كان معروفاً عن قاسم سليماني إحاطة تحركاته بترتيبات أمنية فائقة التعقيد، ومع ذلك كان لدى الولايات المتحدة الإحداثيات الدقيقة والمعلومات الكافية لاستهدافه واغتياله.ووفقاً للمعلومات التي رشحت حتى الآن، فإن عملية استهداف وقتل سليماني جرى تنفيذها باستخدام طائرتي درون أميركيتين من دون طيار من طراز MQ-9 Reaper أطلقتا صواريخ R9X على قافلة تتألف من سيارتين لدى مغادرتها مطار بغداد الدولي، ما أسفر عن مقتل سليماني وأبو مهدي المهندس نائب رئيس «الحشد الشعبي»، وهي الميليشيات المسلحة المدعومة من جانب إيران. ولكن يبقى التساؤل، كيف حددت الولايات المتحدة مكان قاسم سليماني بتلك الدقة، وكيف كان السيناريو المحتمل للعملية التي أنهت حياة أهم قائد عسكري إيراني في التاريخ المعاصر؟مبدئياً، وفي أعقاب إعلان البيت الأبيض عن نجاح عملية استهداف سليماني، أجمع قادة ومسؤولون استخباراتيون حاليون وسابقون على أنه من المؤكد أن مثل هذا الهجوم قد اعتمد على مكونات أساسية تكاملت معاً، بما في ذلك: مخبرين على الأرض، وعمليات اعتراض إلكترونية، وطائرات استطلاعية تعمل بلا طيار، وعمليات مراقبة أخرى. ووفقًا لموجز قانوني رفعت وزارة العدل الأميركية السرية عنه، فإنه يجوز للبيت الأبيض (ممثلاً بالرئيس شخصياً) أن يأمر بتنفيذ ضربات بطائرات من دون طيار ضد هدف أو أهداف في الخارج، لكن عليه أن يقدم ما يثبت أنه كان على «يقين شبه تام» من وجود ذلك الهدف في الموقع.ويتفق المحللون أيضاً على أن حقيقة كون الضربة الدقيقة حدثت في لحظة مغادرة قافلة السيارات التي كان فيها سليماني لمطار بغداد تدل على أن الطائرتين الأميركيتين اللتين من دون طيار كانتا بالفعل في «نمط تعليق» في السماء فوق المطار في انتظار لحظة توجيه الضربة.وقال مسؤول استخباراتي أميركي سابق، رفض الإفصاح عن هويته، إنه لا توجد قواعد أميركية في المنطقة مخصصة تحديدا لعمليات الطائرات من دون طيار، لكن هناك ثلاث قواعد لها تاريخ في شن ضربات من هذا النوع.وفي ضوء كون كل الدلائل تشير إلى ما لا يقل عن ساعة ونصف الساعة من التحضيرات والطيران، فإن الاحتمالات ترجح أن تكون الغارة الجوية التي أدت إلى مقتل سليماني كانت جزءاً من عملية متقنة اعتمدت على عمل استخباراتي معقد.وهناك اتفاق واسع أيضاً بين الخبراء والمتابعين على أنه لا يمكن استبعاد دور الاستخبارات الإسرائيلية في رصد واستهداف سليماني. فقد أعلن الجيش الإسرائيلي يوم الجمعة حال استنفار وتعبئة، متوقعا ردا إيرانيا، من دون سبب محدد.وبالنظر إلى أن الولايات المتحدة لم تبلغ البريطانيين مسبقاً بشأن الغارة، فإنه يبدو من المرجح أن الضربة تم طلبها على أساس معلومات تم الحصول عليها في اللحظة الأخيرة حول مكان وجود سليماني. وبالنظر أيضاً إلى ان كان ينبغي التعجيل فوراً بتنفيذ الضربة لدى مغادرة سليماني مطار بغداد الدولي بعد رحلة طيران استغرقت ما يقرب من ساعتين و30 دقيقة من طهران أو زمن أقل من سورية أو لبنان، فإن الأمر يشير إلى احتمال أن مخبراً أو ضابط استخبارات كان جزءاً لا يتجزأ من سلسلة إبلاغ المخابرات الأميركية، بمجرد أن صعد سليماني على متن طائرته التي انطلقت به في طريقها إلى بغداد.وإلى جانب ذلك، فإن حقيقة أن أبو مهدي المهندس، نائب قائد «الحشد الشعبي»، قابل سليماني على مدرج المطار، هو أمر يشير إلى وجود احتمال أقوى لتسريب معلومات عن سليماني من داخل العراق.وتبلغ سرعة «الدرون» 370 كيلومتراً في الساعة، ويتحكم فيها عن بُعد طاقم يتألف من شخصين من على بعد مئات الأميال، وتنفيذ ضربات دقيقة ونقل صور الهجوم إلى القادة في أي مكان في العالم.يذكر أن الطائرة MQ-9 Reaper المعدلة والتي تشتهر أيضا بلقب Ninja، ولها رؤوس حربية ذات شفرات دوارة منبثقة مصممة لتقليل الأضرار الجانبية، تحمل أربعة صواريخ Hellfire R9X، وتبلغ قدرة كل رأس 38 رطلاً وقادرة على تدمير الدبابات، بالإضافة إلى أنها مزودة بقنابل من نوع Paveway. وبدلا من أن ينفجر صاروخ Hellfire R9X، فإنه مسلح بست شفرات طويلة وحادة جدا تنبسط قبيل الارتطام لتقوم بتمزيق أهدافها تمزيقا شبه كامل.