امتزج الحديث مع الحكم الدولي السابق في كرة القدم عبدالوهاب البناي حول آخر مستجدات أوضاع اللعبة والرياضة الكويتية، بالذكريات والعِبر والنصائح، في الوقت الذي دعا فيه الى تسريح منتخب الكويت الحالي لتقدم معظم لاعبيه في السن والاستعانة بـ«أزرق الشباب» الذي تألق اخيرا، في التصفيات الآسيوية.كما دعا البناي في حديث خاص مع «الراي»، الى الاقتداء بـ«التجربة البحرينية» والافساح في المجال لخبير عالمي بأن يبني منتخبا جديدا، مشيرا الى ان السبب المباشر لخروج «الأزرق» من «خليجي 24» هو تأثره بالايقاف الخارجي الذي اثر سلبا على مستوى اللاعبين والدوري طوال 3 سنوات.وأكد أن أسباب انحدار مستوى التحكيم الكويتي، ليس محليا فحسب، بل يعود الى ظاهرة عملية أدت الى الاستعانة بتقنية الفيديو المساعدة (VAR)، مشيدا بأداء الحكم الكويتي أحمد العلي خلال «خليجي 24» ومتوقعا ان يحظى الاخير بمستقبل زاهر. ويكتنز البناي الذي شغل منصب نائب مجلس إدارة الهيئة العامة للرياضة وعضوية مجلس إدارة اتحاد كرة القدم من 1968 الى 1974، كنزا من المعلومات والخبرات والمواقف التاريخية النادرة، سرد بعضه خلال الحديث التالي:

