أقيم في إطار الأنشطة الثقافية المصاحبة لمعرض الكويت الدولي للكتاب الـ44، محاضرة تحدث فيها الباحث مازن يوسف عماوي عن «إنجازات معهد تاريخ العلوم العربية في فرانكفورت في خدمة الثقافة العربية والإسلامية»، في حضور الأمين العام للمجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب كامل العبدالجليل والأمين العام المساعد الدكتور عيسى الأنصاري.استهل عماوي محاضرته بإعطاء فكرة مختصرة عن تاريخ العلوم العربية والإسلامية، والتي تشمل جميع العلوم كالفيزياء والكيمياء والطب والرياضيات واللغة، إضافة إلى العلوم الإسلامية والدينية.وأضاف: «نتج عن مرحلة الإبداع الدور الريادي للأمة العربية والإسلامية في جميع مناحي العلوم والتي استمرت ثمانية قرون، وكان هناك ملايين المخطوطات العربية والكثير من الكتب الكبيرة بمئات الصفحات، وهذا الكم يعتبر استثنائياً بسبب ضخامة العدد والذي لا يتشابه مع أي لغة، وهذا يؤدي إلى نتيجة منطقية تفيد في إعادة منطقية ترتيب العلوم وانتقال هذه الثقافة إلى أوروبا، عبر طرق عدة سواء جغرافياً أو تجارياً أو شخصياً عن طريق الدراسة في الجامعات كجامعات الأندلس، وحتى من خلال الحروب الصليبية، وكذلك بواسطة ترجمات الكتب العربية إلى اللغات اللاتينية وغيرها، ثم جاءت مرحلة الركود في العالم الإسلامي بسبب عوامل مختلفة منها الحروب الصليبية، التي كانت مكسبا للغرب وخسارة للعرب إذ استولوا على الكثير من الأماكن التي كانت غنية بالعلوم، ثم غزو التتار وكذلك التأخر في الخط العربي بعدما كان مزدهراً، وتأخر الطباعة، واكتشاف الأوروبيين لرأس الرجاء الصالح».وأشار المحاضر إلى عامل آخر أثرت في تأخر العرب، منها ظهور أمة يافعة وذات طموح كبير في التقدم والتطور «أوروبا الغربية»، ورغم كل ذلك فإن العلوم العربية والإسلامية لم تندثر وإنما هاجرت.وتابع عماوي بقوله إن الأوروبيين عموما يبالغون دوماً بالدور الغربي ويجحفون بحق دور العرب والمسلمين، إلا أن هناك بعض المنصفين المؤرخين في العلوم والمستشرقين الأوروبيين، وكذلك اختراع مفهوم النهضة الأوروبية الحديثة، وربما هذا له شيء من الصحة في مجال الفنون لكن في بقية المجالات ففيه الكثير من الإجحاف.وأوضح عماوي أن لمعهد تاريخ العلوم العربية والإسلامية في إطار جامعة فرانكفورت ظروفاً خاصة ومزايا متعددة من حيث النشأة والتأسيس، وحتى في الإنجازات التي يحققها رغم قلة عدد العاملين فيه، فقد تأسس المعهد عام 1982م، بمساهمة العديد من الدول العربية خصوصا دولة الكويت التي كانت رائدة وسباقة في هذا الأمر مع المملكة العربية السعودية، إضافة إلى مساهمات بعض الدول العربية والمؤسسات كمؤسسة الملك فيصل في المملكة.واستطرد قائلاً: «تبلورت فكرة تأسيسه في فرانكفورت الألمانية برئاسة الباحث والأكاديمي التركي الأصل فؤاد سيزكين، و الغرض من تأسيسه كان نتيجة للتطور التاريخي واللقاءات الثقافية بين العرب والغرب، وظهور محاولات عديدة لفهم العرب والإسلام، وليصبح مركزا وميدانا للنشر والترجمة، وهنا بدأت عملية جمع وحصر المراجع المنتشرة في المكتبات العربية والاسلامية سواء العامة أو الخاصة ومن جميع البلدان، وكذلك ما نشر ضمن أعمال المستشرقين الغربيين وتصنيفها ووضعها بين أيدي الباحثين، فتم إنشاء مكتبة متخصصة وكذلك إعداد أرشيف خاص للمخطوطات العربية، حتى أضحى المعهد ملتقى للباحثين عن المعرفة فمجلدات المكتبة تجاوز عددها خمسة وعشرين ألف مجلد، والمخطوطات بالمئات وهناك أفلام مصورة لحوالي سبعة آلاف مخطوطة».وتحدث عماوي عن مجلة تاريخ العلوم العربية - الإسلامية «كمرجع للباحثين والمهتمين، وكذلك إلى بعض إصدارات المعهد من المخطوطات والمراجع العربية الأصلية للحفاظ عليها ولتكون مرجعاً متاحاً وموثوقاً.كما أشار إلى الخرائط الجغرافية في المعهد والتي لها اهتمام كبير في علم الخرائط والأطالس والتي تعد من إنجازات العرب والمسلمين في المجال الجغرافي وفي علوم الخرائط بالشكل اللائق. وبيّن عماوي أن هذا متحف للآلات العربية، يضم 800 آلة في مجال العلوم والتقنية، وهي مشابهة تماماً للأجهزة والأدوات العلمية التي كان العلماء والصنّاع العرب قد طوروها واستعملوها خلال القرنين التاسع والسادس عشر الميلادي، والتي فقدت نسخها الأصلية منذ زمن طويل، ومنها أشياء كثيرة تبرهن على أن العلوم والتقنية العربية كانت متألقة في وقت كانت فيه أوروبا تغط في سبات عميق. بالإضافة إلى آلات طبية وصناعية وكيميائية وفلكية لكبار العلماء العرب والمسلمين كالبيروني وابن الهيثم وأبي القاسم الزهراوي. وقد ثبت أن خرائط العالم والخرائط الجزئية الأوربية إلى بداية القرن الثامن عشر الميلادي تعود إلى أصول عربية، كما يعمل المعهد ليضم المئات من الآلات العربية.كذلك تحدث المحاضر عن الكتالوج المصور والمؤلف من خمسة مجلدات، والتي نقل ثلاثة منها من الألمانية إلى العربية، وهي الأول: «مدخل إلى تاريخ العلوم عند العرب»، والثاني: «علم الفلك عند العرب والمسلمين» والثالث: «علم الجغرافيا، العلوم البحرية، الساعات، الهندسة، البصريات».وأيضا العمل على إعادة وإنجاز وإعادة تركيب الخريطة المأمونية للعالم وصنع نموذج للكرة الأرضية على أساس هذه الخريطة.كما أجاب المحاضر على أسئلة واستفسارات الحضور ومداخلاتهم مع عرض فيلم توثيقي لبعض إنجازات ومحتويات المتحف والتي لاقت إعجاب الحضور وانبهارهم.
متفرقات
تحدث عن معهد تاريخ العلوم العربية على هامش معرض الكويت للكتاب الـ44
عماوي: يبالغ الأوروبيون في دورهم التاريخي ويجحفون حق العرب
02:34 م