بعد يوم عمل طويل تابعنا منذ صباحه أحداث انعقاد مجلس الأمة وبدء دور الانعقاد الأخير في الفصل التشريعي الحالي، عدا عن متابعة تطورات الأحداث في المنطقة وتحديداً في العراق ولبنان حيث تزداد السخونة بفعل تردي الظروف المعيشية للناس وتراجع القدرات الإيرانية على الدعم المالي والاقتصادي بسبب العقوبات الأميركية المفروضة عليها، وانتهاءً بعشاء فاخر (أنعم الله على من تكلّف) في مطعم إيراني فاخر دارت خلاله حوارات حول التدخلات الإيرانية في المنطقة وكيفية تخطي كل المشاكل من دون المساس بحقنا المشروع في تناول الـ«چلو كباب» المعد من اللحم الطاهر، والـ«دجاج كوپيدة» الذي يعبق بالزعفران الأصلي، والسلطة الشيرازية اللذيذة التي تغلغل السماق الفاخر بين ثناياها فازدادت نطاعةً ولذة.بعد هذا اليوم الطويل والعشاء اللذيذ والنقاشات المغذية للذهن، عدت إلى البيت متأخراً لأجد رفيقة العمر (أم خالد) ونظر العين (أم وفاء) تقلبان في ألبومات الصور القديمة... صور ما قبل الديجيتال الذي نصوّر فيه يومياً عشرات الصور التي لا نحفظها، فتذهب نسياً منسياً مع كل استبدال لهاتف ذكي مصمم أساساً لكي لا يعمر، عدا السقوط والتفلش وتعبئة الذاكرة التي تدفعك كلها ضامنة متضامنة للاستبدال.شاركت رفيقة العمر ونظر العين تقليب الألبومات ووجدت الكثير من الذكريات واستعدت تعريف الصورة بأنها إيقاف للحظة من الزمن!من ضمن ما وجدت من اللقطات، صورة لي قبل 24 عاماً أركب مع ابني البكر (خالد) طيارة في مدينة من مدن الملاهي التي كانت موجودة في الكويت آنذاك، وضعت الصورة على حسابي في «إنستغرام»، لأفاجأ بعد نحو الساعة بكم غير اعتيادي بالنسبة لحسابي من «اللايكات» ومن «التعليقات» دارت في معظمها ما بين التحسر على الكويت التي كان فيها مجموعة من مدن الملاهي، مثل المدينة الترفيهية وشوبيز وملاهي أرض المعارض في مشرف وحديقة الشعب وغيرها، ولم يبق منها اليوم أي مدينة، فكلها أغلقت!الحسرة الحقيقية التي استنبطتها من التعليقات هي أن الكويت (حكومة ومجلساً) تفرغت تفرغاً كاملاً للصراعات السياسية والمعارك البرلمانية الحكومية وانسقنا نحن من ورائهم، ونسي الجميع أن للنشء حقوقه التي يجب أن يأخذها وللطفولة احتياجات يجب أن نوفرها، وأن الطفولة يجب ألا تدفع ثمن صراعات «البي أو تي».للطفولة والأبناء حقوق ومتطلبات أيها السادة، ولكننا تركناهم نهباً للألعاب الإلكترونية ولسياكل توصيل الطلبات من المطاعم التي تتصافق في الفرجان كل ليلة ليأكل أطفال لعبهم إلكتروني ونقاشهم إلكتروني وضحكهم عبر حروف (Lol) التي تكبسها أصابعهم، ثم نشكو سمنتهم وانطوائيتهم وعدم انخراطهم في المجتمع... حتى يأتي لنا مجتمع غريب عنا لا نعرفه... مجتمع غاضب ناقم أنا شخصياً (بديت أشوف مواريه)... واسألوا أي شاب خرج للتو من متابعة فيلم «الجوكر» عن مشاعره الثائرة المكتنزة في قلبه، وستعلمون حينها مدى عظم الجريمة التي اقترفتموها.