هذه مقالة لا تخلو من حوادث، وطرائف، واخبار تاريخية ذكرت فيها بعض المواقف التي تعرض لها بعض مشاهير الناس واعلامهم، والتي كان للنعال فيها دور بارز مشهود! ثم عرجت على ذكر شيء يسير من الاحكام والاداب الشرعية، بل والاخطاء، في باب النعلين والانتعال، وقبل الدخول في صلب الموضوع اود التأكيد على انه لا يلزم من ذكر هذه المواقف والاخبار التاريخية تأييد شيء منها فضلا عن تأييد حوادث اخرى قد تكون مشابهة، وانما الغرض هو الجانب التاريخي فحسب.
/>• الجانب التاريخي: لقد ذكرت المراجع التاريخية الكثير من الحوادث المتعلقة بالاحذية والنعل والقباقب فمن ذلك انه: لما سير الفرنج بنصر بن عباس، احد الوزراء في زمن الدولة العبيدية، إلى القاهرة انشد عندما عاين البلد: بلى، نحن كنا اهلها، فأبادنا... صروف الليالي والجدود العواثر.
/>وخرج الناس عند قدومه إلى القاهرة ليروه فبالغوا في سبه ولعنه، وبصقوا عليه، حتى دخل القصر، وعرض في القفص وقتل، قتله الجواري نخسا بالمسال، وصفعا بالنعال، وقطعوا لحمه.
/>• بلغ شجرة الدر ان زوجها الملك المعز يريد ان يتزوج بنت الأمير بدر الدين صاحب الموصل، فعظم ذلك عليها، فاتفقت مع جماعة من الخدام، على رأسهم احد مماليكه وهو سنجر الجوهري، على قتل الملك، وفي يوم الثلاثاء 23 ربيع الاول عام 655 هـ، دخل الملك المعز الحمام ليستحم، فلما قلع ثيابه وثب عليه سنجر الجوهري والخدام ورموه إلى الارض وخنقوه، وصارت شجرة الدر تضربه بالقبقاب، وهو نعال من خشب، إلى ان مات.
/>قال ابن اياس في بدائع الزهور 1/1/294: ثم ان الامير علي ابن الملك المعز، قبض على شجرة الدر، وسلمها إلى امه، فأمرت جواريها ان يقتلوها بالقباقيب والنعال، فضربوها حتى ماتت.
/>• ولم يسلم الاموات من ذلك الضرب بالنعال، حيث اتفق في دولة المماليك ان السلطان حسام الدين لاجين دفن في تربة بجانب تربة من قام هو بالتآمر للاطاحة بسلطانه وهو العادل كتبغا في منطقة القرافة، فكان اولاد كتبغا يأتون قبره ويضربونه بالنعال ويسبونه، واقاموا على هذا مدة يشفون انفسهم بذلك.
/>• وكما روت كتب التاريخ ان هناك اقواما ضربوا بالنعال، روت ايضا ان هناك على وجه الارض اقواما اقتاتوا جلود النعال، ففي عام 657 هـ نزل التتار على منطقة ماردين فلم ينالوا منها شيئا، فلما رحلوا عنها إلى مدينة ميافارقين، وهي مدينة تاريخية في تركيا، حاصروا اهلها حتى اكلوا بسبب عدم وجود الاقوات جلود النعال التي تلبس في الرجلين.
/>• وذكر بعضهم في سبب موت احد فقهاء الشافعية وهو ابواسحاق العجلوني الدمشقي رحمه الله انه خرج ليلة ليصلي العشاء بمدرسة بلبان على باب بيته، فانفرك به القبقاب، ووقع، فحمل ولم يتكلم، فيقال انه حصل له فالج ومات بعد يومين رحمه الله تعالى.
/>• ومن دقائق وجوه الانفاق في الخيرات التي قل من يتفطن لها ما قام به بدر بن حسنويه ابن الحسين ابوالنجم الكردي من اهل الجبل، حيث كان رجلا مشهودا له بالانفاق على الفقراء والارامل، وكان من ضمن نفقاته انه كان يصرف في كل عام ثلاثة آلاف دينار إلى الاساكفة والحذائين بين همذان وبغداد ليقيموا للمنقطعين من الحج الاحذية ويصلحوها.
/>جانب الآداب والأحكام الشرعية
/>سئل انس بن مالك «اكان النبي يصلي في نعليه»؟ قال «نعم»، وثبت من حديث شداد بن اوس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «خالفوا اليهود، فانهم لا يصلون في نعالهم ولا خفافهم».