• ما رأيك بالوضع الرياضي الحالي وهل تعتبره جيدا؟- الوضع الحالي ليس جيدا على الاطلاق ورياضتنا لم تتعاف حتى الآن، سواء من الناحية الادارية أو الفنية، بل هي تحتاج الى خطط وتوظيف للكفاءات، وهي انحدرت بشكل كبير بسبب فترة الايقاف الدولي الجائر، وبالتحديد كرة القدم.هناك رجالات وكفاءات رياضية ولكنها تحتاج الى افساح المجال لها وتوظيفها في الاماكن الصحيحة، خصوصا من يكتنز منها خبرات ادارية وفنية، ويبدو على سبيل المثال، مجلس ادارة اتحاد كرة القدم الاكثر حاجة لها. كما ان الرياضة فقدت رونقها بفشل معظم الاندية في اللحاق بنادي الكويت في المنافسة على الالقاب، وهي تُسأل عن هذا التراجع، لان الاخير عمل واجتهد فنيا، في حين ان البقية يلزمها ان تكثف من جهودها لتعويض الفارق الحالي.• كلامك يدل على ان الرياضة تفتقد الى جيل يشبه رجالات العصر الذهبي خلال ستينات وسبعينات القرن الماضي، أليس كذلك؟- الى حد ما، رغم ان الوسط الرياضي الحالي فيه الكثير من الرجالات والكفاءات. واذا ما عدنا الى تلك الحقبة، نرى ان الظروف كانت مغايرة لان الخلافات كانت هامشية والتناغم أكبر وأفضل بين الاندية من ناحية العمل الجماعي ومن دون اي تحيز. لقد عشت تلك التجربة بأبهى صورها آنذاك، وبالتحديد منذ العام 1968، ومن خلال مجلس ادارة اتحاد كرة القدم الذي ترأسه احمد السعدون ممثل كاظمة عقب استقالة مجلس عيسى الحمد بعد فشل كأس العرب، وضمْ رياضيين كبار كما كان الحال عليه بالنسبة للاندية. كما تواجد في المجلس براك المرزوق من نادي الكويت وعبدالحميد حسين (اليرموك) وعبدالعزيز الرشيد (السالمية) وموسى راشد (العربي)، وفي مجالس لاحقة رئيس نادي الشباب احمد جعفر والدكتور عبدالحميد مطر (العربي) وعلي ثنيان الغانم (الكويت) ومشاري العنجري وعبدالعزيز المخلد، وقد عملنا مع بعضنا البعض كأسرة ناجحة جدا اسهمت في اخراج دورة كأس الخليج العربي الى النور، من خلال زيارة رئيس الاتحاد الدولي لكرة القدم (الفيفا) الراحل ستانلي راوس الى البلاد عام 1968 حيث استقبلته شخصيا لدى وصوله، حيث اقترح اقامة هذه البطولة، عقب الخلافات بين إيران والبحرين آنذاك، وهو ما ادى الى تشكيل اول منتخبات «العصر الذهبي» على يد مدرب نادي الكويت آنذاك اليوغوسلافي تاديتش، وتأسيس كأس الخليج التي اسهمت في تقدم المستوى بشكل هائل في دول المنطقة.• ماذا ينقص الكرة الكويتية لتتطور؟- اول خطوة هي تأسيس منتخب من الناشئين والشباب والتركيز عليهم مع تسريح جميع المتواجدين حاليا مع المنتخب الاول ومعظمهم تقدموا جدا في السن وتراجع مستواهم بشكل حاد جراء الايقاف الخارجي. كذلك، يتوجب ايقاف المشاركات الهامشية والاقليمية والتركيز على الاحداث الكبرى مثل كأسي العالم وآسيا وتصفياتهما.ولا يمكن ان نتغاضى ايضا عن ضرورة الغاء قرار المحترفين الخمسة، لانه يضر باللاعب الكويتي ويحرمه من فرصة الظهور وتأسيس جيل متكامل في جميع المراكز. واود ان اذكر هنا ان اتحاد الكرة عام 1968، اتخذ قرارا اوقف من خلاله قرار مشاركة اللاعبين المحترفين وكان عددهم اثنين في كل فريق، للافساح في المجال لتأسيس جيل متكامل من الكويتيين، فرأى الجميع كيف تأسست منتخبات «العصر الذهبي» آنذاك.• هل أن هذه الأسباب هي ما أدت إلى خروج «الأزرق» من «خليجي 24»؟- طبعا، ولكن السبب المباشر كان الايقاف الخارجي الذي استمر 3 سنوات وافقد جميع لاعبينا حساسية اللقاءات الدولية وأسهم في تدني المستوى. انا لا أعلق هنا السبب على شماعة الايقاف، بل ان الجميع شاهد كيف انحدر مستوى الدوري لدينا خلال فترة الايقاف واثر سلبا على اداء الغالبية العظمى من اللاعبين. كما أن «الأزرق» كان المنتخب الاكثر ضما للاعبين المتقدمين في السن كمعدل عام، ومن المعروف ان اللاعب لدينا ينتهي عمره الفني الافتراضي بعدما يتخطى سن الثلاثين، بعكس المحترفين.• وكيف يمكن أن تقوم قائمة «الأزرق»؟- لا مانع من الاعتماد على منتخب شاب. علينا ألا نتغاضى عن المستوى الرائع الذي قدمه منتخب الكويت اخيرا، في التصفيات المؤهلة الى نهائيات كأس آسيا للشباب وخرج بفارق هدف واحد امام العراق، وهو برأيي المنتخب القادم، ويجدر هنا افساح المجال له لينافس ويكتسب الخبرة بدلا من الجيل الحالي. كما يجب الاستعانة بخبير عالمي للاشراف على المنتخب حتى لا يقع تحت ضغوط من اي نوع كانت، خصوصا وانني لا اؤيد ان يتسلم المهمة مدرب وطني مع كل احترامي للموجودين، لان الاجنبي يملك خبرات اكثر ولا مانع من ان يعينه وطني كما هو الحال عليه في فترات سابقة.• هل ترى بأن مستوى التحكيم الكويتي في انحدار في الآونة الاخيرة؟- بل ان التحكيم في العالم اجمع انحدر وليس في الكويت. من الطبيعي ان يجر هبوط مستوى كرتنا التحكيم الى هبوط آخر، ولكن المشكلة عالمية بامتياز ايضا. علينا الا ننسى أخطاء الحكام في آخر بطولتين من كأسي العالم 2014 و2018، ما حدا بالاتحاد الدولي الى اللجوء لتقنية الفيديو المساعدة (VAR) التي جعلت من الحكام مجرد رجال آليين وأفقدت اللعبة رونقها الطبيعي.هذه التقنية حمت الحكام وأنصفت الحكام وانا لا أحبذها على الاطلاق، كما هو الحال بالنسبة لزيادة عدد المنتخبات المشاركة في نهائيات كأس العالم التي جلبت الملل وجعلت مستوى التحكيم يهبط أيضا.• هل هناك من الحكام الكويتيين الحاليين من لفت انتباهك؟- اهنئ الحكم أحمد العلي على مستواه الممتاز خلال «خليجي 24»، وهو يُنبئ بمستقبل كبير وواعد، خصوصا وان اخطاءه قليلة جدا وعدد الانذارات في المباريات التي يديرها قليل ايضا، وهو ما يدل على انه يديرها بهدوء واقتدار.

التجربة البحرينية

كشف عبدالوهاب البناي بأن البرتغالي هيليو سوزا اشترط على الاتحاد البحريني لكرة القدم لدى التعاقد معه ان يستعين بـ3 مساعدين، فضلاً عن طلب مهلة لا تقل عن 3 أشهر للوقوف على مستوى الاندية ولاعبيها وتأسيس منتخب.وأضاف: «وافق الإخوة البحرينيون، فبنى سوزا منتخبا بالتوازي مع منحه صلاحيات مطلقة دون انتقاد. فشاهدنا كيف كان يتحكم وبكل شجاعة بتشكيلة من 23 لاعبا افسح المجال لهم جميعا في المشاركة وغيّر تشكيلة كاملة من مباراة الى أخرى، وأحدث ثورة في عالم التدريب، ليحصد اللقب الأول للبحرين بكل اقتدار».