على طلب الطلاق، حيث تأخذ منه جزءاً من الراتب والبيت وحضانة الاولاد وتصبح الحاجة معدومة لوجوده، حسب رأي بعضهن، وخاصة اذا اصيب بامراض او يشخر اثناء النوم، سواء الرجل او المرأة وهو العذر الاكثر استهلاكاً».بدورها، ذكرت المحامية ابتسام العنزي ان «قانون الاحوال الشخصية ظلم الرجل، وترك المرأة تسلب حقوقه لدرجة الفجور في الخصومة، من خلال تجريده من المميزات التي كانت بيده اثناء الزواج، وكذلك القانون يساعد المطلقة في حال طلب التقاعد او صرف معاش والدها المتوفى، وكذلك تجنيس ابنائها في حال كانوا لا يحملون الجنسية، مما يشجعها على طلب الطلاق وهدم بيتها لأجل المادة او الجنسية لابنائها».من جهته، أكد المحامي فيصل العجمي ان «هناك فجوة في العلاقة الزوجية من بدايتها، وتكبر معهما حتى تصل الى مرحلة ألا يتحمل احدهما الآخر فيبدآن بالتصيد على بعضهما لطلب الطلاق». وأشار إلى ان «عدم التوافق قد يكون جنسياً او ضعفاً في التفاهم او التواصل، او يكون مادياً، حيث تجد الرجل مشغولا باعماله وبخيلا على زوجته واولاده، مما يفجر الموقف اكثر، حيث تزيد طلبات الزوجة والاولاد، والاب يتجاهلها، بالاضافة الى الخيانة الزوجية، وخاصة مع الخدم، حيث تعتبره المرأة إهانة لكرامتها ولا تعذره مع هذه العشرة فيكون طلبها للطلاق مستحقا حسب رأيها».بدوره، قال المحامي بشار النصار إن «الانفتاح الإعلامي وعمليات التجميل جعلا الرجل شغوفاً برؤية الجميلات ومقارنتهن بزوجته، فيرى نفسه مظلوماً، وكذلك المرأة عند سماعها لعبارات الغزل والإطراء من الآخرين ترى ان زوجها ليس بمستواها، وخاصة التي لم يكن بينها وبين زوجها تواصل وحميمية، بالاضافة إلى ان الحياء كان يمنع المرأة من طلب الطلاق، وكان وصمة عار. اما اليوم فأصبح الامر عادياً جداً بفضل القوانين وقلة الحياء وضعف الوازع الديني، فأكيد سيكون طلاق الكبار لافتاً للنظر ويحتاج إلى معالجة بعد ازدياد الحالات».