يقدم الإعلامي الكبير محمد ناصر السنعوسي، بين فينة وأخرى إصداراً متميزاً في مختلف المجالات، التي تهم المكتبة العربية، سواء كانت ثقافية أو فنية أو فكرية، أو تلك المتعلقة بشخصيات رائدة، وآخر هذه الإصدارات كتاب «رجل من الزمن الجميل... فهد عبدالرحمن المعجل»، فمن خلال أحد عشر فصلاً أبحر السنعوسي في سيرة هذه الشخصية المؤثرة، بكل ما تحمله من رؤية ثاقبة في مجال التجارة والاقتصاد والإنسانية.ومن خلال سرد يميل - كل الميل - إلى الإبداع الأدبي، إلى جانب أسلوب السيرة الذاتية، طفق االسنعوسي في تناول شخصية المعجل من مختلف الجوانب محللاً كل جانب على حدة، منذ البداية وأيام الصبا، والتربية الأسرية، وصولاً إلى التألق في مجال التجارة، والأعمال الإنسانية.والكتاب يعد من الإصدارات المهمة، بفضل ما يحمله من محتوى يليق بشخصية حملت على عاتقها مسؤولية تطوير العمل التجاري في الكويت، وسعت إلى تأكيد مفاهيم اقتصادية مهمة في المنظومة المالية، كما أن من يكتب عن هذه الشخصية... أيضاً شخصية لها تاريخها المتميز في المجالات الإعلامية والثقافية في الكويت، وساهمت على مدى زمن طويل في تأصيل الرؤية الكويتية في هذه المجالات، من خلال الطرح المتقن، والتفكير السليم في ما يخص مختلف القضايا الفكرية. فالسنعوسي - الذي لا تزال عطاءاته متوهجة بالحيوية - يسعى دائماً إلى إبراز الشخصيات التي لها دور مشهود في نهضة الكويت، وهو سعي كلفه الكثير من الوقت والجهد إلا انه سائر فيه، لما يمثله من أهمية كبيرة في وجدان الجيل الجديد، الذي يريده أن يتعرف على الرواد الذين ساهموا بشكل خلاق في النهضة الكويتية اقتصادياً وسياسياً وثقافياً وإعلامياً، ومن ثم إلقاء الضوء عليها شرحاً وسرداً لسيرها الذاتية، ووصفاً لخطواتها الواثقة على أرض الواقع، وكشفاً لمنجزاتها التي أدت إلى نهضة وتطوير الكويت.ومقدمة السنعوسي تكشف التربية الأسرية التي بفضلها تمكن المعجل من الحصول على مكانته المرموقة، حيث إنه في سن مبكرة عمل في حسابات الفواتير ووثائق البضاعة وغير ذلك من الأعمال التي كان من الممكن أن تقوم بها عمالة والده التاجر الكبير، وأن الأيام أكدت أن ذلك الفعل جاء على سبيل تدريب هذا الفتى على مواجهة المسؤوليات التي سيتحملها في أيامه المقبلة.وبيّن السنعوسي أن مفتاح شخصية المعجل يتمثل في فزعته إلى المحتاج ونصرة المظلوم وإكرام الضيف، التزامه بثوابت الوطن، والطيبة الفطرية.ومن خلال سرده الشيق تناول المؤلف جذور المعجل وهجرة آل المعجل إلى الكويت في العقدين الأول والثاني من القرن التاسع عشر الميلادي، واستقرار رموز العائلة في حي القبلة في فريج الغنيم، ومن ثم تطرق إلى تشكيل الشخصية من خلال أحداث عدة خاضها فهد المعجل في الحياة والعمل لتصقل تجاربه وتتشكل أفكاره ورؤاه، التي ساهمت في بلورة شخصيته التجارية المتميزة.ومن ثم حرص المؤلف على تحليل شخصية المعجل التجارية من خلال تحمله المسؤوليات الكبيرة، بعد رحيل العم عبدالرحمن المعجل، والتي تخص الجوانب التجارية والعائلية، متحدثاً عن مجموعة العجيل التجارية ذات التاريخ العريق والاستثمارات في أوروبا وميديل إيست، والكثير من القصص والحكايات التي سردها السنعوسي بأسلوبه الأدبي، بالإضافة إلى الحديث المستفيض عن أبناء فهد المعجل وديوان العائلة، والدور الاجتماعي والإنساني والثقافي للمعجل، بالإضافة إلى تضمين الكتاب بقصائد كتبت فيه، تصف كرمه وطيبته وأصله وإنسانيته، بالإضافة إلى رصد بعض الآراء والشهادات في حقه لكتاب متميزين. ومن ثم تضمن الكتاب أرشيف صور يحكي هذه المسيرة التي خاضها المعجل وجعلته نجماً من نجوم التجارة و الخير والريادة في الكويت.