/>ولكن الصلاة بالنعلين غير واجبة لحديث عمرو بن شعيب عن ابيه عن جده قال: «رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يصلي حافيا ومنتعلا»، اخرجه ابوداود وابن ماجه، ومن المناسب تقييد هذه السنة بعدم الايذاء، كما في المساجد المفروشة اليوم.
/>-2 عن ابي هريرة رضي الله عنه ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال «لا يمش احدكم في نعل واحدة، ليحفهما او لينعلهما جميعا».
/>ومن لطيف ما يحكى عن سماحة الشيخ عبدالعزيز ابن باز رحمه الله انه سئل عما اذا كانت احدى النعلين في مكان والاخرى قريبة منها فيلبس واحدة حتى يصل إلى الاخرى؟ فأجاب «ان استطعت الا تعصي الله ولو بهذه الخطوة فلا تعصه»، او كما قيل.
/>ثم إن الفعل الوارد في الحديث، أعني الاحتفاء، يراعي فيه الإنسان الوضع والحال الذي يطبقه فيه، كما انه يراعي ما يتبعه من مصالح أو عكس ذلك، ويقول الشيخ يوسف بن عيسى القناعي رحمه الله: «أغلب أهل الكويت في الزمن السالف يمشون حفاة الأقدام وقليل منهم من يلبس النعال، ثم تدرجوا إلى لبس الأحذية بأنواعها».
/>وقد نشرت جريدة «الشرق الأوسط» بتاريخ 4 شوال 1427هـ 26 أكتوبر 2006 العدد 10194 مقالاً كتبه الدكتور حسن محمد صندقجي بعنوان «المشي حافياً يخفف ألم روماتيزم الركبة» ابتدأه بسؤال يقول فيه: «هل سيجعل أطباء الباطنية أو أطباء العظام واحدة من نصائحهم الطبية لمرضى الروماتيزم في مفصل الركبة أو الورك، أن يتخلصوا من أحذيتهم ويمشوا بالتالي حفاة الأقدام، ربما هناك من يقول إن من الأطباء من سيتبنى ذلك مستقبلاً».
/>وفي الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «إذا انتعل أحدكم فليبدأ باليمنى، وإذا نزع فليبدأ بالشمال، لتكن اليمنى أولهما تنعل»، وعن عائشة رضي الله عنها قالت: «كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يحب التيمن في طهوره إذا تطهر، وفي ترجله إذا ترجل، وفي انتعاله إذا انتعل».
/>وقد سمعت فضيلة الشيخ عبدالعزيز السدحان يروي عن أحد مرافقي سماحة الشيخ عبدالعزيز بن باز رحمه الله انه، أعني المرافق، كان أحياناً يتعمد تقديم النعل اليسرى على اليمنى فلا يلبسها الشيخ بل يتحسس رحمه الله الأرض بقدمه اليمنى حتى يقدمها له ذلك المرافق.
/>يشرع لمن يمشي بين القبور خلع نعليه؛ لما روى بشير بن الخصاصية رضي الله عنه قال: «بينما أنا أماشي رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا رجل يمشي في القبور وعليه نعلان، فقال: يا صاحب السبتيتين، ألق سبتيتيك فنظر الرجل، فلما عرف رسول الله صلى الله عليه وسلم خلعهما فرمى بهما».
/>بعض كبار السن يقولون إن قلب الحذاء على ظهرها لا يجوز، حيث انها تقابل وجه الله، فهل ذلك صحيح؟
/>أجاب أهل العلم بأن تحريم قلب الحذاء لا دليل عليه، وإنما يُقام بتعديله مراعاة للذوق العام؛ أو على سبيل التقذر كما جاء في فتاوى اللجنة الدائمة أن «قلب الحذاء بحيث يكون أسفله أعلاه فيه تقذر وكراهة؛ لأن أسفله مما يلي الأرض، فيكون لابس الحذاء يطأ به على الأرض، وقد يطأ به شيئاً من الأقذار».
/>يجوز لمن كان على طهارة وأراد أن يتوضأ أن يمسح على نعليه مسحاً؛ لما ثبت عن علي رضي الله عنه أنه دعا بكوز من ماء ثم توضأ وضوءا خفيفا ومسح على نعليه ثم قال: «هكذا وضوء النبي صلى الله عليه وسلم للطاهر ما لم يحدث».
/>هذا ما تيسر ذكره فإن أصبت فمن الله وإن أخطأت فمن نفسي والشيطان، والله أعلى وأعلم وصلى الله على عبده ورسوله محمد، والحمد لله رب العالمين.
/>محمد أحمد العباد
/>